لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"المصري لدراسات الديمقراطية" يصدر دراسة تحليلية لتعديلات الدستور

12:32 م الخميس 14 مارس 2019

مجلس النواب

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد نصار:
أصدر المركز المصري لدراسات الديمقراطية الحرة، دراسة تحليلية بشأن التعديلات الدستورية وأثرها على التطور الديمقراطي في مصر، والتي فند فيها تفاصيل التعديلات المقترحة من جانب خُمس أعضاء مجلس النواب.
وقسمت الدراسة فئات الجمهور فيما يتعلق بطرح تعديلات الدستور والموقف منها، إلى 3 أنواع على النحو التالي:

الفئة الأولى "الموافقون على التعديل"
بالنسبة لهذه الفئة، فإن الموافقة المطلقة على التعديلات الدستورية هي في نظرهم موافقة مطلقة على استمرار الرئيس السيسي في الحكم لأكبر فترة ممكنة، بما يعني ضمان بقاء هذه الحالة من الاستقرار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لأطول فترة ممكنة، خوفًا من أي اضطرابات محتملة قد تنشأ عبر تداول السلطة، لا سيما في ظل وجود معارضة سياسية مهلهلة تعبر عن نفسها عبر الإساءة لمصر في المحافل الدولية وتعمد إحداث الفوضى في الشارع السياسي المصري من وقت لآخر بهدف إرباك السلطة التنفيذية، دون أن يكون لها أي مشاركة مؤثرة لا في المنافسات الانتخابية ولا حتى في عمليات التنمية.

الفئة الثانية "المعارضون للتعديل"
المعارضون لمسألة تعديل الدستور بشكل مطلق، فهم على موقفهم السياسي المعارض للرئيس السيسي وليس بناءً على قراءة متمعنة في مقترحات التعديلات الدستورية، وهم نفس الأفراد والتكتلات السياسية الذين وصفوا هذا الدستور بعد إقراره في 2014 بأنه دستور معيب وأنه تم "تفصيله على مقاس السيسي ولأجله" وهم الآن يعارضون المساس بنفس الدستور الذي سبق ورفضوه مستخدمين نفس الادعاءات في تناقض غريب لا يمكن تفسيره إلا في إطار المعارضة من أجل المعارضة.

الفئة الثالثة "المترقبون بحذر"
أما الفئة الثالثة، فأغلبهم من الشباب الحالمين بدولة ديمقراطية حرة، الخائفين على ضياع كل ما تحقق من مكاسب في اتجاه بناء الدولة المصرية بعد ثورة يناير، فتجدهم يقدسون الدستور
كأحد المعايير الأساسية التي يقيسون بها التقدم الديمقراطي للدولة، ويظنون أن أي تغيير قد يطرأ عليه هو كسر لهيبة القانون وتهديد لعملية التطور الديمقراطي، وهذا الخوف في أغلبه هو نتاج تراكم خبرات سابقة سيئة تعرض لها هؤلاء الشباب أثناء السنوات الأخيرة من فترة حكم مبارك، وليس لها علاقة مباشرة بواقع الأحداث الآن في مصر.

وأوضحت الدراسة أن نفس حالة الترقب والحذر قد أصابت هذه الفئة أثناء الإعلان عن تطبيق حالة الطوارئ قبل عامين، وظنوا أن الرئيس السيسي يمهد لممارسات قمعية بهذا القانون، نافية صحة كل ما سبق، ومؤكدة تنازل الرئيس السيسي عن الصلاحيات التي يمنحها له قانون الطوارئ لصالح رئيس الوزراء، ليبعد نفسه عن أي شبهة استغلال لهذا القانون لصالحه أو لصالح المنصب الذي يشغله.

وأكدت الدراسة أن هذه التعديلات توفر مزيد من الضمانات لمبادئ الحرية والمساواة وتعيد توزيع أدوات الحكم وصناعة القرار بين مؤسسات الدولة المختلفة بشكل أكثر توازنًا في هذا التقرير، إلا أن الكثير من المعارضين لفكرة تعديل الدستور يصرون على التمسك بهذه المادة كوسيلة لمصادرة حق البرلمان في إجراء التعديلات، حتى أن البعض بالغ في اعتبارها مادة فوق دستورية تلزم الجميع في الحاضر والمستقبل، بينما رد البرلمان بأنها مادة ضمن مواد الدستور تلزم فقط اللجنة التي وضعت الدستور.

الدستور والدول الديمقراطية
ليس خفيًا على أحد - حسب الدراسة- أنه لا توجد دولة غربية، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية وأعرق الدول الأوروبية، لم تقم بتعديلات على دستورها في مراحل مختلفة من تاريخها السياسي، كان آخرها تركيا التي أجرت تعديلات دستورية عام 2014 منحت الرئيس الحالي "رجب طيب أردوغان" صلاحيات غير مسبوقة ووضعت أغلب مفاتيح الحكم في يده، وقلصت من دور البرلمان كأعلى سلطة حاكمة في البلاد، لكن مقارنة مصر بهذه الدول ستكون دائمًا مقارنة غير منصفة.


هل تمهد التعديلات الدستورية لعودة الدولة الديكتاتورية؟
يذهب معارضين لفكرة تعديل الدستور الحالي إلى تضخيم مخاوف مشروعة عند بعض المواطنين من تكرار ما فعله أردوغان في دستور تركيا عام 2014، وما فعله مبارك في دستور مصر في أواخر فترة حكمه، حيث استغل كل منهما حقه في تعديل الدستور ليعطي لنفسه صلاحيات حولت نظام وهذا بالضبط ما يثير حيرة كثير من المواطنين الآن، خصوصًا الحكم إلى نظام ديكتاتوري، الشباب، فهل تهدف التعديلات الدستورية المقترحة إلى تأسيس ديكتاتورية أم هي فرصة جديدة لترسيخ قواعد الدولة الديمقراطية الناشئة في مصر؟

وتتابع الدراسة: "بالرغم من كونه سؤالًا محوريًا، إلا أنه اختصر التعديلات في شخص وصفة رئيس الجمهورية الحالي، وقسم المواطنين والمراقبين بين مؤيد للتعديلات الدستورية من منطلق تأييده للرئيس السيسي، أو رافض للتعديلات الدستورية من منطلق معارضة الرئيس السيسي، بينما في حقيقة الأمر فإن التعديلات الدستورية التي يتجاوز عددها العشرين بين مقترحات تعديل واستحداث مواد، تتجاوز حدود منصب رئيس الجمهورية بكثير".


مزيد من التمكين يساوي مزيد من الديمقراطية
ركزت الدراسة على المواد المقترحة وعلى رأسها زيادة تمكين الفئات الاجتماعية التي سبق تهميشها لعقود طويلة مثل المرأة والمسيحين والشباب وذوي الإعاقة والعمال والفلاحين والمصريين المقيمين
سياسيًا بالخارج.

توزيع السلطات بين مؤسسات الدولة
توضح الدراسة أن المدقق في التعديلات المقترحة على الدستور، سواء فيما يتعلق بالمواد الخاصة بمنصب رئيس الجمهورية أو المواد الخاصة بصلاحيات مؤسسات الدولة الأخرى، سيكتشف أن التعديلات تأخذ من الصلاحيات المكفولة في الدستور الحالي لرئيس الجمهورية ولا تضيف لها، وفي المقابل توسع من أي إدعاء بأن هذه التعديلات تستهدف صلاحيات مؤسسات الدولة الأخرى بشكل كبير، وهو ما ينفي تمامًا إبقاء الرئيس السيسي في الحكم للأبد أو تحويل مصر إلى دولة ديكتاتورية.


صلاحيات سحبتها التعديلات من الرئيس
- توسيع سلطات وصلاحيات مجلس النواب، ومصر دولة يحكمها نظام برلماني يميل إلى الرئاسي، حيث يمتلك البرلمان صلاحيات تفوق السلطة التنفيذية بعماديها، فالمادة 101 تنص على أن مجلس النواب هو سلطة التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.

كما تمنح مواد الدستور للبرلمان حق الموافقة على اختيار الوزراء ومحاسبتهم، ويكفل أيضًا الدستور للبرلمان سلطة سحب الثقة من رئيس الجمهورية في المادة 161 وحق توجيه اتهامات لرئيس الجمهورية بالخيانة العظمى أو انتهاك الدستور وعزله ومحاكمته، كما لم تمس التعديلات المقترحة أي من هذه الصلاحيات الواسعة للبرلمان، بالإضافة إلى ذلك، شملت التعديلات المقترحة على المادة 102 الحفاظ على نفس عدد الأعضاء الحالي في مجلس النواب مع تخصيص نسبة لا تقل عن ربع هذا العدد للمرأة، كما اقترح تعديل نفس المادة، في فقرتها الثالثة، حرمان رئيس الجمهورية من الحق المنصوص عليه في الدستور الحالي بأن "يجوز لرئيس الجمهورية تعيين عدد من الأعضاء في مجلس النواب لا يزيد على 5%.


ورأى المركز أن التعديلات تقلص من صلاحيات رئيس الجمهورية في مقابل مزيد من الصلاحيات لمجلس النواب، وفي المقابل، تقترح التعديلات الدستورية استحداث غرفة عليا للبرلمان تسمى "مجلس الشيوخ" تضم شروط ترشح مماثلة لشروط انتخاب أعضاء مجلس النواب، ويكون لرئيس الجمهورية تعيين ثلث أعضاء مجلس الشيوخ للدور الاستشاري المحدود لمجلس الشيوخ، فلا يمكن اعتبار أن الكتلة المعينة من أعضاؤه بواسطة رئيس الجمهورية ستشكل أي صورة من صور الدعم أو التمكين المؤثر لصالحه حسب إدعاء البعض، حيث تقترح
التعديلات أن تقتصر صلاحيات مجلس الشيوخ على دراسة واقتراح وإبداء الرأي فيما يتعلق بضمان الحقوق والسلام المجتمعي، وبهذا لن يكون لمجلس الشيوخ أي تأثير حقيقي على مجلس النواب، ولن يكون لمجلس الشيوخ حتى صلاحيات تسمح له بالتأثير في السلطة التنفيذية، حيث تنص التعديلات المقترحة على أن "رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء وغيرهم من أعضاء الحكومة غير مسؤولين أمام مجلس الشيوخ".

استقلال القضاء وحصانته
فيما يخص القضاء، اقترحت التعديلات إعادة تنظيم إجراءات اختيار وتعيين رؤساء الهيئات القضائية بما يسمح بدور أكبر لرئيس الجمهورية في هذه المسألة، لكن قيدت دور رئيس الجمهورية في كل من هذه الإجراءات بضرورة أن تتولى المجالس العليا للهيئات القضائية عملية الترشيح والموافقة على أي من شاغلي هذه المناصب الحساسة في المؤسسة القضائية، كما أن أي من التعديلات المقترحة لم يمس مطلقًا مواد استقالا القضاء واستقلال القضاة وحصانتهم ضد العزل واستقلال النائب العام واستقلال المحكمة الدستورية العليا، وتنص بوضوح على أن "التدخل في شئون العدالة والقضاء جريمة لا تسقط بالتقادم".

مهام مضافة على عاتق القوات المسلحة
أما القوات المسلحة فقد أكدت التعديلات المقترحة على منحها صلاحيات تمكنها من إدارة شئونها بما سيصب في النهاية في ضمان الاستقرار طويل المدى للدولة المصرية ككل،وذلك بفضل الدور التاريخي المهم للقوات المسلحة في حفظ ميزان الأمور الأمنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية داخل مصر، فلا يمكن لأحد أن ينكر أن انحياز القوات المسلحة الدائم لإرادة الشعب في مواجهة أي سلطة، وتدخلها في الوقت المناسب لضبط إيقاع التفاعلات السياسية قد أنقذ مصر من مصير مظلم وقع فيه جيراننا في أعقاب ثورات الربيع العربي.

وتابعت الدراسة: "ومن هذه التعديلات أن أصبحت المادة الخاصة بموافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تعيين وزير الدفاع، مادة دائمة بعد أن كانت مادة انتقالية في الدستور الحالي، وبالرغم من أن رئيس الجمهورية يعتبر القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلا أنه لا يستطيع "إعلان الحرب، ولا يُرسل القوات المسلحة في مهمة قتالية إلى خارج حدود الدولة، إلا بعد أخذ رأي مجلس الدفاع الوطني، وموافقة مجلس النواب بأغلبية ثلثي الأعضاء، وإذا كان مجلس النواب غير قائم، يجب أخذ رأي المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وموافقة كل من مجلس الوزراء ومجلس الدفاع الوطني".

وقالت الدراسة: "كما وسعت التعديلات المقترحة من مهام القوات المسلحة إلى جانب مهمتها التقليدية في حفظ أمن البلاد وسلامة أراضيها، لتشمل أيضًا مهمة صون الدستور والديمقراطية والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد، وبالرغم من أن هذا هو الدور البطولي المعهود للقوات المسلحة على مدار تاريخها، وهو الدور الذي نريد كمواطنين أن تستمر القوات المسلحة في تأديته لأبد، إلا أن نص التعديلات المقترحة بهذه الصورة يعرض القوات المسلحة كمؤسسة مستقلة لأضرار محتملة لا تقتصر فقط على شئونها الداخلية ولكن تمتد للإضرار بعلاقات القوات المسلحة مع حلفاء مصر حول العالم، حيث تتلقى مصر مساعدات عسكرية واقتصادية سنوية من الولايات المتحدة الأمريكية في إطار البرنامج الأمريكي المشترك بين وزارة الخارجية ووزارة الدفاع الأمريكيتين الخاص بتقديم المساعدات العسكرية للدول الأجنبية، سواء في صورة معدات أو تدريبات، وهذا البرنامج تحكمه مجموعة
من القوانين، أشهرها قانون "ليهي" بنسختيه العسكرية والدبلوماسية، والقانون العام الأمريكي، وبعض اللوائح الخاصة بلجنة الاعتمادات في الكونجرس فيما يتعلق بالمساعدات الأجنية،
وبعض لوائح وزارة الخارجية الأمريكية ووزارة الدفاع الخاصة بالمراقبة على أوجه استخدام المساعدات، وجميع هذه القوانين واللوائح يحظر تقديم الولايات المتحدة المساعدات العسكرية أو الاقتصادية إلى أي دولة تمارس فيها القوات المسلحة سلطة سياسية دائمة بما يتنافى مع المبدأ الأمريكي المعروف بشأن التزام القوات المسلحة بالسيادة العليا للحكم المدني في إطار الدولة الديمقراطية، وهذا يتناقض بوضوح مع نص التعديل المقترح والذي يفرض على القوات المسلحة المصرية ممارسة العمل السياسي بشكل متواصل، وليس في أوقات الأزمات فقط، كمهمة إضافية يضعها الدستور على عاتقها، تضاف إلى مهام الجيش.
منصب رئيس الجمهورية
أشارت الدراسة إلى أنه فيما يخص التعديلات المقترحة بشأن فترات الرئاسة والسماح لرئيس الجمهورية الحالي بإعادة الترشح بعد انقضاء مدته، فإنها لا تخدم الرئيس السيسي ولا تضمن بقاؤه في السلطة للأبد، فقد نص التعديل المقترح على زيادة فترة الرئاسة الواحدة من أربع إلى ست سنوات، دون أن يمس بإمكانية بقاء الرئيس في السلطة لأكثر من مدتين رئاسيتين فقط.

فيديو قد يعجبك: