نافعة: أخطاء الإخوان المسلمين في حكم مصر لا تعد ولا تحصى
عمان- (أ ش أ)
أكد الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة على أن الإخوان المسلمين ارتكبوا خلال فترة حكمهم لمصر أخطاء لا تحصى ولا تعد ، قائلا ''لقد أتيحت لهم فرصة هائلة كي يصبحوا جزءا من نسيج المجتمع المصري بل وتيارا قائدا له لو أنهم كانوا قد فهموا ما جرى في الثورة أو تحالفوا مع القوى الثورية لكنهم للأسف الشديد لم يغتنموها''.
وقال نافعة – في مقابلة مع مراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط في عمان على هامش مشاركته في مؤتمر (الإسلاميون في الحكم .. قراءات في خمس تجارب) الذي اختتم أعماله أمس الاثنين في عمان – ''إن الإخوان المسلمين في مصر أصيبوا بالغرور بشكل واضح جدا وأصروا على أن يحكموا وحدهم ووفق مشروعهم الخاص كما اعتبروا أنفسهم الأنقى والأصح والذين يملكون ناصية الحقيقة ؛ وهو ما أدخلهم في متاهات''.
وأشار إلى أن أكبر خطأين ارتكتبهما الجماعة يتمثلان في إقدام الرئيس محمد مرسي على إصدار الإعلان الدستوري والذي جمع فيه بين كل السلطات وحجم قدرة السلطة القضائية على العمل وحصن جمعية تأسيسية لم تكن تحظى بتأييد شعبي حقيقي ، قائلا ''إن هذا التحصين كشف عن نية حقيقة لدى الإخوان تتمثل في فرض دستور إخواني أو يعبر عن تيار الإسلام السياسي وليس دستورا توافقيا ولذلك خرجت جموع المصريين بشكل تلقائي عقب صدور الإعلان الدستوري وتشكلت جبهة الإنقاذ''.
وقال ''إن الخطا القاتل والأكبر هو حضور مرسي لمؤتمر نصرة سوريا الذي انطلقت فيه دعوات جهادية وطائفية وبدت مصر وكأنها قد خطفت لصالح التيارات الأكثر تطرفا في فصائل الإسلام السياسي وأن يعلن خلاله قطع العلاقات الدبلوماسية دون التشاور مع وزير الخارجية المصري وأن يطلق العنان لخطاب طائفي تحريضي ضد الشيعة''، لافتا إلى أن هذه المشاركة أعطت انطباعا بأن الجماعة قررت التحالف مع الفصائل الأكثر تطرفا وترك كل قوى الثورة التي أوصلتها إلى الحكم.
وحول الانتخابات البرلمانية القادمة..قال نافعة ''إن الانتخابات وتشكيلة البرلمان القادم ستكون كاشفة بالضبط لما يجري على أرض الواقع المصري ، وما إذا كنا سندخل مرحلة جديدة من مراحل الاستقطاب والصراع غير القابل للحل أما أننا سندخل في بداية عملية سياسية تسمح بلم الشمل والبحث عن صيغة تمكن الجميع من الانخراط في ممارسة النشاط السياسي بمصر''.
وشدد على أن مصر في أمس الحاجة للم الشمل ، لأنها لا تستطيع أن تعمل بنصف أو ربع المجتمع ولكن المطلوب هو أن تعمل بكل طاقتها لأن التحديات كبيرة ومهمة..معربا عن تمنياته في أن تتيح الانتخابات البرلمانية القادمة فرصة لرؤية سياسية تسمح بمشاركة أكبر عدد ممكن من القوى السياسية وأن يعبأ المجتمع كله لمحاربة من يحمل السلاح فقط أما من لدية رؤية مخالفة ولا يحرض على الفتنة الطائفية فيجب أن يشارك بشكل نشط وأن تعطى له الفرصة كاملة لكي يلعب دوره كاملا.
وقال ''في تقديري الشخصي أن أعداء الوطن هم فقط من يجرؤ على حمل السلاح في مواجهة الدولة ، ومن يثير الفتنة الطائفية ، ويقوض الوحدة الوطنية المصرية ، ومن يمارس هذا أيا كان موقعه يجب أن يتنحي ويجب على الدولة أن تسن التشريعات التي تحرمه من ممارسة النشاط أما فيما عدا ذلك فيجب أن يكن لديها من سعة الصدر ومن الآليات ما يسمح للجميع بالمشاركة في صنع مستقبل الوطن''.
وأضاف نافعة ''إن مرسي لم يدرك أنه نجح بأصوات ليست أصوات تيار الإسلام السياسي ، وأنه كان يتعين عليه أن يصبح رئيسا لكل المصريين ، ولكن يبدو أن دور مكتب الإرشاد كان أقوى بكثير من دوره''..لافتا إلى أن مجموعة صغيرة وهي الأكثر تطرفا والتي تعرف باسم المجموعة القطبية هي التي سيطرت على مكتب الإرشاد.
وتابع ''أظن أن هذه المجموعة القطبية هي التي أصرت على الترشح لرئاسة الجمهورية في الوقت الذي كانت الحكمة تقتضي من الإخوان الاكتفاء بالتواجد داخل السلطة التشريعية وأن تبعد قليلا عن سلطة الرئاسة وألا تقدم مرشحا على الإطلاق ، وأنها لو كانت قد فعلت ذلك لأصبحت جزءا رئيسيا ومهما ومساندا للتحول الديمقراطي في مصر''.
وأشار إلى أن الجماعة تسببت في إعاقة التحول الديمقراطي في مصر ولو أخفقت التجربة الديمقراطية فسيكونون هم السبب الأساسي في إخفاقها..قائلا ''أظن أنه آن الآوان لكي تقوم الجماعة بمراجعة حقيقية لكنني أعتقد أن شروط القيام بهذه المراجعة ليست متوافرة على أرض الواقع''.
وقال ''إنه يتعين على شباب الإخوان أن يقوم بدور في الدفع باتجاه تقييم ما حدث والاعتذار عن الأخطاء إذا كان هناك ما يوجب الاعتذار''، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة تصحيح سياسة الإخوان إذا كانوا يريدون أن يلعبوا دورا في المستقبل وإلا سينتهي دورهم تماما.
وأعرب نافعة عن خشيته في أن يصبح الوضع السياسي غير قابل لمشاركة فعالة وحقيقية لدرجة تدفع بشباب الإخوان الذين لا يتبنون أفكارا متطرفة ولا يحملون السلاح أبدا أن يتحولوا إلى إرهابيين حقيقيين وأن ينخرطوا في التنظيمات الأكثر تطرفا مثل (داعش والنصرة) وغيرهما ''وهذا سيكون بداية لخراب الوطن وأتمنى ألا يحدث
وحول تجربة الإسلاميين في تونس والمغرب..رأى نافعة أن التجربة التونسية في الحكم هي الأفضل نسبيا مقارنة بكل التجارب التي انطلقت فيها ما يسمى بثورات الربيع العربي ، قائلا ''أظن إن الأخطاء التي وقع فيها الإخوان في مصر وما أدت إليه من ثورة عليهم وإزاحتهم عن السلطة ساعد حركة النهضة في تونس على أن تتلافي أخطاء مماثلة كان يمكن أن تقع فيها كما أن حالة الاحتقان والاستقطاب السياسي قد انتهت والكل يؤمن بضرورة تداول السلطة من خلال الانتحابات''.. منوها بأن تونس تعطي نموذجا للحل الديمقراطي في العالم العربي.
وفيما يتعلق بالتجربة المغربية..أجاب نافعة بأنها تلي التجربة التونسية من حيث قدرتها على السير قدما نحو التحول الديمقراطي دون الحاجة إلى ثورة أو هزات عنيفة ، منوها بأن الإصلاحات التي شهدتها المغرب تنم عن ذكاء العاهل المغربي الملك محمد السادس وصحة رؤيته في ضرورة المسارعة بها للتخفيف من حدة الاحتقان وفتح الباب أمام التحول الديمقراطي.
وأعرب عن اعتقاده بأن الطرح الإسلامي داخل المغرب هو طرح معتدل يمكن أن يساعد على تسديد دعائم الديمقراطية ومحاصرة التطرف لكن لايزال العاهل المغربي يمتلك سلطات واسعة جدا ، كما أن المغرب لم تتحول بعد إلى ملكية دستورية وبالتالي فإن الطريق أمام نظام ديمقراطي كامل فيها لايزال طويلا.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: