بعد استهداف كنيسة الوراق.. خريطة ''الإرهاب'' تتسع خارج سيناء
القاهرة- (الأناضول):
في الجزء الشرقي من مصر، تقع شبه جزيرة سيناء، والتي ارتبط الجانب الشمالي منها ''محافظة شمال سيناء'' بحوادث الإرهاب منذ عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، ثم هدأت بعض الشيء وان كانت لم تختفي تماما إبان عهد الرئيس السابق محمد مرسي، ثم زادت وتيرتها بعد عزل مرسي في يوليو الماضي.
وبينما تركزت الجهود الأمنية المبذولة من جانب الجيش والشرطة للقضاء على العمليات المسلحة في محافظة شمال سيناء خلال الشهور الأخيرة، وسع المسلحون من نشاطهم ليمتد قبل إجازة عيد الأضحى الماضي إلى محافظة جنوب سيناء، في تطور وصفه خبراء، بأنه يسعى لتوسيع رقعه الإرهاب، وبعد فترة من الهدنة خلال إجازة العيد، اتسعت الرقعة أكثر من ذلك وخرجت عن شبه جزيرة سيناء، لتمتد إلى مدينة الإسماعيلية، ومنها إلى القاهرة، التي شهدت أول أمس الأحد استهدف مسلحون لكنيسة بمنطقة الوراق غرب العاصمة، حيث أسفر الهجوم عن مقتل 4 أقباط بينهم طفلة، وإصابة 18 شخصا، بحسب إحصائيات رسمية.
وبحسب خبراء فإن اتساع رقعة العمليات المسلحة إلى خارج شبه جزيرة سيناء لا يعني بأي حال من الأحوال انحسارها في سيناء.
وشهدت محافظة شمال سيناء خلال الشهرين الماضي والجاري 3 حوادث انتحارية نفذها مجهولون ضد مراكز للشرطة والجيش، وهى حادث انفجار سيارتين بمقر المخابرات الحربية برفح، وانفجار سيارة بمدخل قسم شرطة الشيخ زويد، وانفجار آخر بسيارة ملغمة في حاجز الريسة الأمني بمدخل العريش.
هذا فضلا عن عشرات الحوادث الأخرى، التي يقوم خلالها المسلحون باستهداف حافلات لقوات الأمن بأسلحة آليه متوسطة وثقيلة وزرع عبوات ناسفة على مسارات سير آليات عسكرية أثناء تحركاتها في المنطقة المحصورة من العريش حتى الحدود مع قطاع غزة وإسرائيل.
وفي الوقت الذي صار فيه وقوع حوادث عنف بشمال سيناء خبرا شبه يومي، وسع الإرهاب نطاقه ليشمل محافظة جنوب سيناء.
ووقع الحادث الذي شهدته محافظة جنوب سيناء، صباح الإثنين 7 أكتوبر الجاري، وأسفر عن سقوط أربعة قتلى وإصابة 48 آخرون، ليعيد إلى الأذهان الحوادث الإرهابية التي شهدتها المحافظة عامي 2004 و2005 في منطقة طابا وشرم الشيخ، حيث لم تشهد المحافظة من وقتها حوادث إرهابية تذكر.
ولم تكن جنوب سيناء وحدها هي السبيل لتوسيع نطاق العمليات الإرهابية، فما أن عززت قوات الأمن من إجراءاتها بهذه المحافظة للتعامل مع هذا التطور الجديد، فوجئت بعد عيد الأضحى (وافق الثلاثاء الماضي) بحادثين آخرين شكلا تطور آخر وهو حادث تفجير سيارة مفخخة بالقرب من مبنى المخابرات الحربية بمدينة الإسماعيلية ، وحادث استهداف مسلحين كنيسة بالقاهرة.
ووقع السبت الماضي حادث مدينة الإسماعيلية بالقرب من مبنى المخابرات وأسفر عن وقوع 6 إصابات، وحدوث أضرار بالسور الخارجي للمبنى.
وتوقع اللواء علاء عز الدين، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية سابقا، استمرار الحوادث الذي تستهدف المبان العسكرية في مصر.
وقال إن ''هذه التفجيرات تستهدف توصيل رسالة أن الدولة غير قادرة على حماية منشآتها، وهذا فهم خاطئ، لأن أقوى الدول أمنيا وهي الولايات المتحدة وإسرائيل، تتعرض لحوادث إرهابية''.
ما توقعه عز الدين، حدث ما هو أخطر منه، وهو انتقال العمليات الإرهابية من استهداف المبان العسكرية، إلى مبان المؤسسات الدينية، واتساع الرقعة لتمتد إلى القاهرة.
واستهدف مسلحون أول أمس الأحد كنيسة بمنطقة الوراق، وأسفر الهجوم عن مقتل 4 أشخاص بينهم طفلة، وإصابة 18 شخصا، بحسب إحصائيات رسمية.
انتقال أعمال العنف من شمال سيناء ومنه إلى جنوب سيناء، ثم مدينة الإسماعيلية، وأخيرا القاهرة، يراه العميد محمود قطري، الخبير الأمني، توجها نحو ''توسيع رقعة الإرهاب''.
وأضاف أن ''الإرهاب لم تخف حدته بشمال سيناء، وما يحدث هو توسيع لنطاقه''.
وعزا قطري قدرة الإرهابين على توسع نطاق إرهابهم إلى أعدادهم الكبيرة، مضيفا: ''كنا في التسعينيات نواجه إرهابا محليا، ولكن الإرهاب الآن عالمي، حيث أدت فترة الانفلات الأمني التي أعقبت ثورة 25 يناير 2011 إلى دخول جنسيات متعددة من الإرهابين، وأسلحة ثقيلة ومتطورة، لم تعهدها الشرطة''.
ووصف قطري التعامل مع الإرهاب في مصر من الناحية الأمنية بأنه ''غير صحيح''، مضيفا: ''يبدو من المشهد أن الجيش هو الأساس في المقاومة، وتأتي الشرطة مساعدة له، وهذا من الناحية الفنية غير دقيق، وينبغي أن يحدث العكس''.
وأوضح قطري أن ''الجيوش لا تجيد التعامل إلا مع عدو واضح وظاهر ومنظم، ولكن التعامل مع خطر الإرهاب الذي يختبئ وسط المواطنين، فهذا هو عمل الشرطة، ويمكنها أن تستعين بالجيش إذا كانت طبيعة الأسلحة التي تستخدمها مجموعة إرهابية عند ملاحقتها لا تستطيع الشرطة مواجهتها''.
ورغم انتقاد قطري للاعتماد على الجيش بشكل أساسي في هذه المهمة الشرطية، إلا أنه التمس العذر لإقرار الحكومة هذا التوجه، وقال: '' الشرطة لا تزال ضعيفة، والجيش هو المؤسسة الوحيدة المتماسكة في مصر''.
وشدد العميد السابق بالشرطة، على ضرورة مساعدة الجيش المصري للشرطة على القيام بمهمتها، مشيرا إلى ضرورة أن تبنى من جديد على فلسفة ''الأمن الوقائي''.
ووفقا لهذه الفلسفة يمكن منع وقوع الجريمة، وهي تختلف عن فلسفة ''الأمن العلاجي'' الذي تهتم به الشرطة المصرية، وتعني الاهتمام بالقبض على الجناة بعد ارتكابهم الجريمة، بحسب قطري.
ولفت قطري إلى أن ''اعتماد هذه الفلسفة كان يمكن أن يجنبنا حادث كنيسة الوراق، لأنه من بين مقومات فلسفة الأمن الوقائي انتشار رجال الأمن في التجمعات السكنية، ومن ثم كان يمكن لأحدهم اكتشاف بسهوله وجود شخصين ملثمين يستقلان دراجة بخارية ويتجهان نحو الكنيسة لإبلاغ الآخر المتواجد بالقرب من الكنيسة لاتخاذ إجراء يمنع وقوع الجريمة''.
واتفق اللواء طارق حماد، المساعد الأسبق لوزير الداخلية، مع الرأي السابق، في ضرورة تفعيل منظومة الأمن الوقائي، لمواجهة اتساع رقعة الإرهاب وانتقاله للمناطق السكنية.
وقال حماد: ''المواطن هو أحد أدوات هذه المنظومة، كما كشفت تجربتنا في التسعينيات''.
وأضاف: ''كان الشعب المصري كله يتعاون معنا بإمدادنا بالمعلومات ومحاصرة الإرهابيين بعدم توفير مأوى لهم، حتى نجحنا في القضاء على الإرهاب''.
وقلل حماد من حالة الانقسام الحاد التي يشهدها المجتمع وتأثيرها على وقوف كل طوائف الشعب خلف الأمن في معركته مع الإرهاب، وقال: '' لدينا فئة تساند وتحفز الإرهاب، وشعب رافض له، فلا يوجد شعب في العالم يؤيد الإرهاب''.
ويتهم معارضي الرئيس السابق محمد مرسي جماعة الإخوان المسلمين بالوقوف خلف العمليات الإرهابية لإرباك مصر اقتصاديا وأمنيا وهو ما يسمح بإعادته للسلطة مره أخرى، وهو ما ترفضه الإخوان وخرجت بيانات عن أعضائها أدانوا فيها العمليات الإرهابية.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة..للاشتراك... اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: