في "المُنيرة".. مصراوي داخل أول عيادة للاستشفاء من آثار كورونا (معايشة)
كتب- أحمد جمعة:
تصوير- فريد قطب:
لاحظ الدكتور فاروق مصطفى، مدرس طب الحالات الحرجة بقصر العيني، عددًا من المضاعفات المُصاحبة للمتعافين من فيروس كورونا خلال الآونة الأخيرة، دفعته للتعاون مع مستشفى المنيرة العام بالقاهرة، الذي خصص بدوره أول عيادة في مصر للاستشفاء مما بعد الإصابة بكورونا، وبدأت استقبال المرضى بشكل رسمي بداية من الأسبوع الماضي، يومي السبت والخميس.
كان "فاروق" يجلس داخل العيادة في يومها الأول، بينما أحد المرضى يشرح له أعراضه الحالية "عامل تغيير صمام للقلب، وحاسس بنغزة"، فوجهه لإجراء موجات صوتيّة وبعض الفحوصات الطبية الأخرى، على أن يعاوده من جديد لمتابعته. في تلك الأثناء كان يحوطه عدد من الأطباء يشرح لهم كيف يُصاب بعض المتعافين من كورونا بأعراض "غير مُفسّرة" بعد التعافي.
وبحسب الدكتور حسام حسني، رئيس اللجنة العلمية لمكافحة كورونا بوزارة الصحة، فإن اللجنة اكتشفت أن ما بين 13 : 20% من إجمالي المتعافين من كورونا يحدث لهم جلطات وتليفات في الرئة والتهابات شديدة واكتئاب نفسي عقب التعافي والخروج من المستشفيات.
من خبراته بوحدة شريف مختار للحالات الحرجة وتعامله مع المرضى، يرى "فاروق" أن عدّة أعراض قد تُصيب متعافين من الفيروس "المريض يشتكي من أعراض غير معروفة، مثلًا نفسيتي تعبانة، وعندي همدان وضربات قلبي سريعة، أو ألم في العضلات"، حينها لم يكن هناك تشخيص محدد أو عيادة محددة يلجأ إليها المريض "تعتبر أعراضًا عامة غير محددة تحتاج لعيادة خاصة تجمع كافة التخصصات".
الهدف الأساسي للعيادة النظر في 3 أمور أساسية وفق "فاروق"، أولها تحسين الحالة النفسية للمتعافين والذين يكونون بحاجة أكثر من أي وقت مضى للدعم الكبير، نتيجة التجربة التي مروا بها، والتي لا يتحملها البعض، والثانية معرفة إن كانت أعراضهم ناتجة عن تناول أدوية غير ضرورية خلال فترة الإصابة "ممكن حد يروح لصيدلي يديله 5 أو 6 أدوية دون أن يكون للمريض استفادة من بعضها"، ومن ثمَّ فالكثير من المرضى "مشيوا على أدوية ملهاش لازمة" سببت لهم آثارًا جانبية، مثل بعض المرضى الذين حصلوا على أدوية كورتيزون دون ضرورة صحية.
الأمر الثالث النظر لتحسين الحالة الصحية للمريض، ومدى وجود مضاعفات سببتها الإصابة بـ"كوفيد 19"، مثل زيادة إنزيمات الكبد أو اضطرابات الغدد على سبيل المثال "بنلاقي ناس كثيرة لديها اضطرابات في ضربات القلب وضيق بالتنفس وآلام بالصدر"، وفي البداية يتم إجراء الفحوصات والموجات الصوتية لمعرفة سبب ذلك "الفيروس بيعمل تجلطات في الشرايين التاجية أو الشريان الرئوي، وكل هذه الأمور تحتاج إلى فحوصات".
يقول فاروق: "هدفنا إننا نُدرك المريض ونبدأ نوجهه يعمل إيه؛ الكويس بنقوله تمام، لو فيه مضاعفات نلحقها من بدري بدل ما يصل لمرحلة متأخرة".
ورغم حداثة العيادة بمستشفى المنيرة، إلا أن فاروق يتوقع إقبالًا أكبر خلال الأيام المُقبلة: "جُزء كبير من مرضى كورونا سيتوجهون لأطباء الصدر، وهييجي عند فترة معينة وهيقوله إنت معندكش حاجة في الصدر استمر على الأدوية، لكن هؤلاء المرضى قد تصاحبهم أعراض أخرى "يبدأ المريض يقوله طب أنا عندي وجع في عضلاتي وإنزيمات الكبد عليت واضطراب في الغدة الدرقية وضربات القلب سريعة والسيولة مش مظبوطة، لكن دكتور الصدر هيقوله معرفش!".
لذا، فمن المقرر أن تشمل العيادة عددًا من الأطباء إلى جانب فاروق "هنشتغل على هذا الجزء؛ تخصصات كثيرة في المستشفى تفحص كل مريض"، على أن يتم يوفير أطباء صدر وباطنة وجهاز هضمي ونفسية وأشعة "كل التخصصات هتشتغل؛ لأنه عمل جماعي".
بطبيعة عمل مستشفى المنيرة في استقبال حالات اشتباه بكورونا، فرضت إدارة المستشفى إجراءات احترازية مُشددة داخل الأقسام المختلفة، ومنها عيادة الاستشفاء، خاصة بالنظر إلى احتمالية تعرض مرضى كورونا للإصابة من جديد "وارد يحصل إصابة جديدة للمريض، وبالتالي يجب أن نكون حذرين في التعامل ونرتدي الواقيات الشخصية للجميع، مع الاهتمام بالتنظيف اليومي".
وأوضح الدكتور كريم سلّام، مدير مستشفى المنيرة، أنّه تم توفير كافة المُتطلبات للعيادة الجديدة الرائدة على مستوى مستشفيات وزارة الصحة، إذ يستهدف المستشفى أن يشمل كافة التخصصات التي يحتاجها المريض في أي وقت، وجاءت "عيادة الاستشفاء" لتكون امتدادًا لذلك، ومن بين أهدافها متابعة مرضى ارتفاع ضغط الدم والسكر والأمراض المزمنة الذين تضرروا جراء إصابتهم بكورونا.
في رأي "سلام" فإن عددًا من المتعافين من كورونا بحاجة لمتابعة الأعراض النفسية في فترة ما بعد المرض، وكذلك التخلص من الأدوية غير المفيدة للجسم لتقليص الأعراض الجانبية مع السحب التدريجي لعقار الكورتيزون، وعلاج حالات اضطراب الجهاز التنفسي، ومتابعة المرضى؛ من حيث استقرار العلامات الحيوية ووظائف الجسم بشكل عام.
محمد جمعة أحد هؤلاء المرضى الذين توافدوا على العيادة باليوم الأول لتشغيلها. يشعر بآلام في الصدر لا يعرف سببها "عرفت إنهم هيفتحوا عيادة جديدة وكنت باجي أسأل عليها لغاية ما عرفت إنها هتشتغل يوم السبت"، كانت معرفته بأمر العيادة بحكم سكنه في منطقة السيدة زينب بجوار مستشفى المنيرة.
كان "جمعة" مُخالطًا لوالده المصاب بفيروس كورونا وشعر بعدها بتعب بسيط "قلت آجي أطمئن وعملت التحاليل والأشعة"، خاصة أنه أجرى قبل شهور عملية تغيير صمام للقلب "الدكتور عمل الصح كله، حتى بيسألني على حاجات أنا كنت ناسيها، زي إن جالي روماتيزم من فترة وكان عندي التهاب في المفاصل". يأمل أن تتحسن حالته لكي يستمر في عمله دون انقطاع "بحاول أروح الشغل ومقعدش وربنا يكرمنا".
ممر خاص
لعيادات المنيرة بما فيها "الاستشفاء" ممر خاص لا يرتبط بالاستقبال لتجنب الاختلاط مع حالات الاشتباه بكورونا ضمن الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها المستشفى، وفق الدكتور مهاب منير، مدير العيادات بالمستشفى، ويتطلب الأمر "تذكرة فقط بـ5 جنيهات" ثم يحصل على الخدمة الطبية اللازمة خلال يومي السبت والخميس من كل أسبوع بين الثالثة والخامسة مساءً، بجانب إجراء الأشعة والتحاليل حال احتياجه، وصرف الأدوية التي تتطلبها حالته الصحية.
يقول مُنير إن هذه العيادة ستجمع كل التخصصات التي قد يحتاجها المتعافي من كورونا ويعاني من أعراض أخرى "هذا أمر مهم لأن حالات كثيرة تتوه وسط الأحداث وممكن يتعب تاني، أو يفقد شغله بسبب مرض نفسي"، معتبرًا أن العيادة تستهدف "المساعدة في تأهيل المريض من جديد".
فيديو قد يعجبك: