تقرير: ضغوط التضخم تقود نشاط القطاع الخاص بمصر لمزيد من التراجع في مايو
كتب- مصطفى عيد:
أظهر تقرير مديري المشتريات في مصر، مزيدا من التراجع في الطلب والنشاط على مستوى الاقتصاد غير المنتج للنفط في مصر خلال شهر مايو الماضي، حيث استمرت ضغوط الأسعار المتزايدة في التأثير على إنفاق العملاء.
وقال التقرير الصادر اليوم الأحد، عن شركة IHS Markit، التابعة لستاندرد آند بورز، إن تضخم تكلفة مستلزمات الإنتاج تسارع إلى أعلى مستوياته في 6 أشهر، وسط ارتفاع أسعار السلع العالمية وارتفاع الدولار الأمريكي وحظر عدد من السلع المستوردة.
وأضاف أنه نتيجة لذلك، خفضت الشركات مشترياتها من مستلزمات الإنتاج كما خفضت مستويات التوظيف، في حين تراجعت التوقعات بشأن النشاط المستقبلي إلى ثاني أدنى مستوى لها في تاريخ السلسلة.
وسجل مؤشر مدراء المشتريات الرئيسي في مصر "PMI"، مستوى 47 نقطة في شهر مايو، وهو ما يعني أن نشاط القطاع الخاص لا يزال منكمشا، ولكنه أفضل من مستوى 46.9 نقطة الذي سجله في شهر أبريل الماضي، وتمثل القراءة الأخيرة الانخفاض الشهري الثامن عشر على التوالي في ظروف الأعمال.
ويعد مستوى الـ50 نقطة هو الحد الفاصل بين النمو والانكماش في هذا المؤشر، والذي يعتمد في دراسته على بيانات مجمعة من مسؤولي المشتريات التنفيذيين في أكثر من 400 شركة من شركات القطاع الخاص تمثل هيكل اقتصاد مصر غير المنتج للنفط.
وذكر التقرير أن العنصرين الأكثر إسهاما في المؤشر، وهما الإنتاج والطلبات الجديدة، استمرا في تسجيل مستوى أقل بكثير من المستوى المحايد (50 نقطة) في شهر مايو، مما يشير إلى انخفاض حاد في النشاط التجاري والطلب على التوالي.
والانخفاض في الطلبات الجديدة كان الأسرع منذ شهر يونيو 2020، وفقا للتقرير، وفي الحالات التي انخفضت فيها المبيعات غالبا ما ذكرت الشركات أن ضغوط الأسعار المتزايدة أدت إلى انخفاض في طلب العملاء.
وقال ديفيد أوين الباحث الاقتصادي بشركة ستاندرد آند بورز جلوبال ماركت إنتليجنز، "ظلت ظروف الأعمال غير المنتجة للنفط في مصر متأثرة بالضغوط التضخمية السريعة في شهر مايو، حيث أشارت الشركات المشاركة في الدراسة إلى أن ارتفاع أسعار السوق أدى إلى انخفاض حاد في الطلب وزيادة أخرى في نفقات الأعمال".
وأضاف: "انخفضت أحجام الطلبات الجديدة بأسرع وتيرة منذ شهر يونيو 2020، في حين سجلت ضغوط الأسعار أعلى مستوى لها في 6 أشهر. وعلقت غالبية الشركات على أن ارتفاع الدولار الأمريكي زاد من عبء أسعار السلع المرتفعة للغاية بسبب الحرب في أوكرانيا والآثار الناجمة عن وباء كوفيد 19".
ووفقا للتقرير، أشار أعضاء اللجنة أيضا إلى تأثير قرارين رئيسيين في الأسابيع الأخيرة: أولا حظر عدد من المنتجات الأجنبية بسبب مشكلات الاعتماد، مما أدى إلى نقص الإمدادات للعديد من الشركات، وثانيا اشتراط خطابات الاعتماد لاستيراد البضائع مما أدى إلى زيادة التأخيرات الجمركية.
وذكرت الشركات أن القيود غالبا ما جعلت من الصعب الحصول على السلع في الوقت المناسب، بالإضافة إلى أنها ساهمت في الانخفاض الملحوظ في الإنتاج، وأشارت بيانات دراسة شهر مايو إلى أن مواعيد تسليم الموردين تدهورت للشهر السابع على التوالي، حيث استمر انخفاض مشتريات مستلزمات الإنتاج (وإن كان بوتيرة أقل).
ورغم ذلك، ظلت مستويات المخزون مستقرة بشكل عام حيث تم استخدام مستلزمات إنتاج أقل، وفقا للتقرير.
وقال التقرير إنه في الوقت ذاته، تسارع معدل تضخم تكلفة مستلزمات الإنتاج إلى أعلى مستوى في 6 أشهر خلال مايو، وأشارت الشركات إلى أن هذا يرجع أساسا إلى تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على أسعار السلع العالمية، فضلا عن زيادة تكاليف الاستيراد بسبب نقص المعروض وارتفاع قيمة الدولار الأمريكي.
وأضاف أن تكاليف التوظيف ارتفعت لأول مرة منذ 5 أشهر، على الرغم من أن الزيادة كانت جزئية فقط.
وذكر التقرير أنه تماشيا مع تضخم التكلفة المرتفع، رفعت الشركات غير المنتجة للنفط أسعارها إلى حد أكبر في شهر مايو، ومع ذلك كان الارتفاع الإجمالي متواضعا فقط، مما يشير إلى أن الشركات لم ترفع أسعارها بشكل متكرر مع ارتفاع التكلفة، وذلك حفاظا على أحجام المبيعات.
وقال ديفيد أوين: "زادت مواعيد تسليم مستلزمات الإنتاج للشهر السابع على التوالي حيث علقت الشركات على زيادة التأخير في الجمارك بعد اشتراط خطابات الاعتماد للسلع المستوردة".
وتابع: "علاوة على ذلك، أدى حظر عدد من المنتجات الأجنبية في شهر أبريل إلى قيام العديد من الشركات بالبحث عن بدائل واضطرارها إلى تقليل النشاط على المدى القصير".
وفيما يتعلق بالتوظيف، أشارت أحدث بيانات الدراسة إلى انخفاض متواضع في التوظيف خلال شهر مايو، وذلك للشهر السابع على التوالي.
وأشارت بعض الشركات إلى أن زيادة التكلفة وانخفاض أحجام الطلبات الجديدة أدى بها إلى تقليص أحجام القوى العالمية، كما انخفضت الأعمال المتراكمة في شهر مايو مما أدى إلى تمديد سلسلة التراجع إلى 4 أشهر.
وبحسب التقرير، تراجعت التوقعات بشأن النشاط التجاري المستقبلي في القطاع غير المنتج للنفط إلى ثاني أدنى مستوى على الإطلاق في شهر مايو (منذ شهر أبريل 2012)، بعد أن وصلت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق في شهر مارس.
وأوضح التقرير أنه في حين كان هناك توازن في الآراء بين الشركات بشأن زيادة الإنتاج خلال الإثنى عشر شهرا القادمة، كانت هناك مخاوف متزايدة من أن الضغوط التضخمية ستحد من النمو.
وقال ديفيد أوين: "مع تدهور الأوضاع، تراجعت ثقة الشركات إلى ثاني أدنى مستوى لها على الإطلاق في شهر مايو، مما يشير إلى تفاؤل طفيف فقط بشأن ارتفاع النشاط خلال العام المقبل. إضافة لذلك، فإن قرار البنك المركزي الأخير برفع أسعار الفائدة بنسبة 2% سيجعل الشركات أكثر عرضة لكبح جماح الإنفاق والاستثمار حتى تصل موجة التضخم الحالية إلى ذروتها".
فيديو قد يعجبك: