لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

غسيل المخ باسم ناعوم تشومسكي

غسيل المخ باسم ناعوم تشومسكي

01:09 م الخميس 03 يناير 2013

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - عماد سيد:

أمر طريف للغاية أن تجلس وتتصفح عشرات المواقع الإخبارية العربية وترى الأصدقاء في التيار اليميني المصري وهم يكبرون ويهللون ويتناقلون تفريغًا لمحاضرة مزعومة ألقاها المفكر الأمريكي الكبير ناعوم تشومسكي في جامعة أمريكية، والأطرف أن تخرج علينا في اليوم التالي مقالات وتحليلات ورؤى لما ورد في محاضرة الرجل.

خلاصة ما تناقلته المواقع الاخبارية أن الرجل تحدث عن ثورة مصر في ندوة بجامعة كولومبيا الأمريكية وأشار إلى أن مصر تواجه ظروفًا سياسية قاسية وتحديات صعبة، بسبب دعم بعض الدول العربية لبعض المعارضين للنظام السياسى الجديد.

وورد في الخبر الذي تناقلته المواقع الإخبارية وبعض الصحف المصرية أن تشومسكي رصد عدة أسباب تجعل دولة مثل الإمارات العربية المتحدة الصديق السابق لنظام مبارك لعداء نظام الرئيس مرسي الحاكم في مصر اليوم، ودعمها للمعارضة ضده وكانت أهم تلك الأسباب أن مشروع تطوير منطقة قناة السويس، الذي يتبناه الرئيس مرسي، سيُصبح أكبر كارثة لاقتصاد الإمارات خاصة إمارة "دبى"، صاحبة الاقتصاد الخدمي الضعيف إنتاجيًا، والذي يعتمد على الموانئ البحرية، مشيرًا إلى أن موقع قناة السويس هو موقع استراتيجي أفضل من دبي الموجودة داخل الخليج العربي، الذي يمكن غلقه إذا ما نشب صراع مع نظام إيران.

وجاء أيضا في تفريغ المحاضرة المزعومة أن حقول النفط في الإمارات تتركز في إمارة أبو ظبي، وأن كل إمارة في دولة الإمارات تختص بثرواتها الطبيعية فقط، ودبي هي أفقرها في الموارد الطبيعية، وتعتمد اعتمادًا كليًا على المشروعات الخدمية، التي تقدمها للغير، ومشروع تطوير قناة السويس سيدمر هذه الإمارة اقتصادياً خلال 20 سنة من الآن، مضيفًا أن الإمارات تربطها علاقات تجارية واقتصادية حميمة مع إيران، فإذا نشبت حرب بين أمريكا وإيران، وسحب البساط التجاري من دبي إلى مصر سيعمل على ترك الإمارات دون غطاء جوي أمريكي عمداً، لكى يتم تدمير مرافقها وتأتي شركات أمريكية، لإعادة بنائه بالأموال الإماراتية المودعة في أمريكا.

وجاء في نص المحاضرة الغامضة التي تم تفريغها أن الإمارات هي الثورة المضادة ضد الجيش السوري الحر والثورة المصرية، حتى لا يتم نجاح التواصل بين تركيا ومصر، وهذا سيؤدي إلى فتح الأبواب التجارية الأوروبية للمنتجات السورية والمصرية، وستصبح الحاجة إلى مشاريع أعمار منطقة قناة السويس هي اللطمة للاقتصاد الإماراتي واختتم الخبر المزعوم بأن تشومسكى قال إنه إذا ما نفذ مرسى هذا المشروع العملاق في منطقة قناة السويس، فإن مصر ستنتقل إلى مصاف الدول المتقدمة اقتصادياً، وقال يجب أن يتم تطوير أنظمة التعليم والثقافة التعليمية في مصر، كي تواكب النهضة المستقبلية.

وفي الحقيقة فإني أحد المتابعين الجيدين لما يكتب الرجل ولما يلقي من محاضرات خاصة من خلال موقعه الرسمي www.chomsky.info ورغم بحثي المضني في موقعه بل وفي الإنترنت كلها إلّا أني لم أقف على نص مكتوب بالإنجليزية أو فيديو لهذه المحاضرة في مكان موثوق أو يعتد به وإنما كانت كلها ترجمات لنص أو محتوى فيديو مجهول وغامض.

وفي الأمر دلالتان:

الأولى: أن الإعلام المصري والصحافة المصرية لا تزال تقع في أخطاء كارثية من هذه النوعية، وهي "الاستسهال" وانخفاض المهنية والنقل عن الآخرين دون توثيق أو حتى إشارة إلى المصدر، فلو أن أحدًا كلف نفسه بالبحث عن المصدر الأصلي للمحاضرة لعرف أنَّ الأمر كله خدعة من البداية، ولعل أيضًا من أبرز مشكلات الصحافة في مصر ذلك الانخفاض الشديد في مستوى إجادة اللغة الإنجليزية لدى الصحفيين إلا من رحم ربي الأمر الذي يشكل عائقًا هائلًا أمام توثيق المعلومات والبحث عنها في أكثر من مصدر خاصة المواقع الأمريكية التي تنشر مستندات رسمية وغيرها.

الثانية : هي ذلك الاحتفاء الجنوني لدى الأصدقاء في التيار اليميني المصري بتلك المحاضرة المزعومة وما جاء فيها، فالمحاضرة ومحتواها يدعم بقوة نظرية المؤامرة الخليجية والإماراتية تحديدًا ضد النظام المصري الجديد كما أنه يؤكد صحة معلومات ذلك المهووس صاحب حساب "مجتهد أبو ظبي" على تويتر الذي ما أن يلقي بكلمة حتى يجد عشرات المفتونين بما يلقي في أدمغتهم دون تفكير ليعيدوا نشره مرة أخرى.

ولمن لا يعلم فإن صاحب هذا الحساب دأب على نشر ما يروج له على أنه معلومات تفيد بتشكيل خلية إماراتية بقيادة أحمد شفيق ويساعده فيها ضاحي خلفان ومحمد دحلان وتهدف إلى العمل على تقويض النظام المصري الجديد من خلال دعم المعارضة بالمال، وربما بالسلاح أيضًا إضافة إلى تجييش البلطجية لنشر الذعر في مصر مع تشويه صورة الرئيس وجماعته والتقليل من إنجازاته تزامنا مع هجمة إعلامية منظمة من خلال عدد من الإعلاميين المصريين الذين يتلقون تدريبات مكثفة في استوديو خاص بالإمارات على كيفية توصيل رسائل الرعب والتشكيك في القيادة المصرية الجديدة، وبالأمس فقط قرر المستشار إيهاب أبو عيطة رئيس نيابة قسم دمنهور تكليف مباحث الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بعمل التحريات اللازمة حول صاحب ذلك الحساب والذي كتب تغريدة على حسابه جاء في نصها "يتم في السفارة الإماراتية تجهيز مجموعة مسلحة لاغتيال كل من الدكتور محمد البلتاجي والدكتور جمال حشمت وحلمي الجزار القادة بجماعة الإخوان المسلمين"  .

ما أود قوله في هذا السياق أن العقلية الجمعية للأخوة في التيار اليميني تسعى سعيًا حثيثًا وراء كل ما يثبت فكرتها بشأن وجود مؤامرة خليجية عربية دولية مريخية تهدف الى إسقاط النظام الذي يدَّعون أنه "إسلامي" وما ذاك إلَّا لتهافت الفكرة التي لم يثبت حتى الآن صحتها ولو بدليل واحد إضافة إلى محاولة تحسين صورة الرئيس الذي قال كلامًا مشابهًا في أحد خطاباته مؤخرًا لنفاجأ بأن النيابة قد أخلت سبيل المتهمين بأحداث الاتحادية لدعم وجود أي أدلة على صحة اتهامهم .

والاستناد إلى أقوال أو تصريحات شخصيات ذات تأثير جماهيري واحترام لدى الناس أمر درج عليه الأخوة في التيار اليميني، فلا زلت أذكر مشاركات الإخوة على صفحاتهم على الفيسبوك وتويتر بأن فلان الفلاني قال نعم للدستور والرياضي الفلاني يشجع الدستور والعالم الفلاني يدعم الدستور من قبيل أن هؤلاء قد بصموا بالموافقة على ما يسمى بالدستور، فهل أنت أحسن منهم حتى تعمل عقلك لتوافق أو ترفض فلتبصم أنت أيضا يا أخي بالموافقة، ليتحول الأمر كله إلى عملية سخيفة من محاولة خلق زخم كاذب يفاجأ به زوار الشبكات الاجتماعية، تمامًا كمحاولة اختراق مواقع التصويت على الإنترنت بشأن أمر ما يتعلق بالرئيس أو جماعة الإخوان لقلب النتيجة بخلاف الحقيقة، فكثير من الناس يحبون أن يكونوا مع المجموع لا أن يقف مع الأقلية حتى ولو كان الأمر ضد قناعاته.

أخيرًا .. رفضنا في "مصراوي" نشر القصة بعد أن عجزنا عن الوقوف على النص الأصلي للمحاضرة المزعومة .. لينك الفيديو لله يا محسنين .. وهنيالك يا فاعل الخير والثواب.

إعلان

إعلان

إعلان