كيف ستؤثر الحرب التجارية بين أمريكا والصين على مصر؟
كتب - مصطفى عيد:
استبعد اقتصاديون تأثر الاقتصاد المصري بشكل مباشر بالحرب التجارية التي بدأت رحاها تدور بين الولايات المتحدة والصين منذ أول أمس الجمعة.
لكن ربما تلحق بمصر آثار غير مباشرة في حال استمرار هذه الحرب على المدى الطويل واتساع نطاق الإجراءات التي تشملها، خاصة على مستوى التصدير وجذب الاستثمارات، وأيضا الاستيراد، بحسب ما قاله بعض الاقتصاديين الذين تحدثوا لمصراوي.
وفرضت الولايات المتحدة رسوما جمركية على واردات سلع صينية بقيمة 34 مليار دولار أول أمس الجمعة فردت الصين بالمثل واتهمت واشنطن بإطلاق شرارة "الحرب التجارية الأوسع نطاقا".
وقال عمر الشنيطي المدير التنفيذي لمجموعة مالتيبيلز للاستثمار، لمصراوي، إن الإجراءات الحالية التي اتخذها كل من البلدين ليس لها تأثير مباشر على مصر في الوقت الحالي.
وهو ما اتفق معه حمدي النجار رئيس الشعبة العامة للمستوردين باتحاد الغرف التجارية، والخبير الاقتصادي هاني توفيق.
ويرجع هاني توفيق توقعه بانعدام تأثر الاقتصاد المصري بما يحدث إلى ارتباط الجنيه المصري بالدولار الأمريكي الذي ازداد قوة خلال الفترة الأخيرة أمام العملات الأجنبية الأخرى.
ويتوقع توفيق عدم تأثر مصر على مستوى التجارة والاستثمار، بالإجراءات التي تتخذها كل من الولايات المتحدة والصين ضمن الحرب التجارية.
ورغم ذلك يتوقع كل من الشنيطي والنجار آثارا غير مباشرة على الاقتصاد المصري من الحرب التجارية الدائرة خاصة على المدى الطويل.
ويرى الشنيطي أن هذه الحرب هي بداية لتنامي فكر تضييق حرية التجارة والسياسة الحمائية على المستوى العالمي بشكل عام، بعد أن سيطر الاتجاه نحو العولمة والاقتصاد المفتوح وحرية التجارة على النظام العالمي بقيادة الولايات المتحدة والدول الغربية في العقود الثلاثة الأخيرة.
ودلل الشنيطي على ذلك بأن هذا الإجراء لم يكن فقط مع الصين ولكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتخذه أيضا في مجال الحديد والصلب من قبل مع دول أخرى منها دول أوروبية، وهو يسعى لتطبيق هذا النظام مع الدول التي تواجه الولايات المتحدة عجزا كبيرا في التبادل التجاري معها.
وأقر ترامب في مارس الماضي فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب و10% على الألومنيوم من كل الدول لكنه استثنى كندا والمكسيك، بحسب وكالة رويترز.
ومع اتساع سيطرة سياسة النزعة القومية والسياسة الحمائية، يتوقع الشنيطي أن تتأثر الدول النامية سلبا ومنها مصر على مستوى تراجع تدفقات رؤوس الأموال والاستثمار فيها من أجل التصدير للدول الأخرى.
كما أن الصادرات المصرية نفسها قد تتأثر سلبا مع تطورات الأحداث على المدى الطويل وزيادة الإجراءات التي تتخذها كل دولة لزيادة جاذبية منتجاتها وفرض جمارك على الواردات، في الوقت الذي كان أحد أهم أهداف الإصلاح الاقتصادي وتحرير سعر الصرف زيادة جاذبية الصادرات المصرية، بحسب الشنيطي.
وقد تتأثر الواردات أيضا، حيث قال حمدي النجار إن التجارة العالمية ومن ضمنها مصر ستتأثر في حال استمرار الإجراءات الأمريكية الصينية على المدى الطويل، فمثلا أي منتجات تستوردها مصر من الولايات المتحدة ويدخل فيها مكونات إنتاج صينية، سترتفع تكلفتها على مصر.
كما يرى النجار أن أي إجراءات أخرى تصاعدية في هذه الحرب التجارية قد تؤثر على مصر أيضا بشكل غير مباشر، كما أن أسواق الأوراق المالية والعملات العالمية قد تتأثر وبالتالي ستكون لها انعكاساتها على بقية الدول.
ويتوقع النجار عدم تأثر سعر الجنيه بشكل ملحوظ بأي تراجع قد يحدث للدولار عالميا بسبب التوترات التجارية العالمية، مرجعا ذلك إلى أن تسعير العملات الأجنبية أمام الجنيه ليس مرتبطا بشكل قوي بالأسعار العالمية لهذه العملات، ولكن يؤثر فيه عوامل أخرى منها العرض والطلب على هذه العملات إلى جانب كمية تدفقات منها إلى مصر وغيرها من العوامل.
لماذا يتخذ ترامب هذه الإجراءات؟
كانت الولايات المتحدة من أطلق "الرصاصة الأولى" في الحرب التجارية يوم الجمعة، أو هكذا وصفت الصين القرار الأمريكي بفرض رسوم جمركية على واردات سلع صينية بقيمة 34 مليار دولار، بعد أن دخل حيز التنفيذ.
ويعد هذا الإجراء مرحلة أولى ضمن قرار لترامب بفرض رسوم جمركية على واردات صينية بقيمة 50 مليار دولار، حيث من المتوقع أن تدخل المرحلة الثانية من هذا القرار بفرض رسوم على سلع بقيمة 16 مليار دولار حيز التنفيذ في وقت لاحق، بحسب وكالة رويترز.
وذكرت الصين أنها اضطرت للرد بعد دخول القرار الأمريكي حيز التنفيذ، كما أقامت بكين دعوى بمنظمة التجارة العالمية ضد الولايات المتحدة بشأن فرض رسوم جمركية على الواردات، بحسب ما نقلته الوكالة عن وزارة التجارة الصينية.
وقال عمر الشنيطي إن العولمة والاقتصاد المفتوح كان الإطار العام الذي كان يحكم العالم في آخر 30 عاما بقيادة الولايات المتحدة إلا أنه مع اتساع العجز الأمريكي في الميزان التجاري مع الصين خلال السنوات الأخيرة يسعى ترامب لفرض رسوم جمركية على بعض المنتجات المستوردة لتخفيض الاستهلاك منها والاتجاه لمنتجات محلية بديلة لها.
وحشد ترامب بقوة ضد بكين بسبب سرقة حقوق الملكية الفكرية ووضع معوقات في طريق دخول الشركات الأمريكية إلى السوق ووصول العجز التجاري الأمريكي مع الصين إلى 375 مليار دولار، بحسب وكالة رويترز.
فيديو قد يعجبك: