بالعلامة الكاملة.. كيف تخطت شركات "التعليم الخاص" اختبار كورونا؟
كتبت – شيماء حفظي:
حصلت شركات قطاع الخدمات التعليمية، على شهادة اجتياز أزمة كورونا، خلال العام الدراسي 2019-2020، لكن درجة تأثرها اختلفت بقدرتها على التحول للتعليم الإلكتروني، وتقليل المصروفات، واستمرار تدفق الإيرادات.
ويقول محللون لمصراوي، إن قطاع التعليم يُعد من القطاعات الدفاعية (التي لا تتأثر كثيرا بالتغيرات لأنها خدمة يصعب الاستغناء عنها) كما أن المستفيدين منها لا يميلون للمخاطرة بمستقبل أبنائهم.
لكن التعامل مع الأزمة، اختلف من شركة لأخرى، وفقا لموقفها المالي، وقدرتها على تحويل خدماتها لتقديم التعليم عن بعد، والتحكم في بنود التكاليف التي تتحملها.
وكانت الحكومة، أعلنت وقف العمل بالمدارس والجامعات، منتصف مارس الماضي، ضمن الإجراءات الاحترازية لمواجهة خطر تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) في مصر، أي بعد أقل من شهرين من بدء الفصل الثاني للعام الدراسي.
وبينما حققت شركات خدمات تعليمية، أرباحا خلال العام الدراسي الماضي، لجأت شركات أخرى إلى تقليل رواتب المعلمين أو تجميدها، منذ توقفت الدراسة في مارس الماضي، لتقليل النفقات.
وساهمت البنية التكنولوجية في المدارس والجامعات، في دعم خدماتها التعليمية، خلال فترة التوقف، بينما عانت الشركات غير المستعدة لتطبيق التعلم عن بعد وسط مطالبات من الأهالي برد جزء من مصروفات العام نتيجة توقف الخدمة.
ويفسر المحللون، صمود القطاع التعليمي في مصر أمام جائحة كورونا، على اختلاف درجات التأثر، بأن تداعيات الأزمة ظهرت في منتصف مارس، فيما تحصل المدارس والجامعات مصروفاتها في بداية الفصل الدراسي، ما يعني أن الشركات لم تعاني عجزا في التدفقات النقدية أو الإيرادات.
ووفقا لبيانات صادرة عن وزارة التعليم العام الماضي، يبلغ عدد المدارس الخاصة في مصر 8171 مدرسة، ويبلغ إجمالي عدد الطلاب الدارسين بالمدارس الخاصة نحو 2.3 مليون طالب وطالبة، ويعمل بها 91.4 ألف معلم ومعلمة.
وبحسب بيانات المجلس الأعلى للجامعات، يبلغ عدد الجامعات الخاصة بمصر 17 جامعة، بالإضافة إلى 3 جمعيات أهلية، و15 جامعة ذات طبيعة خاصة، ومعهد وأكاديمية.
قطاع دفاعي
تقول ميرنا محسن محلل قطاع التعليم بشركة سي آي كابيتال، لمصراوي، إن قطاع التعليم لم يتأثر بشكل كبير بقرار الإغلاق وتوقف النشاط منذ مارس الماضي، مقارنة بباقي قطاعات الاقتصاد، لأنه "قطاع دفاعي" والطلب عليه أساسي.
وأضافت أن "النظام المالي لشركات الخدمات التعليمية، مختلف عن باقي القطاعات، حيث تعتمد أغلب المدارس والجامعات على نظام الدفعات في سداد المصروفات، أي أن بعض المدارس حصلت على معظم مستحقاتها قبل أزمة كورونا".
واتفق محمد أبو باشا كبير الاقتصاديين ببنك استثمار هيرميس، مع ذلك، قائلا، إن القطاع لم يتأثر بسبب تداعيات الأزمة، لأن كورونا "تسبب في وقف الذهاب للمدرسة والجامعة، لكنه لم يوقف نشاط التعليم، خاصة مع اعتماد بعض مقدمي الخدمة على التعليم عن بعد".
وأضاف أن أرباح وإيرادات شركات الخدمات التعليمية، لم تتغير لأنه بطبيعة نظام التعليم يتم دفع مصروفاته مسبقا، كما أن الشركات لم تتحمل أي تكلفة إضافية مع ثبات الأجور وتكلفة تقديم الخدمات، وبالتالي لا يوجد أسباب لتحقيق خسائر.
وحققت شركة القاهرة للاستثمار والتنمية العقارية، إحدى أكبر شركات الخدمات التعليمية في السوق، زيادة في أرباحها خلال التسعة أشهر الأولى (سبتمبر- مايو) من العام المالي الجاري (الذي ينتهي في أغسطس المقبل)، بنسبة 32% لتسجل 330.4 مليون جنيه مقابل 231.6 مليون جنيه خلال نفس الفترة من العام المالي الماضي.
فيما توقع محمد القلا، رئيس شركة القاهرة للاستثمار والتنمية العقارية، أن تتجاوز إيرادات الشركة مليار جنيه خلال العام الجاري.
أرباح التكنولوجيا
تقول ميرنا محسن، إن اعتماد منظومة إلكترونية في المدارس والجامعات الخاصة، سهل عملية التحول الإلكتروني بعد الأزمة، لكن هذا ليس معمولا به بنفس الكفاءة في كافة الشركات المقدمة للخدمة.
" منذ إغلاق المدارس في منتصف مارس، كانت شركة القاهرة للاستثمار والتنمية العقارية هي الشركة التعليمية الوحيدة بين المدارس الخاصة (غير الدولية) التي تمكنت من استيعاب نهج التعليم عن بعد بسهولة حيث تم تنفيذه خلال 72 ساعة بعد توقف خدمات التعليم"، بحسب ميرنا.
وأضافت :"يعزى ذلك إلى نظامها التكنولوجي الداخلي القوي، والشراكة مع Teams Microsoft منذ وقت طويل، فالشركة، عملت على بناء هذا النظام على مدى السنوات الخمس الماضية، وبالتالي جنت الثمار وسط تفشي المرض."
وقال محمد القلا، الرئيس التنفيذي لشركة القاهرة للاستثمار والتنمية العقارية، في بيان سابق، إن نجاح الشركة في تحقيق أدائها الظاهر في الإيرادات والأرباح هو نتيجة مباشرة لسرعة وكفاءة تحول جامعة بدر، ومجموعة المدارس التابعة للشركة لمنظومة التعلم عن بعد الإلكترونية عقب انتشار فيروس كورونا.
وأضاف أن انتشار فيروس كورونا لم يحد من تنفيذ الشركة للتوسعات المخططة، حيث أحرزت تقدما ملحوظا على صعيد تطوير مشروعات المنشآت التعليمية الجديدة خلال الربع الثالث من العام 2019-2020.
لكن محللة سي آي كابيتال، تشير إلى أنه لا يمكننا تعميم أداء شركة القاهرة، على جميع مقدمي الخدمة، نظرًا للاختلافات في الشبكة التعليمية والمركزية والخبرة في هذا القطاع.
تقليل رواتب وظهور أزمة
تقول محللة سي أي كابيتال، إنه بسبب عدم توفر البنية التكنولوجية للتحول للتعليم عن بعد، خلال الفترة المتبقية من العام الدراسي في جميع المدارس والشركات في السوق، ظهرت بعض المشكلات بينها مطالبة أولياء الأمور باسترداد جزء من المستحقات التي دفعوها "شعر الآباء أنهم يدفعون مقابل خدمة لن يتم توفيرها".
وقال معلمون ومعلمات، في مدارس خاصة بمحافظات مختلفة، إنهم لم يحصلوا على رواتبهم خلال الثلاثة شهور الماضية، أو حصلوا على جزء منها، مشيرين على أن المدارس التي يعملون بها أبلغتهم بوقف صرف الرواتب أو صرف جزء منه بسبب الأزمة "على الرغم من تحصيل كافة المستحقات قبل الأزمة".
وقال أبو باشا كبير الاقتصاديين ببنك استثمار هيرميس، إن هذه الأزمة كانت ملحوظة بشكل كبير في الحضانات، مع إغلاق الحضانات وخاصة مع تحصيل الإيراد بشكل شهري، وهذا يعني أن نشاطه توقف نتيجة الإغلاق، وهذا يسبب أزمة في الإيرادات.
وأشار إلى أنه ربما تعرضت بعض المدارس إلى تأخر في تحصيل الدفعات الأخيرة من المستحقات، لكنها في الأخير ستحصل عليها، لأن أولياء الأمور لا يمكنهم التخلف عن الدفع.
واشتكى عدد من أولياء الأمور لمصراوي، إنهم تضرروا نتيجة توقف الخدمات التعليمية بعد حظر التجول "وأن من حقهم الحصول على جزء من مستحقات العام الدراسي الماضي في صورة تسهيلات للعام الجديد.
لكن الدكتور طارق شوقي، وزير التريية والتعليم، قال إن الوزارة لن تتدخل في ذلك الجدل، إلا إذا كان هناك رفع في أسعار المصاريف عن نسبة الزيادة التي أقرتها الوزارة بما لايزيد على 7% وأن تكون تلك المدارس ترفع أسعار مصاريفها بشكل قانوني.
وأكد الوزير في تصريحات متلفزة، أن "البعض اختار أن يدخل أبناءه مدارس دولية وخاصة ذات مصاريف كبيرة، والآن يشكون من مطالبة تلك المدارس بأموالها وزيادة في المصروفات.. ما تحملوناش أزمة اختياركوا للمدارس الغالية".
وتتوقع شركة القاهرة للخدمات التعليمية، أن تتم إعادة 15% من رسوم الأتوبيسات للعام المالي الحالي (ينتهي في أغسطس) كرصيد للعام المالي المقبل، مع ألا تتحمل الشركة رسوم استئجار الأتوبيسات لمقدمي الخدمات خلال نفس الفترة.
مستقبل مضمون
الطلب على التعليم مستمر، ولن يتأثر بانخفاض دخل الأفراد أو تداعيات الأزمة، وهذا يوضح مستقبل القطاع في السنة الدراسية الجديدة، بحسب ما قاله المحللان.
وتتوقع شركة القاهرة للخدمات التعليمية، أن تستمر الخدمات التعليمية دائما سواء عبر الإنترنت أو جسديا، وبالتالي لا تتوقع الإدارة تأثيرا سلبيا على قدرة الشركة على العمل وتوليد إيرادات وأرباح.
وبحسب ما قاله أولياء أمور لمصراوي، فإن المدارس بدأت تحصيل رسوم العام الدراسي الجديد، منذ الشهر الجاري، خاصة في المراحل التعليمية التمهيدية (أولى ابتدائي، وأولى ثانوي، أولى إعدادي) لضمان قبول الطالب، على أن يتم تحصيل مصروفات الصفوف البينية مع شهر سبتمبر المقبل.
وتقول ميرنا، إن التوقعات تشير إلى أن الشركات ستواصل تحقيق الإيرادات والأرباح خلال العام المقبل، لكن ربما تلجأ بعض المدارس إلى تقديم تسهيلات للعملاء في أسلوب السداد، بالإضافة إلى توقعات بتراجع وتيرة زيادة المصروفات الدراسية خلال العام المقبل.
ووفقا لأولياء الأمور، أعلنت عدد من المدارس (لغات ودولية) عن تقديم تخفيض على مصروفات المدرسة حال الدفع كاش خلال الفترة الحالية، بينما طالبت مدارس أخرى بدفع كافة المصاريف بما فيها اشتراك الأتوبيسات والأنشطة، على الرغم من عدم وضوح الرؤية بشأن الاستفادة من هذه الخدمات.
وقالت شركة القاهرة للخدمات التعليمية، إنه في حالة استمرار التعليم عن بعد، فإن الشركة قد تفكر في تقديم خصم على الرسوم بقيمة المدخرات الناتجة عن قلة النشاط في الحرم الدراسي للمدارس والجامعات.
فيديو قد يعجبك: