لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

نص كلمة مصر خلال مؤتمر جنيف 2 حول الأزمة السورية

02:30 م الأربعاء 22 يناير 2014

نص كلمة مصر خلال مؤتمر جنيف 2 حول الأزمة السورية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب – سامي مجدي:

ألقى وزير الخارجية نبيل فهمي كلمة مصر في مؤتمر جينيف 2 بشأن الأزمة السورية، أكد فيها أن المؤتمر فرصة لتحقيق السلام في سوريا من خلال حل سياسي.

وطالب فهمي في كلمته ممثلي الحكومة السورية بأن يكونوا جادين في التوصل إلى حل يقي الشعب السوري استمرار المأساة التي يعيشونها ويحول دون تدهور الوضع الإقليمي واتجاهه نحو صراع مذهبي.

وجاء نص الكلمة كالتالي:

''معالى السكرتير العام،

معالى الوزراء،

السيدات والسادة الحضور،

اسمحوا لي أن أبدأ بالتعبير عن جزيل الشكر للسيد بان كي مون سكرتير عام الأمم المتحدة وإلى الحكومة السويسرية لتنظيمهم، واستضافتهم لهذا المؤتمر المحوري بالنسبة لسوريا الشقيقة، ومنطقة الشرق الأوسط، بل والمجتمع الدولي ككل.

نجتمع اليوم ونتحمل جميعاً مسؤولية سياسية خاصة، فبعد أشهر من الجهود الدبلوماسية الحثيثة المبذولة من جانب كافة الأطراف المشاركة في هذا الاستحقاق الهام، فقد أصبحنا الآن على أعتاب فرصة تاريخية لبدء عملية لإرساء السلام في سوريا من خلال حل سياسي ينقل هذا البلد العزيز من صراع إلى أفق جديد بالتوافق بين السوريين وقد عانت سوريا من صراع عسكري منذ ما يزيد عن العامين. فاليوم يشارك الفرقاء السوريون معنا في استحقاق سعينا لعقده على مدى عشرة شهور كاملة (وواجهنا عقبات لا حصر لها). وبعد غدٍ يجلسون لأول مرة، وتحت رعاية الأمم المتحدة، على طاولة التفاوض ليشرعوا في رسم مستقبل بلادهم، والتي تعانى من ويلات صراع كاد أن يأتي على كل أخضر ويابس.

هذا، ومن أجل أن يكون لمؤتمرنا هذا فرصُه في تحقيق أهدافه، فإنني أطالب ممثلي الحكومة السورية أن يُخلصوا النوايا، وأن يعملوا بكل جدية على التوصل إلى حل يقي إخواننا وأبناءنا وبناتنا في سوريا استمرار المأساة التي يعيشونها، ويحولُ دون تدهور الوضع الإقليمي واتجاهه نحو صراع طائفي/ مذهبي، قد يصعب معه التحرك لإعادة اللحمة بين السوريين، وبين شعوب هذه المنطقة، وهى أهدافٌ أؤمن أنها ليست بعيدة المنال إذا توافرت الإرادة السياسية اللازمة لدى السوريين، والرغبة في المساعدة لدى أصدقائهم الإقليميين والدوليين. إن التقدم ممكن من خلال عملية التفاوض التي سيطلقها مؤتمرنا هذا على أساس ما تم الاتفاق عليه في إعلان مؤتمر جنيف الأول. ومصر من جانبها تعمل وستعمل على توفير الدعم اللازم لعملية التفاوض المقبلة تعزيزاً لفرص نجاحها.

أما المعارضة السورية، فإنني أتوقع منها أن تسعى لتوحيد رؤى مختلف مكوناتها عبر التوافق فيما بينها، وأن تعكس سياساتُها الفعلية رؤيتها المنفتحة لمستقبل سوريا كدولة مدنية، تتسع لجميع أبنائها، وتعود مركزاً للإشعاع الحضاري والتنوع الثقافي في المنطقة، وهى الرؤية التي فسرتها بوضوح المبادئ التي نص عليها ''العهد الوطني'' الذي اعتمد من قبل المعارضة في منتصف عام 2012، والتي يجب الالتزام بها، تحقيقا لما تضمنه نص الإعلان الصادر عن مؤتمر جنيف الأول في 30 يونيو 2012.

في هذا الصدد، أود الإشارة إلى أنه تم تداول أفكار مؤخرا حول تنظيم اجتماع شامل في مصر للقوى الرئيسية للمعارضة السورية في الداخل والخارج، بغرض توفيق الرؤى فيما بينها، وأعلن اليوم ترحيب القاهرة الكامل باستضافة هذا الاجتماع بهدف الدفع نحو الحل السياسي المأمول.

وقد اعترى موقف المجتمع الدولي ككل من القضية السورية انقساماتٌ عميقة، وأرجو أن يكون استحقاقنا اليوم إيذاناً بإنهاء تلك الانقسامات وببدء العمل المشترك لتحقيق مصلحة الشعب السوري بعيداً عن أية حسابات أخرى.

لقد آن الأوان لكي تجتمع جهودُنا المشتركة ونتوافق على التسوية السياسية المنشودة للأزمة السورية، والتي سترسخ مرحلة جديدة في تاريخ هذا البلد الشقيق، وتساهم في تحقيق آمال السوريين في مستقبل واعد بإذن الله، يستحقه هذا الشعب الباسل.

وترى مصر أن هذه التسوية يتعين، وكأولوية، أن تحفظ سيادة سوريا وتصون وحدة أراضيها، ولسنا هنا لتقسيم هذا البلد الشقيق، وإنما لتمكين الأخوة السوريين من بناء سوريا الجديدة ومستقبل جامع لهم، بمختلف فئاتهم وأطيافهم، وأحذر من أن أي تسوية تحمل في طياتها بذور التقسيم ستكون لها تداعيات بالغة الخطورة على الشرق الاوسط ككل وغيره من المناطق المجاورة.

إن التسوية المستهدفة لكي تكون مستدامة أو مقبولة، يتعين أن تلبي المطالب المشروعة للشعب السوري، الذي ضحى بالغالي والنفيس خلال الأعوام الماضية، في سبيل تحقيق طموحاته لنيل الحرية والكرامة والديمقراطية. كما أن تجاهل المطالب المشروعة للشعب السوري سيفتح الباب على مصراعيه لهيمنة التيارات المستبدة أو المتطرفة على الساحة، بكل ما يحمله ذلك من مخاطر على أمن سائر دول المنطقة والعالم.

السادة الحضور المحترمون،

لقد سالت أنهارٌ من الدماء في سوريا وارتكبت جرائم بشعة في حق الشعب السوري، كما أننا على يقين بأن الجراح التي نتجت عن ذلك لن تلتئم على المدى القصير، إلا أنه من الثابت أيضا، والراسخ لدينا، أن القادة والزعماء الحقيقيين يتعين أن يتجاوزوا الحاضر وأن يتحلوا بالشجاعة الكافية ليقودوا شعوبهم نحو المستقبل.

إن أية عملية تفاوضية تؤدي إلى تسوية تتطلب تنازلات متبادلة، وهي حقيقة وعى لها الإعلان الختامي لجنيف – والذي قبلنا بمبادئه كمرجعية لمؤتمرنا اليوم – حيث اعتمد مبدأ التوافق كأساس لإنشاء هيئة حكم انتقالية ذات سلطات تنفيذية كاملة للإشراف على المرحلة الانتقالية في سوريا، وهو التزام واجب التنفيذ العاجل.

في ذات الوقت، لا يمكننا أن نتجاهل الهوة الكبيرة بين مواقف طرفي النزاع في سوريا. وهي الهوة التي قد تتسبب في إفشال المفاوضات أو انهيارها. ومن ثم، فإننا نطرح على المجتمعين اليوم تبنى موقف واضح يدعو إلى أن يتوازى مع عملية التفاوض على مستقبل سوريا السياسي الجديد عبر تشكيل هيئة حكومية انتقالية، تطبيق عدد من ''إجراءات بناء الثقة'' المتبادلة بين الحكومة والمعارضة، والتي قد يكون من شأنها تشجيع وتسهيل الحل السياسي، وكذا تخفيف معاناة الشعب السوري، وهو ما سيعزز من ثقته في العملية السياسية، ويضفي عليها زخما ومصداقية، ويشجع طرفي النزاع على مزيد من الانخراط الجدي في التفاوض.

ولعل من أهم هذه الإجراءات، بالإضافة إلي التعامل البناء مع السوريين في دول الجوار وفي بلدي مصر، فيتعين الالتزام المتبادل بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية والخدمات الطبية إلى كافة المناطق السورية، بصرف النظر عن الجهات التي تسيطر عليها، كما يتعين الكف فوراً عن استهداف المدنيين. ويبدو ضرورياً النظر في آليات منتظمة لتبادل المعتقلين والمحتجزين، ومن ثم الانتقال إلى مناقشة إرساء وقف لإطلاق النار يتسع خلال العملية التفاوضية، ما يحقن الدماء ويضع حداً لما تشهده سوريا من تدمير. ومن شأن ذلك أن يسهل سحب كافة القوات والمليشيات والعناصر الأجنبية من الأراضي السورية. وهذه كلها إجراءات طرحتها مصر في الفترة الأخيرة، وسوف تستمر في طرحها على الأطراف المعنية بالأزمة السورية داخلياً وخارجياً.

وفى نهاية المطاف فإن كافة الحروب تضع أوزارها لصالح عودة الاستقرار، وأثق أن النزاع في سوريا ليس استثناءً من هذه القاعدة، وإنما السؤال اليوم هو مقدار التكلفة التي يُمكن أن يتحملها السوريون لحين انتهاء النزاع. إن مشاركتنا الإيجابية في العملية السياسية ستلعب دوراً في الإجابة على هذا السؤال، إلا أنه وفي نهاية المطاف، فإن الأطراف السورية هي التي ستحدد الإجابة، وهي التي ستنهي هذه الأزمة.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: