علماء الأزهر يحذرون من تحديات جسيمة تواجه لغة القرآن الكريم
القاهرة - (أ ش أ):
أكد العلماء المشاركون في المؤتمر العلمي الثاني لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، المنعقد حاليًا بالقاهرة، أن لغة القرآن الكريم تواجه تحديات جسيمة تتطلب تضافر جهود جميع أبناء الأمة العربية والإسلامية من أجل مجابهتها في ظل عالم يموج بتحديات كبيرة وعولمة متوحشة تلتهم الأخضر واليابس في طريقه.
وقال الدكتور محمد عبدالفضيل القوصي وزير الأوقاف الأسبق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، "إننا اليوم في أمس الحاجة إلى تضافر جهود أبناء الأمة العربية والإسلامية، خاصة وأن حصون العروبة تكاد أن تندثر في ظل الهجمة الشرسة التي نتعرض لها".
وأضاف عبد الفضيل: "لم يتبق لنا من هذه الحصون سوى حصن اللغة العربية الذي يتعرض هو الآخر لتحديات جسام تكمن في استخدام اللغة العامية وتارة بإساءة استخدامها وأخرى من خلال تعلم لغات عدة غير العربية والانعكاس السلبي لهذه اللغات على تلك اللغة لغة القرآن الكريم، لذا فإننا مطالبون جميعا بالوقوف صفا واحدا والتكاتف من أجل الحفاظ على لغتنا الجميلة لغة القرآن الكريم".
من جهته، قال الدكتور محمود كامل الناقة نائب رئيس المؤتمر "إن اللغة العربية تحتاج منا جميعا أن نوليها رعاية واهتمامًا في حياتنا اليومية حتى نرتقي ونرتفع بها"، مضيفًا: "إن اللغة العربية اليوم في مفترق طرق سواء لأبنائنا نحن العرب أو لغير أبنائنا من الناطقين بغيرها".
وأوضح الناقة أن اللغة العربية لها ذوق خاص وجمال روحي وإذا تكلم بها الإنسان سكنت جوارحه ووصلت إلى القلوب والأفئدة والأرواح إضافة لما تحمله من جمال الفكر الإسلامي وجمال آيات القرآن الكريم التي تتناغم فيها الآيات تلو الأخرى، منوهًا بأن اللغة العربية لها سحر خاص عن غيرها من سائر اللغات فهي العمود الفقري لعقل المتحدث، مشيدًا في الوقت ذاته بجهود الأزهر الشريف والرابطة العالمية لخريجي الأزهر ومركز الشيخ زايد في سبيل الحفاظ عليها وتنميتها من الاندثار.
من جانبه، قال الدكتور محمود عبده فرج مدير مركز اللغة العربية ومقرر عام المؤتمر إنه لا يخفى على أحد أن الأزهر الشريفَ يُعَدُّ أبرزَ المؤسسات الدينيةِ والمراكزِ العلميةِ التي اهتمت وتهتمُّ بنشرِ الثقافةِ الإسلامية واللغةِ العربيةِ لجمهورِ المسلمينَ سواءٌ من الناطقين بالعربيةِ أم من الناطقين بغيرها، مشيرًا إلى أنه ومنذ إنشائه يؤمه كثيرٌ من أبناء المسلمين من أنحاءِ العالمِ ويَقصِدونَه بهدفِ تعلمِ اللغةِ العربيةِ والعلومِ الإسلامية وتنظرُ إليه الدولُ الإسلامية نظرةَ إجلالٍ وتكريمٍ باعتبارِه منارةَ الإسلامِ ومصدرًا أساسيًّا لتعليمِ اللغةِ العربيةِ لغةِ القرآنِ الكريمِ.
وشدد فرج على أن تعلمَ اللغةِ العربيةِ من قِبَلِ المسلمينَ غيرِ العرب يعدُّ واجبا دينيا إذ يرتبطون بهذه اللغةِ ارتباطًا دينيًّا وعقدِيًا من أجلِ تلاوةِ القرآنِ الكريمِ وفهمِ آياتِه ومعرفةِ أسرارِه وأحكامِه وإتقانِ شعائرِ الإسلامِ كالصلاةِ وذكرِ الله تعالى والدعاءِ بما وردَ عن النبي "صلى الله عليه وسلم" ومعرفةِ الفكرِ الإسلامِي المستنيرِ والجوانبِ المختلفةِ المضيئةِ في الحضارةِ الإسلامية وتأثيرِها في الحضاراتِ العالميةِ.
وأشار إلى أن الإمامُ "الشافعيُّ" أفتى في كتابهِ "الرسالةِ" بأن تعلمَ العربيةِ فرضٌ على كلِ مسلمٍ - عربيًا كان أم أعجميًا - كما أَفتَى بذلك وأكَّدَه " الإمامُ الشَّاطِبيُّ" في كِتَابَيه "الاعتصامِ" و "الموافقاتِ"، كما رُوِىَ عن مالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ كراهيةُ التخاطبِ بغيرِ العربيةِ إلا لحاجةٍ .
وقال "إنه استجابةً لهذه التعاليمِ ومن واقعِ المسئوليةِ الدينيةِ فقد رأى فضيلةُ الإمامِ الأكبرِ شيخُ الأزهر أن من واجبِ الأزهر إنشاءَ مركزٍ لتعليمِ اللغةِ العربيةِ لغيرِ الناطقين بها، ليقومَ بمهمةِ تعليمِ العربيةِ الفصحَى لأبناءِ المسلمينَ من مختلفِ دولِ العالمِ من الناطقين بغيرِ العربيةِ، فكان هذا الصرحُ العملاقُ الذي نحن بمقرِّه الآن".
ومركزُ الشيخِ زايدٍ لتعليمِ العربيةِ لغيرِ الناطقينَ بها بالأزهر الشريفِ هو مركزٌ عالميٌّ لتعليمِ الفصحى لغيرِ الناطقينَ بها طبقًا لمعاييرِ الجودةِ العالميةِ لتعليمِ اللغاتِ الثانيةِ، ويوفرُ أفضلَ العناصرِ مِنْ الهيئةِ التدريسيةِ والخبراءِ المؤهلينَ لتنفيذِ أحدثِ المناهجِ والموادِ التعليميةِ وتطبيقِهَا باستخدامِ أفعلِ مداخلَ للتدريسِ وطرائِقِهِ وفنياتِه، وتفعيلِ الوسائطِ والتقنياتِ التعليميةِ الحديثةِ، وذلك استهدافا لتمكينِ الدارسينَ من اللغةِ العربيةِ استماعا وتحدثا وقراءةً وكتابةً بالمستوى الذي يؤهلُهم للدراسةِ بالأزهر الشريفِ وللتواصلِ باللغةِ العربيةِ مع أبنائِها في شتى مجالاتِ النشاطِ الإنسانِي.
يذكر أن المؤتمر العلمي الثاني لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها تنظمه الرابطة العالمية لخريجي الأزهر برعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف ورئيس مجلس إدارة الرابطة تحت عنوان "اختبارات قياس مهارات اللغة العربية لغير الناطقين بها تجارب وإنجازات" ويستمر لمدة يومين.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: