لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"العيب من التخطيط".. لماذا غرقت الطرق والمدن الجديدة "في شِبر ماية"؟

06:30 م الخميس 26 أبريل 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - علياء رفعت:

تحذيراتٌ متوالية أطلقتها هيئة الأرصاد منذ بداية الأسبوع الحالي، لتُنذر فيها بهطولِ أمطارٍ غزيرة، ولكن تلك التحذيرات لم تلق صدا باستعدادٍ على قدرها، ليُفاجئ المصريون أول أمس بغرق شوارع المدن والمناطق السكنية الجديدة، وانسداد الكباري والطرق الرئيسية كـ(الطريق الدائري)، الأمر الذي أدى إلى شلل تام وتوقف حركة المرور، ليقضي الكثيرون ليلتهم بين الطرق المتكدسة عاجزين عن التحرك، أو في بيوتهم ممنوعون من الخروج.

"مصراوي" حاول الوقوف على الأسباب التي أدت إلى غرق مُدنٍ جديدة لم يمر على انشائها سوى عشرات الأعوام مثل (القاهرة الجديدة، التجمع الخامس، مدينة 6 أكتوبر، العين السخنة)، وشلل طُرقٍ حديثة أسِست لتربط محافظات ببعضها البعض وتسهل حركة السير، بينما جعلها هطول الأمطار أشبه بالمصيدة حُبٍس فيها المواطنون لساعاتٍ طويلة.

2018_4_26_18_29_45_697

على الطريق الدائري، قضي الكثير من المواطنين ليلتهم أول أمس محبوسين في سياراتهم بفعل المطر دون القدرة التحرك أو وصول أي من الاسعافات وتلبية نداءات الاستغاثات المتواصلة لهم. بين الجوع وبرودة الجو جلسوا ينتظرون انفراجة تتنشلهم من طريق بدا لهم غير مؤهل لمثل تلك الحالات من التغيرات المناخية واردة الحدوث برغم تأسيسه منذ 13 سنة فقط، حيث تم افتتاحه عام 2005.

الأمر ذاته تؤكده الدكتورة سهير حواس، أستاذ الطرق والهندسة بكلية التخطيط العمراني، والتي تؤكد أن أغلب الطرق غير مؤهلة تمامًا للتعامل مع الحوادث الطبيعية والبشرية لأسباب عدة، فبعض الطرق لا يوجد بها مخرات للأمطار والتي تؤسس بنظام مختلف تمامًا ومنفصل عن الصرف الصحي، ويتكلف تنفيذ ذلك اموال باهظة، ولكن بحسب حواس تلك الأموال يجب النظر إليها على أنها مُدخرات توفر ازهاق الأرواح مستقبلًا وتُيسر التعامل مع مشكلات التكدس في حال سقوط الأمطار.

"إذا كان في إمكانية لنزول مطرة لمدة يوم، لازم نتعامل مع فكرة تأسيس الطرق انها هتسقط كل يوم".. تقولها حواس شارحة الطريقة التي يجب التعامل وفقها مع فكرة انشاء الطرق والكباري، والتي يجب أن تكون مؤهلة لذلك منذ اقتراح فكرة التنفيذ، والتي تُشير إلى كونه عملية تتخذ مراحل عدة أهمها المراقبة على الجودة وما بعد التجريب.

وتُشير حواس إلى أن هاتين المرحلتين هما عصب التأكد من إمكانية مواجهة أى كارثة طبيعية أو بشرية، حيث يجب أن تتولى تلك المشاريع مع الشركات الهندسية شركات عالمية للتأكد من تطبيق معايير الجودة لضمان السلامة، ولا يتم الانتهاء من الحسابات المادية مع الشركة التي تقوم بالتنفيذ إلا عقب مرحلة ما بعد التجريب للتأكد من جاهزية الطريق أو الكوبري الذي يتم بناءه.

"الثقافة المصرية لا تستوعب كيفية التعامل مع الحوادث الكبرى" تلك هي مشكلة أخرى تؤدي إلى تفاقم الأمر حسبما توضح حواس، التي تقول: كُل طريق يحوى على الأقل حارتين "يمنى ويسرى"، وفي حال وقوع حادث أو كارثة طبيعية يجب على المواطنين إخلاء الحارة اليسري بشكل فوري لكي تتمكن قوات الحماية المدنية، وسيارات الشرطة، والإسعاف من الوصول إلى المتضررين وانقاذهم.

هذه القواعد الخاصة بالمرور لا يعرفها الكثيرون وهو خلل جسيم بحسب حواس، والتي ترى أنه لا يجب أن يمنح أى شخص رخصة قيادة إلا إذا تم اختباره فيها كما يتم اختبار قدرته على القيادة "ساعتها هنوفر على نفسنا وقت وهننقذ الناس من كوارث أكبر ممكن تحصل من غير ما نقدر نسعفهم".

2018_4_26_18_28_57_276

تُشير الأرقام والتواريخ إلى أن مدينة "القاهرة الجديدة" أنشئت بقرارٍ رئاسي عام 2000، أي قبل 18 عامًا فقط، إلا أن هطول الأمطار القوية يعصف بالعديد من المناطق داخلها بشكلٍ مستمر، مما يثير تساؤلًا دون إجابة واضحة في أذهان المواطنين: كيف أسست مدينة كبيرة كتلك -يُفترض أنها للتجمعات الراقية بتكلفة باهظة في أسعار وحداتها- دون أن يتم تجهيز البنية التحتية الخاصة بها لمواجهة الأمطار والسيول المحتملة؟!.

التأكد من مدى صلاح المناطق الصحراوية للبناء والتعمير طبقًا لعوامل الجو والتربة والتعرية هو بداية إجابة تلك التساؤلات، بحسب الدكتور مصطفى الدمرداش، رئيس المركز القومي لبحوث الإسكان والبناء سابقًا، الذي يشير إلى أن البناء في مصر لا يتم وفق المعايير العالمية التي تسبقها العديد من الدراسات المتخصصة في نوع التربة واستطلاع المناخ، مع الاطلاع على التاريخ البيئي والمناخي للمنطقة المقرر فيها إقامة المدينة.

"كل تكلفة باهظة هي استثمار لا يقدر بثمن وقت حلول الكارثة" هكذا يرى الدمرداش، مُشيرًا إلى أن التجمعات السكنية الجديدة برغم تكلفة بنائها العالية والتكلفة الباهظة التي يتكبدها المواطنون للسكن بها؛ لم يتم عمل دراسة مسبقة لبنائها بشكل جيد لتجهيزها وفق متطلبات البيئة التي يتم البناء بها.

توفير نفقات تلك الدراسات وعدم تطبيقها على أرض الواقع هو الذي يتسبب في حدوث العديد من الكوارث مثل تشققات الأسقف، وغرق الشوارع لدى هطول الأمطار، كما يوضح درويش، مُشيرًا إلى أن الكارثة لم تنته بعد، ولن تنتهي إلا بوجود حلول جذرية تقضي بتطبيق تلك الدراسات العلمية على إنشاء المدن مُستقبلًا، وبدء إعادة النظر إلى أوضاع المُدن الجديدة بشكل علمي يوفر مصدات للرياح ومصارف للأمطار وتجهيزها وفق كُل المتغيرات التي قد تتسبب في إهدار الحيوات أو الحيلولة دون مواجهة الأزمات دون حدوث أضرار.

فيديو قد يعجبك: