لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أمريكا والإخوان

أمريكا والإخوان

12:11 م الثلاثاء 17 يوليو 2012

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم  د. عمرو الشوبكى
 
أبدى الكثيرون اندهاشهم من هذا الدعم المفاجئ الذى أبدته الإدارة الأمريكية، لجماعة الإخوان المسلمين، ولرئيسها المنتخب محمد مرسى، حتى بدت هيلارى كلينتون وكأنها مبعوثة دعم الإخوان فى المنطقة وتسهيل وصولهم للحكم.
 
فقد أطلقت الوزيرة مجموعة من التصريحات الخارجة عن أبسط قواعد اللياقة منذ إجراء الانتخابات، وطالبت المجلس العسكرى بضرورة أن يسلم السلطة إلى الفائز فى أول انتخابات رئاسية فى البلاد، وأنه من الضرورى أن يفى الجيش بالوعد الذى قطعه للشعب المصرى بتسليم السلطة إلى الفائز الشرعى فى الانتخابات، وأضافت أن بعض ما قامت به السلطات العسكرية خلال الأيام الماضية اعتبر «مزعجاً بوضوح»، مشيرة إلى أنه «يجب أن يتبنى الجيش دوراً مناسباً غير دور التدخل والهيمنة أو محاولة إفساد السلطة الدستورية».
 
وهنا كان موقف الوزيرة الأمريكية صادماً حين اعتبرت حكم المحكمة الدستورية ببطلان مجلس الشعب هو نتيجة ضغوط المجلس العسكرى، متهمة إياه بإفساد السلطة القضائية، رغم أن رد محكمة النقض جاء ليحسم موضوع مجلس الشعب، ويؤكد أنه لايزال فى مصر قضاء محترم ومستقل منذ عقود طويلة حين كانت الولايات المتحدة لاتزال ترزح تحت قوانين التمييز العنصرى.
 
والمؤكد أن تجربة الثورة المصرية غير مريحة للجانب الأمريكى الذى لم يهندس الأحداث مثلما فعل فى كثير من بلدان أوروبا الشرقية، أو فى جريمة العراق ـ التى خلفت ٦٠٠ ألف قتيل ودولة فاشلة ـ فمن قام بالثورة هو الشعب المصرى وشبابه المخلص وليس مندوبى أمريكا المرخصين، ومن حمى الثورة وقاد عملية التحول الديمقراطى المتعثرة هو الجيش الوطنى رغم أخطاء المجلس العسكرى الكثيرة، وليس الولايات المتحدة التى تحاول الآن من خلال دعمها اللا محدود للإخوان المسلمين أن تغير من تلك المعادلة الوطنية بإظهار طرف ولو بالباطل أنه حليف أمين للإدارة الأمريكية.
 
كلينتون مثل كثيرين فى الإدارة الأمريكية لا ترتاح إلى أى تجربة نجاح وطنية حتى لو كانت هذه التجربة لن تقطع علاقتها بأمريكا، ولن تعلن الحرب على إسرائيل، وراغبة فى التفاعل الإيجابى مع أمريكا، فإنها ستظل تذكّرها بفشلها الذريع فى العراق وأفغانستان.
 
ويضاف إلى ذلك أن أمريكا التى تدعم الإخوان فى الداخل راغبة فى أن يدفعوا الثمن فى الخارج، خاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع أمريكا وإسرائيل، وهذا تحد قد يحول التراث النظرى للإخوان فى مواجهة الصهيونية وأمريكا إلى ممارسة عملية فى العكس تماما.
 
فكلما فقد الإخوان حلفاء فى الداخل اضطروا إلى الاعتماد على «إخوة الخارج» وتحديداً أمريكا التى لن تستمر فى دعمهم إلا إذا أجبرتهم على دفع ثمن باهظ فى شكل علاقتهم بإسرائيل وتحالفهم مع أمريكا. إذا نجح الإخوان فى ترتيب علاقتهم الداخلية وأقنعوا غالبية المصريين بأنهم راغبون فى بناء نظام سياسى ديمقراطى، وليس فقط السيطرة على مفاصل الدولة، فإن هذا سيوجد ـ لأول مرة منذ تجربة الوفد قبل ثورة يوليو وعبدالناصر بعدها، ظهيراً شعبياً حقيقياً للسياسة الخارجية المصرية التى يجب ألا تقطع علاقاتها بأمريكا إنما تؤسس لعلاقة شراكة وتفاعل نقدى مع المنظومة العالمية وأمريكا، أما إذا بقيت الأمور على ما هى عليه فسيندهش الإخوان والرئيس المنتخب من التحول القريب فى موقف أمريكا منهما

إعلان