مصر ''منقسمة'' قبيل أول انتخابات برلمانية دون ''مبارك''
القاهرة - (د ب أ)
تبدأ يوم الاثنين المقبل أولى الانتخابات التشريعية في مصر بعد رحيل حسني مبارك، ويخشى الكثير من المصريين وقوع أعمال عنف في يوم الاقتراع، كما يخشون مما يمكن أن يحدث بعد إعلان النتائج الأولى.
وبعد انقضاء تسعة أشهر على النهاية الدرامية لحقبة حسني مبارك يتخطى المصريون أولى العقبات على طريق تكريس عهد ديمقراطي جديد؛ حيث تبدأ يوم الاثنين المقبل أولى جولات الانتخابات البرلمانية، فهل استعد المصريون لها؟.. إن الأجواء المحيطة بهذه الانتخابات لا تبشر بآمال كبيرة.
فقد ألقت الاحتجاجات واعتداءات الشرطة على المتظاهرين وحرب الخنادق بين الساسة والثوار بظلالها على أجواء مصر خلال الأسابيع القليلة الماضية بينما كان الفريقان الأخيران يسيران جنبا إلى جنب إبان الاحتجاجات العارمة التي اندلعت ضد مبارك في مطلع العام.
رأت الحكومة الانتقالية نفسها مضطرة إلى الاستقالة على خلفية احتجاجات جديدة ضدها، ورأى الجيش أن يعين رئيس وزراء ضعيفا هذه المرة أيضا، هو كمال الجنزوري "78 عاما" الذي كان رئيس الوزراء بين عامي 1996 و 1999 إبان حكم مبارك.
ومن جانبه، قال ضياء رشوان رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والخبير في الجماعات الإرهابية في صحيفة "الشرق الأوسط" هذا الأسبوع: "المصريون ينظرون الآن إلى مستقبلهم السياسي بمزيد من القلق".
وأضاف :" أن المثقفين خاصة لديهم مخاوف من أن يسرق الإخوان المسلمون ثورتهم، لأنهم منظمون بصورة أفضل من الأحزاب المدنية البورجوازية الجديدة" .
وحث رشوان على أتباع هذه الأحزاب قائلا: "يمكنني أن أقول لكل واحد ممن يخشون انتشار الإسلام السياسي.. افعل شيئا ضد هذا الانتشار واذهب إلى لجنة الانتخابات للإدلاء بصوتك".
وأكد رشوان أن الموقف اتسم بالتوتر بعد الموجة الأخيرة من الاحتجاجات التي وجهت ضد العسكر والشرطة بدرجة جعلت السلطات تقرر عدم نشر استطلاعات الرأي التي تعالج السلوك الانتخابي.
وتبين المظاهرات التي قامت، اليوم الجمعة، قبيل الانتخابات في ثلاثة مواقع بالقاهرة أن الشعب المصري منقسم على نفسه خلال هذه الأيام؛ حيث يتظاهر ثلاثة فصائل من المصريين بمنأى عن بعضهم البعض، وهم شباب الثورة ، والإسلاميون وأولئك الذين يحنون لزمن مبارك، ويقول لسان حال كل فصيل من هؤلاء: "نحن الشعب".
في ميدان التحرير يردد اليساريون والليبراليون والشباب شعارات ضد المجلس العسكري والجنزوري.
أما الإسلاميون فقاموا اليوم بمسيرة كبيرة دعي إليها رجال الدين من المحافظين، وبدت المسيرة استعراضا للقوة، ولم تكن مسيرتهم هذه من أجل الأوضاع في مصر، وإنما كانت في المقام الأول احتجاجا على سياسة إسرائيل تجاه القدس.
وفي حي العباسية، احتشد المواطنون في مظاهرة تشكلت مما يسمى بقايا النظام القديم، أعلنوا تأييدهم للجنزوري والمجلس العسكري الذي يتخذ القرارات الهامة منذ سقوط مبارك، ونادى بعضهم قائلا: " ميدان التحرير ليس هو مصر".
ولا يمكن إهمال مثل هذا القول كلية؛ حيث أن الانتخابات البرلمانية التي تقدم لها أكثر من ستة آلاف مرشح، هي وحدها التي ستبين كم من المصريين يقف حقا خلف مطلب الديمقراطية الذي خاطر المتظاهرون من أجله بحياتهم في شهري يناير وفبراير الماضيين، فالاختلافات بين الريف والحضر وبين الأكاديميين والأميين هائلة في هذا البلد.
ويتمتع الإخوان المسلمون في المدن مثلا بقاعدة عريضة من الأنصار، بينما تتضاءل هذه القاعدة في المناطق السياحية بصعيد مصر.
تجري الانتخابات يوم الاثنين المقبل في كل من القاهرة والإسكندرية وسبع محافظات أخرى، ثم تتبعها في منتصف ديسمبر وبداية يناير المحافظات الأخرى وعددها 27 محافظة.
وتحتفظ القوائم الحزبية بثلثي مقاعد البرلمان وعددها 498 مقعدا؛ بينما يبقى الثلث الأخير للمرشحين الفرديين.
وتعلن النتيجة النهائية للانتخابات في الثالث عشر من يناير المقبل، ثم يتبع ذلك انتخاب الغرفة الثانية من البرلمان المصري والتي يمثلها مجلس الشورى، في حال سار كل شيء وفق الخطة المرسومة، ثم يلي ذلك إعداد الدستور ثم الانتخابات الرئاسية.. إنها رحلة داخل المجهول، يرافقها العديد من التكهنات.
وتتردد منذ أسابيع في القاهرة شائعات عن "صفقة" بين الإسلاميين والمجلس العسكري، لكن لم يتمكن أحداً حتى الآن من سوق أدلة على ذلك.
اقرأ أيضا :
فيديو قد يعجبك: