جدل بشأن تصريحات السيسي عن غضب الطبقة المتوسطة من ارتفاع الأسعار
كتب - مصطفى عيد:
تناقلت وسائل الإعلام حديث رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي، أمس حول غضب الطبقة الوسطى من ارتفاع الأسعار، والذي يأتي تعقيبا على مستويات التضخم القياسية التي تعيشها البلاد في الفترة الراهنة.
ولم ينكر السيسي معاناة قطاعات من المواطنين من الضغوط المعيشية لكنه اعتبر أن السبب الرئيسي في ذلك هو التأخر في تطبيق الإصلاحات الاقتصادية، وأن البلاد تسير حاليا بخطى جادة في هذا الصدد، مصراوي سألت الخبراء عن قراءتهم لحديث السيسي عن الاقتصاد والأسعار.
واعتبر السيسي خلال مؤتمر الشباب أمس المنعقد بمدينة الإسماعيلية أن تأجيل مواجهة المشكلات الاقتصادية خلال العهود السابقة كان السبب في مفاقمتها وساعد على زيادة الأسعار الجارية التي أشعرت الطبقة الوسطى بالغضب.
وقال السيسي: "هناك بالفعل غضب في الطبقة المتوسطة من إجراءات الدولة في الإصلاح الاقتصادي. وإذا كان أداء القيادة السياسية والحكومة هو السبب فيما يعانيه المواطن المصري وما يتحمله من أعباء فهما على استعداد للرحيل ويحل محلهما إدارة وقيادة أخرى أداؤها أفضل".
وأرجع السيسي جذور الأزمة المالية الحالية إلى مشكلات متراكمة على مدار العقود الماضية "احنا دولة فقيرة بمعنى أن مواردها شحيحة، وهذا الأمر منذ سنوات كثيرة.. الدولة دي اندبحت سنة 67 وحركة تقدمها انتهت من الفترة دي".
وقامت الحكومة خلال الشهور الأخيرة بتنفيذ عدة إجراءات إصلاحية للسيطرة على عجز الموازنة منها تحرير سعر الصرف وزيادة أسعار المواد البترولية، بجانب تطبيق ضريبة القيمة المضافة في سبتمبر الماضي، ومواصلة برنامج خفض دعم الكهرباء.
وأفقد قرار التعويم الجنيه نحو نصف قيمته وهو ما تسبب، إلى جانب تأثير الإجراءات الأخرى، في ارتفاع حاد بالأسعار ووصل معدل التضخم على أساس سنوي إلى مستويات قياسية لم تسجلها منذ عقود بلغت ذروتها في مارس الماضي عند 32.5%.
"ما حدث لمعدلات التضخم هو أمر غير مسبوق ولم يقع حتى وقت الحروب التي خاضتها مصر أو في برامج الإصلاح التي نفذتها من قبل" بحسب ما قالت عالية المهدي أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة، التي اتهمت السياسات الاقتصادية التي انتهجتها الحكومات منذ ثورة يناير وحتى الآن في مفاقمة المشكلات المالية للدولة.
وارتفع عجز الموازنة من 8.1% في عام (2009-2010) ليبلغ ذروته في عام (2012-2013) عند 13%، وظل يدور حول مستويات 12% خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
كما صعدت الديون الحكومية بشكل ملحوظ، لترتفع نسبة الدين من الناتج المحلي الإجمالي إلى 89% في العام الماضي (2015-2016) مقابل 60.8% في عام (2009-2010)، وفقا لبيانات وزارة المالية.
وبالرغم من اتفاق المهدي مع الحكومة حول ضرورة معالجة المشكلات المالية المتفاقمة لكنها ترى غضب الطبقة الوسطى أمرا يعود إلى عدم كفاءة الحكومة في ضبط السوق "كان يمكن أن تكون إجراءات الإصلاح الاقتصادي أقل ألما على الطبقة المتوسطة لو صاحبت تحرير سعر الصرف الآليات السليمة التي تحد من ارتفاع الأسعار".
ولكن على الجانب الآخر، يرى محللون أن صانع القرار لم يكن لديه خيار آخر لتحريك سعر الصرف ورفع أسعار الطاقة وأن آثارهما السلبية اجتماعيا كان أمر لا مفر منه.
"جزءا كبيرا مما يحدث الآن سبب تفاقم المشكلات الاقتصادية خلال العهود الماضية، وعدم تطبيق الإصلاحات بشكل تدريجي وفي المواعيد المناسبة." كما تقول شيرين الشواربي أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة.
وقالت الشواربي: "لو تمت هذه الإصلاحات منذ عام 2005 بتدرج وتوقيتات محددة لأصبحت التكلفة أقل مما يحدث الآن".
وترى الشواربي المستقبل أكثر تفاؤلا مع تطبيق الإجراءات الإصلاحية "المؤشرات الاقتصادية ستتحسن مع زيادة الإنتاج التي ستحقق مستوى أعلى من الرفاة".
بيما يرى رأي آخر أن هناك مخاطر من الضغوط التضخمية الحالية على معدلات النمو الاقتصادي في الفترة المقبلة
وقال المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في بيان له نوفمبر الماضي "التعويم الصادم للعملة ستكون له آثار بالغة ليس فقط على المستوى الاجتماعي ولكن الاقتصادي أيضا، وهذا ما لم تعلن الحكومة حتى الآن كيفية تداركه".
وقالت رضوى السويفي في تصريحات سابقة لمصراوي إن الاستهلاك الخاص سيتراجع مع ارتفاع معدلات التضخم وهو ما يفسر تخفيض الحكومة لمستهدفات معدل النمو خلال السنة المالية المقبلة إلى 4.6% مقارنة بما هو موجود ببرنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع الصندوق.
وتراجعت معدلات النمو الاقتصادي خلال السنوات التي أعقبت ثورة يناير لتتدهور من 5.1% في عام (2009-2010) إلى 1.8% في العام التالي، وسجلت متقاربة في الأعوام الثلاثة التالية، ثم ارتفعت إلى 4.4% في عام (2014-2015) وانخفضت بشكل طفيف خلال السنة الماضية لتسجل 4.3%.
فيديو قد يعجبك: