إعلان

"رهان على مستهلك متضرر".. هل يستجيب الاقتصاد لتخفيف إجراءات كورونا؟

05:31 م الأربعاء 24 يونيو 2020

تعبيرية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – شيماء حفظي:

"سأعود للعمل، لكني لا أضمن الزبون وبالتالي لا أضمن البيع" يقول محمد علي، شاب ثلاثيني يعمل في مطعم بمنطقة وسط البلد، بينما يحضر نفسه لعودة الحياة في محل رزقه بداية من السبت المقبل، وفقا لقرار مجلس الوزراء.

وقررت الحكومة، إعادة فتح الاقتصاد بشكل أكبر اعتبارا من يوم السبت المقبل، وإلغاء حظر التجوال، واستئناف فتح المقاهي والمطاعم حتى الساعة 10 مساء، ولكن بنسبة 25% فقط من طاقتها الاستيعابية، وزيادة عدد ساعات عمل المحلات التجارية لتغلق في التاسعة مساء بدلا من 5 مساء.

ويشمل القرار إعادة فتح السينمات والمسارح والنوادي الرياضية بنسبة 25% أيضا.

ويأتي قرار الحكومة بتخفيف الإجراءات، بعد نحو 3 أشهر من ظهور المرض في مصر، وفرض حظر للتجول تراوح بين السادسة والثامنة مساء، مع إغلاق تام لجميع أماكن التزاحم والقهاوي والسينمات، وتقليل عدد العاملين في المؤسسات، وذلك على الرغم من زيادة أعداد الإصابات بالفيروس.

لكن هذه الإجراءات خلفت ورائها تأثيرات سلبية كبيرة، حيث انخفض دخل نحو 73.5% من المشتغلين في مصر بسبب كورونا، فيما تعاني 33.2% من الأسر المصرية من عدم كفاية الدخل للوفاء بالاحتياجات، بحسب دراسة للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء نشرها الأحد الماضي.

وفسرت الحكومة، قرارها، بأنه جاء لتخفيف حدة تداعيات الأزمة اقتصاديا، سواء على الأفراد، أو الشركات، أو الاقتصاد بشكل عام، مع ضرورة أن يحافظ المواطنون على الإجراءات الاحترازية والتباعد الاجتماعي ضد كورونا، والتشديد على ارتداء الكمامات.

لكن محللون اقتصاديون ومصنعون، وتجار، تحدث إليهم مصراوي، يرون أن هذه القرارات قد يكون لها تأثيرا إيجابيا لكنه "محدود" نتيجة استمرار المخاوف من العدوى وظهور حالات مصابة سواء على مستوى المواطنين وعائلاتهم أو على مستوى الشركات.

ويفسر الخبراء، محدودية التأثير، نتيجة التراجع الكبير في القوى الشرائية للمستهلكين، وانخفاض دخولهم، وزيادة معدلات احتمالية فقد الوظائف، وما يتبعه من إعادة ترتيب أولويات الإنفاق.

دعم الاقتصاد

تقول إيمان نجم، محللة الاقتصاد الكلي، إن القرار بتخفيف إجراءات الإغلاق، جاء بشكل أساسي لـ "دعم الاقتصاد"، وإنه من المتوقع أن يساهم في تخفيف معاناة بعض القطاعات، وحدوث حركة من البيع والشراء.

وأَضافت أن تخفيف الإجراءات الحالي يعد كافيا لدعم الاقتصاد، وليس هناك إجراءات أكثر يمكن اتخاذها في ظل الظروف الحالية، لكن المستفيدين منه ستكون قطاعات محددة.

" قطاع الخدمات السياحية الداخلية والصناعات التحويلية، والتجارة والتجزئة، ستكون أبرز القطاعات التي ستستفيد من تخفيف الإجراءات، خاصة مع عودة المصانع للعمل، وفتح حركة الطيران الداخلية" بحسب ما قالته إيمان.

وأشارت المحللة، إلى أن تأثير الجائحة على بعض القطاعات سيظل مستمرا، مثل السياحة الخارجية (مصدر العملة الأجنبية) التي ستحتاج إلى وقت أكبر للعودة خصوصا مع بدء فتح المطارات تدريجيا في أول يوليو، وأيضا قطاع الاستخراجات المتأثر بظروف انخفاض أسعار البترول العالمية.

وقالت أمنية الحمامي، محللة القطاع الاستهلاكي في بنك استثمار نعيم، إن قرار الحكومة جاء بشكل أساسي لدعم الاقتصاد، وأنه الحكومة رأت أنه "في حال استمرت في الإغلاق فإن الاقتصاد لن يتحمل، وكذلك الأفراد".

وفي أبريل الماضي عدلت وزارة التخطيط تقديراتها بالخفض لمعدل نمو الاقتصاد المصري ليبلغ عند 4.2% في العام المالي الجاري، على أن يحقق نموا عند 3.5% في 2020-2021.

وخلال يونيو الجاري، خفض محمد معيط وزير المالية، من توقعاته لمعدل نمو الاقتصاد المصري خلال العام المالي الجاري ليحقق نموًا 4% بدلًا من 6% كانت تتوقعها الحكومة سابقًا، بسبب تداعيات فيروس كورونا.

لكن توقعات صندوق النقد تشير إلى تحقيق 2% فقط معدل نمو في العام المالي الجاري وأيضا العام المقبل، وهو ما يعتبر مؤشر جيد وسط انكماش متوقع في أغلب دول العالم.

وأضافت أمنية، أن إجراءات التخفيف ستساعد في تحريك الطلب على سلسلة الإمدادات في قطاعات الفنادق والمطاعم والقهاوي، مع عودتها للعمل، لكنه سيزداد تدريجيا، مع استمرار الأداء الجيد لقطاعات المستلزمات الغذائية والطبية.

ويقول محمد المهندس، رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، إن قرار الحكومة بتخفيف الإجراءات الاحترازية، بعد المبادرات التي أطلقتها لتخفيف أثار الأزمة، لا يعني أننا انتهينا من أزمة انتشار الفيروس بل يحتاج إلى اتخاذ مزيد من إجراءات الوقاية وسط ضبابية مستمرة بشأن المرض.

"نحن في المصانع جهزنا سبلا للوقاية من خلال بوابات التعقيم وتقليل عدد العمالة خلال الفترة الماضية، قرار الحكومة لا يعني تخفيف هذه الإجراءات، وعلينا أن نعمل بحذر خلال الفترة المقبلة" بحسب المهندس.

وأوضح أن المصانع سيكون عليها السير وفق خطط التعقيم والإجراءات الاحترازية، للحفاظ على العمالة، مع استمرار الكشف الدوري لعدم انتشار المرض في حالة وجود حالة مصابة في أماكن العمل، وهو الأهم خلال هذه الفترة.

وكانت الحكومة أعلنت في مارس الماضي، حزمة إجراءات لدعم القطاع الصناعي، والعمالة غير المنتظمة، ضد تداعيات كورونا، مثل تخفيض أسعار الفائدة، وتأجيل استحقاقات البنوك لمدة 6 أشهر، وتخفيض أسعار الغاز للمصانع.

تحسن رهن الزبون

اتفق محللون، على أن تأثير قرارات الحكومة لدعم الاثتصاد، مرهونة بقدرة المستهلكين على تحريك السوق، وتنشيط المبيعات، لتتمكن الشركات من العودة لطبيعة عملها قبل الأزمة.

ويرى محمد المهندس، أن تخفيف إجراءات الإغلاق، لا تعني اتجاه المصانع لزيادة معدلات التشغيل والإنتاج، لأن حلقة الإنتاج لا تكتمل إلا بتحقيق مبيعات وإقبال المستهلكين على الشراء.

"المستهلك حاليا مُستَهلك، ولديه معاناته اليومية لتوفير متطلباته، وأصبحت أولوياته الطعام والشراب، واضطر لتأجيل إنفاقه على باقي المستلزمات، وبالتالي هذا الوضع لا يشجع المصانع على زيادة إنتاجها" بحسب المهندس.

وقالت إيمان نجم، إن سلوك المستهلكين تأثر بشكل كبير نتيجة الأزمة، وانخفاض القوة الشرائية، مع احتمالية وجود موجة تضخم في الأسعار نتيجة ارتفاع أسعار الصرف مؤخرا، وهذا سيؤثر على استجابة المستهلك لهذه الإجراءات.

وهو ما اتفقت معه أمنية الحمامي، محللة القطاع الاستهلاكي في بنك استثمار نعيم، مشيرة إلى أن تحسن مبيعات وأداء قطاعات الاقتصاد خلال الفترة المقبلة سيكون مرهونا بسلوك المستهلكين.

وتقول "لا يزال الأثر السلبي للأزمة مستمر في الصناعات ذات التكلفة المرتفعة، مثل الأثاث والسلع المعمرة، والعقارات، والسيارات، والسجاد، نتيجة انخفاض الطلب عليها حاليا، وربما لفترة مقبلة".

وأضافت "حتى إذا فتحت الحكومة الاقتصاد، فإن المستهلكين غيروا من أولوياتهم، نتيجة الضغط على الدخول، سواء من فقدو وظائفهم أو المهددين بفقدها".

تحفيز.. وضغوط مستمرة

تقول أمنية الحمامي، إن نتائج دراسة المركزي للإحصاء الأخيرة، تعطي صورة عن وضع دخول الأفراد في مصر بعد أزمة كورونا "في الحقيقة ينبئ هذا بانخفاض كبير في اتجاه المستهلكين تجاه الشراء لفترة مقبلة".

وأظهرت الدراسة أن 50.3% من الأسر المصرية لجأت إلى الاقتراض "السلف" من الغير لمواجهة نقص الدخل، فيما حصل 5.4% من الأسر على منحة العمالة غير المنتظمة، فيما حصل 17.3% على مساعدات من أهل الخير فما باع 1.5% من الأسر جزءًا من ممتلكاتهم.

وتشير محللة نعيم، إلى أن الأوضاع الاقتصادية للأسر نتيجة الجائحة – باختلاف المستوى الاقتصادي للأسرة - ، ستقلل من فرص الشركات من الاستفادة من إجراءات التخفيف، خاصة في السلع المعمرة والرفاهيات والعقارات.

"مع زيادة ساعات العمل بالمحال التجارية، ورغبة الشركات لتنشيط البيع، سيلجأ المصنعون والتجار لطرح عروض تحفيزية لجذب المستهلكين، لكن هذا سيقابله إحجام من المستهلك إلا في حالة الضرورة القصوى، وبعد مفاضلة أولوياته".

وتتوقع أمنية، أن يستمر تراجع طلب المستهلكين، واتجاههم للحفاظ على السيولة المتاحة لديهم لمواجهة "خطر الإصابة بالمرض" أو فقدان الوظيفة، لنحو عام أو عام ونصف.

وبحسب دراسة المركزي للإحصاء، تتوقع 48.2% من الأسر المصرية انخفاضًا في مستوى دخلها خلال 3 أشهر المقبلة، بسبب فيروس كورونا، نتيجة تداعيات الفيروس بنسبة 29.2%، والإجراءات الاحترازية بنسبة 45.3% من الأسر.

ويرى الخبير الاقتصادي هاني توفيق، أن تداعيات أزمة كورونا الاقتصادية على الأفراد والمؤسسات ونتائجها المتمثلة في تخفيض العمالة وزيادة البطالة وتراجع الإنفاق الاستهلاكي، وانخفاض الاستثمارات، مستمرة لفترة قد تطول أو تقصر.

وقال توفيق، في تحليل نشره على حسابه على "فيسبوك" إن "العملية مستمرة، والتباطؤ والركود مكملين لفترة قد تطول أو تقصر، وإلى حين التوصل لمصل أوعقار بات وقاطع".

وأضاف أنه "بعدها سنتين على الأقل لاستعادة لياقة النشاط الاقتصادي، وعودة الأمور لمجراها".

اقرأ أيضا:

الإحصاء: 26% من المشتغلين في مصر فقدوا عملهم نهائيًا بسبب كورونا

الإحصاء: 73.5% من المشتغلين في مصر انخفض دخلهم بسبب كورونا

الإحصاء: 48.2% من الأسر المصرية تتوقع انخفاض دخلها في 3 أشهر المقبلة بسبب كورونا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان