أثريون يعلقون على هدم قصر أندراوس باشا.. ومصدر بـ"الآثار": متهدم ومليء بالشروخ
(مصراوي):
تصاعدت أزمة قصر أندراوس باشا في الأقصر خلال الساعات الماضية، بعدما بدأت عمليات هدمه مساء أمس الأحد، وهو ما فجر ردود أفعال غاضبة بين المتخصصين والأثريين، فيما التزمت وزارة السياحة والآثار الصمت، في حين صرح أحد المسئولين الذي رفض ذكر اسمه أن السبب الحقيقي لهدم القصر هو الحالة السيئة له ما يهدد حياة الأشخاص الذين يمرون بجواره.
وقال مصدر آخر بوزارة الآثار لـ"مصراوي" إن القصر شهد العام الماضي محاولة للتنقيب عن الآثار كونه يقع في حرم معبد الأقصر وجرى القبض على المتهمين وأحيلت القضية للنيابة، ومن ثم صدر حكم قضائي بنزع الملكية للصالح العام ولحماية آثار معبد الأقصر.
من ناحيته قال بسام الشماع المرشد السياحي والمؤرخ المعروف، إن خبر هدم قصر أندراوس باشا في الأقصر تأكد بواسطة مسؤول في محافظة الأقصر، والذي قال إن الهدم يتم بالفعل، وهو موجّه للأثر وليس مجرد رفع رديم أو غيره، مؤكدًا أن "البلدوزر انتصر على الحضارة" حيث يجري هدم القصر وفق ما جاء في بث مباشر لوسائل الإعلام من المحافظة.
وأضاف الشماع في بيان له حول هذا الأمر: "كنا في حيرة منذ الأمس وبين أخبار متضاربة عن أن هناك هدم أم لا، حتى تأكد الخبر بواسطة مسؤول في المحافظة، وهو الأمر الذي يفتقد لأي منطق أو لأي أسباب، ونحن في بلد الترميم التي نفخر بوجودها وبأنها تحوي آثارًا عظيمًا".
وأشار الشماع: "موجة هدم الآثار لم تتوقف عند قصر أندراوس، فقبلها كان هناك تعدي على قناطر أحمد بن طولون النادرة في القاهرة، والتي تهدم جزءً منها، كما هدمت طابية ومسجد الفتح في أسوان، وقيل إن السبب خطأ من قائد البلدوزر، واليوم نرى هدم قصر أندراوس".
وتساءل الشماع: "ما هو السبب وراء الهدم، وما الفائدة من ورائه، وكيف يكون الهدم في مصلحة الآثار التي حول القصر، وأي دراسات التي أدت إلى تلك النتيجة، نحن نعيش اليوم يومًا حزينًا، يومًا نفقد فيه أثرًا جديدًا لن يعود موجودًا بعد الآن وسيختفي معه جزء مهم من التاريخ الملموس لمدينة الأقصر".
ومن جانبه نشر الدكتور سمير غريب رئيس جهاز التنسيق الحضاري الأسبق، على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي، مستندين مهمين وعلق عليهما قائلًا: "بمناسبة ما نُشر اليوم عن هدم قصر أندراوس الثاني في الأقصر بعد أن هدموا القصر الأول عام 2009 (هما توأم) أنشر هنا مستندين وهما الصفحة الأخيرة من اللجنة التي شكلهّا وزير الثقافة وقتها لبحث هدم القصر والتي رفضت بالإجماع الهدم وكان فيها ممثلين عن التنسيق الحضاري والآثار وبرئاسة الدكتور صابر عرب أستاذ التاريخ المعاصر ورئيس دار الكتب والوثائق وقتها، وأوصوا بعدم هدم المبنيين لأنهم يمثلان قيمة تاريخية و معمارية متميزة بما يخضعهما لمواد القانون رقم 144 لسنة 2006، والصفحة الأخيرة من مذكرة د. صابر عرب موقعة بخط يده يرفض فيها الهدم".
وأنشأ توفيق باشا أندراوس القصر في عام 1897 وهو واحد من مجموعة القصور ذات القيمة التاريخية النادرة، وكان يضم مجموعة من القطع الأثرية التي نقلت إلى المخازن الأثرية في الأقصر قبل حوالي 20 عامًا.
وذكر مؤرخون أن توفيق باشا أندراوس استضاف في قصره هذا رموزًا تاريخية وحصل على الباشوية وكانت له مواقف وطنية يذكرها التاريخ إذ كان توفيق عضو مجلس النواب لـ3 دورات متتالية دون منافس منذ عام 1923 إلى 1935 بعد مبايعته لسعد زغلول باسم المسيحيين، وكان يتولى إدارة مؤتمرات حزب الوفد ويتبرع بالأراضي والأموال لصالح خزينة حزب الوفد.
ويذكر له التاريخ تصديه للإنجليز والحكومة حينما استقبل الزعيم سعد زغلول عام 1921 عندما صادرت الحكومة وسلطاتها حرية سعد زغلول في رحلته النيلية ومنعت الباخرة التي يستقلها الزعيم من أن ترسو على أي شاطئ من شواطئ المدن إلا أن صاحب القصر لجأ إلى حيلة شجاعة، واستضاف الزعيم في قصره وقال جملته الشهيرة: "إحنا هنرجع سعد بالقوة وأنا عندي رجالتي". كما استضاف القصر كثيرًا من مشاهير العالم ويتصدر القصر واجهة معبد الأقصر.
وفي يناير عام 2013 عُثر على جثتي "صوفي توفيق أندراوس" 82 سنة، و"لودي توفيق أندراوس" 79 سنة مقتولتين داخل قصرهما، ولا تزال جريمة قتلهما يكتنفها الغموض حتى الآن.
فيديو قد يعجبك: