وكيل الأزهر: نرفض صراع الحضارات.. وتعرضنا لفتن كفيلة بتدمير خطط التنمية
كتب- محمود مصطفى:
قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، إن مؤتمر حوار الأديان والثقافات يأتي في إطار دعوة الرئيس السيسي إلى الحوار الهادف الذي تتضافر فيه جهود الجميع لإعلاء قيم التعايش والتسامح، ومد جسور التفاهم والإخاء، والتصدي لخطاب الكراهية، ونشر قيم العدل والمساواة؛ من أجل تحقيق السلام والاستقرار.
وأضاف الضويني، خلال كلمته بالمؤتمر اليوم السبت، إن اختيار المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية "حوار الأديان والثقافات" ليكون عنوان مؤتمره الدولي الحادي والثلاثين هو أمر موفق يأتي انطلاقًا من الحاجة الملحة إلى ما يحمله هذا العنوان من مضامين، وما يفرضه من تطبيقات؛ خصوصًا في ظل ما يعانيه العالم اليوم من أزمات خانقة أصابت كثيرًا من الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم.
وأوضح وكيل الأزهر أن عالمنا العربي والإسلامي قد تعرض خلال السنوات الماضية إلى فتن كفيلة بتدمير خطط التنمية، وتقويض مسارات التقدم، ومن أكبر الفتن أن صانعي القلاقل استغلوا ضعف الفهم لدى البعض فراحوا يبثون في نفوسهم الكراهية والتعصب الذي يعمي عن رؤية الآخر، فضلًا عن قبول رأيه، مؤكدًا أن الحضارة الإسلامية قد مثلت أرقى حالات التسامح الإيجابي، والتعايش المشترك بين الأفراد والشعوب والأمم على تنوعها في كثير من مجالات الحياة.
وأشار الضويني إلى أن سيدنا عمرو بن العاص لما دخل مصر وجد الرومان قد هدموا الكنائس ونفوا قساوستها، فعمل على إعادتهم إلى مناصبهم وعمارة ما دمر من كنائسهم، موضحًا أن هذه الحضارة الإسلامية بأصولها وتطبيقاتها لا تزال أنوارها مشرقة، ولا تزال قادرة على جمع الناس تحت لواء "المواطنة" التي نطقت بها عمليًّا نصوص القرآن والسنة، والتي تضمن أن يكون التنوع وجهًا من وجوه ثراء الحياة، وليس عائقًا عن التواصل الفعال.
وبين وكيل الأزهر أن التعدد والتنوع -أيًّا كان مجاله- لا يعد مشكلة، ولا ينبغي أن يكون ما دامت المشتركات الإنسانية باقية بين الناس، وستظل هذه المشتركات حبيسة الأدمغة والكتب ما لم تعمل المجتمعات –أفراد ومؤسسات وحكومات- على إيجاد حالة من الحوار الإيجابي الفعال المنتج، موضحًا أن التنوع له غاية أعلنها الله في قوله: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير" (الحجرات: 13)، فغاية التنوع التعارف، والتعارف يقتضي حوارًا يجمع ولا يفرق، يبني ولا يهدم.
وأكد الضويني أن الأزهر يرفض نظرية صراع الحضارات، ويدعو إلى إقامة سلام حقيقي بين بني الإنسان، ويتصدى لاستغلال الدين كأداة لإشعال الفتن بين أبناء الوطن الواحد؛ موضحًا أن الأزهر يتواصل ويتعاون مع المؤسسات كافة؛ لتبادل الرؤى والأفكار حول ترسيخ قيم التعايش المشترك، ونبذ العنف، ومواجهة التطرف، وإرساء دعائم المواطنة، وتبني حوار حقيقي يستثمر التعددية الفكرية والتنوع الثقافي، ويعترف بالهويات والخصوصيات، ويحترم الرموز والمقدسات.
ولفت وكيل الأزهر إلى أن الأزهر الشريف حقق عبر كياناته المختلفة، وأدواته المتعددة نجاحات كبيرة داخل مصر وخارجها في سبيل ترسيخ هذه القيم الإنسانية، فأقام حوارات دينية حضارية، كان لها نتائج ملموسة على الصعيدين الوطني والعالمي، ويأتي في مقدمة هذه الكيانات الأزهرية مركز الحوار بين الأديان الذي استطاع أن يعيد الحوار بين الشرق والغرب كحلقة وصل فعالة، وكذلك "بيت العائلة" الذي برز نموذجًا مصريًّا فريدًا في التعايش والتلاقي بين أبناء الوطن، وأن الهوية المصرية محفوظة بترابط أطياف المصريين إلى يوم الدين.
وأوضح الضويني أن الأزهر الشريف بقيادة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر عقد مؤتمرات متعددة بمشاركة عدد من القيادات الدينية والمفكرين والسياسيين من أنحاء العالم، توجت تلك الجهود الأزهرية بـ"وثيقة الأخوة الإنسانية"، بالتعاون مع الفاتيكان، التي يقدمها الأزهر هدية إلى العالم كله تأكيدًا لرسالة الحب والخير والسلام التي تترجمها علومه، وتنبئ عنها مناهجه.
فيديو قد يعجبك: