"عندنا مصاريف زيكم"..التجار في مرمى اتهامات استمرار الغلاء بعد هبوط الدولار
كتبت - شيماء حفظي:
"مفيش فصال يا بنتي يا دوب اللي بكسبه جنيه" هكذا ردت بائعة "الكرنب" على إحدى زبوناتها، فيما بادرتها الزبونة :"مش هترخصوا الأسعار شويه ما الدولار اللي هو حجتكم نزل"، ثم تركت الكرنبة وغادرت.
وشهد الدولار انخفاضًا سريعًا أمام الجنيه خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر فبراير الحالي بنسبة 16% لينخفض من 18.75 جنيه في أول الشهر إلى 15.75 جنيه حاليًا، وسط حالة ترقب من المواطنين لتراجع أسعار السلع التي لم تنخفض على الفور كما كان معتقدًا لدى كثير منهم مثلما حدث مع صعود الدولار بعد تحرير سعر الصرف في الثالث من نوفمبر الماضي.
ويفسر العديد من المواطنين ما يحدث على أنه جشع من التجار الذين يرونهم أنهم قاموا برفع أسعار السلع بشكل فوري بمجرد تحرير سعر الصرف حتى لو كانت هذه السلع لا تتعلق بالدولار، والآن يأتي الرد عليهم من التجار بعد انخفاض الدولار بأنهم قاموا بشراء هذه السلع بأسعار مرتفعة قبل هبوط الدولار ولابد من بيعها على نفس مستوى الأسعار حتى لا يتعرضوا للخسارة.
ويرجع هاني توفيق خبير اقتصادي، عدم تأثر أسعار السلع بانخفاض الدولار رغم ارتفاعها فور صعوده إلى أن ما يحدث هو أحد المبادئ الاقتصادية المعروفة، وقال: "لا نستطيع لوم التاجر على رفع سعر السلعة في متجره بسرعة وبمجرد علمه بارتفاع سعر الدولار، رغم أنه كان قد اشتراها بالسعر المنخفض".
وتابع: "هو يهدف كتاجر إلى تحقيق أقصى ربح ممكن من بضاعته، وكذلك لأنه لازم يجمع مبلغ أكبر عشان يجيب نفس القدر من البضاعة في الاعتماد القادم".
ونبه توفيق إلى أنه في حالة انخفاض الدولار يحدث الجمود للأسعار حيث تظل مرتفعة لأن البضاعة الموجودة تم شرائها بالدولار المرتفع والتجار لن يبيعوا بالخسارة.
أم أحمد "بائعة الكرنب" تجلس على الأرض وتحتها "خيشة قديمة" وتضع أمامها عدد من "الكرنبات" ساعدها شاب عشريني في إنزالهم من التروسيكل، بعد أن نقلها وبضاعتها من مسكنها إلى أرض السوق، مايقرب من ربع ساعة مسافة المشوار إلا أنها دفعت مقابل ذلك 60 جنيهًا على أن تعود بما يتبقى من الكرنب، أو تتركه مكانه حتى اليوم التالي.
تقول أم أحمد: "كل زبون ييجي يشتري بيبص في الجنيه ولا الـ 2 المكسب، عارفين الأسعار غليت والناس معذورة، لكن احنا برضه زي الناس، بندفع مياه وكهربا وبنشتري حاجات تانية غالية برضه وكمان عندنا عيال في المدارس.. محدش محروم من الصرف".
لم يكن ارتفاع سعر الدولار بعد تعويم الجنيه السبب الوحيد لارتفاع الأسعار، فقبلها بشهرين قامت الحكومة بإعلان تطبيق ضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات، كما قامت الحكومة في الليلة التالية للتعويم بزيادة أسعار المحروقات، ورفعت أسعار الكهرباء بدءًا من شهر يوليو الماضي، إلى جانب زيادة الأسعار الاسترشادية الجمركية لبعض أنواع السلع.
من جانبه، قال ماجد نادى المتحدث الرسمى لنقابة البقالين، إن التاجر ما هو إلا مواطن عادي، تحوطه تكاليف الحياة اليومية، كما أن التاجر ليس له ذنب في رفع الأسعار، وليس من المنطقي أن يقلل سعر السلعة "وهو دافع فيها مبلغ ويخسر" فهو أيضًا لديه التزامات نحو عائلته.
لم يكتفِ المواطنون المكتون بنار الغلاء باتهام التجار بالجشع، لتحقيق أكبر مكسب ممكن قبل خفض الأسعار، بل قام البعض بحملات على مواقع التواصل الاجتماعي لمقاطعة شراء السلع خاصة الغذائية منها وعلى رأسها اللحوم والدواجن والأسماك.
ويرى وائل النحاس الخبير الاقتصادي، أن ربط ارتفاع الأسعار وانخفاضها بسعر الدولار ليس صحيحًا، فأسعار السلع لن تنخفض بسبب زيادة تكلفة المعيشة، وتخفيف الدعم فيما يتعلق بالسلع والخدمات الرئيسية للمواطن التي لا تتأثر بالدولار، كالكهرباء والغاز.
وأضاف "النحاس" خلال تصريحات لمصراوي، أنه لا يجب تحميل التاجر "ذنب ارتفاع الأسعار"، فالحكومة إن كانت تريد ضبط الأسواق فعليها تسعير السلع بشكل موحد يراعي وقت استيراد التاجر للسلع، وأن يكون هناك مراقبة للتجار والمستوردين من خلال حملات تتطلع على مستندات الشحنة.
وشدد على ضرورة منع ما يسمى بـ "تحزيم السوق" أي تخزين السلع وعدم عرضها للبيع حتى يزيد الطلب عليها فيتم الإفراج عنها وبيعها بأسعار مرتفعة.
فيديو قد يعجبك: