لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

عيد وحافظ ودعبس.. حكاية 3 رجال دفعوا ثمن التعويم

03:15 م الخميس 02 نوفمبر 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- ياسمين سليم:

بعد أن يفرغ شحاته عيد، من صلاة الفجر كل يوم، يخرج من بيته في قرية الميمون بمحافظة بني سويف، ينتظر سيارة متهالكة تنقله إلى مدينة 6 أكتوبر للعمل باليومية في مجال المعمار.

يضطر عيد للسفر يوميا إلى مدينة 6 أكتوبر بعد توقف أهل قريته عن طلبه للعمل باليومية في الزراعة منذ ارتفاع الأسعار، "محدش كان بيطلبني للشغل، والعيشة غليت وكان لازم أدور على الشغل، علشان أولادي".

منذ قرار تعويم الجنيه في 3 نوفمبر الماضي، يشعر عيد أن أسعار السلع والخدمات "في الطالع"، لذلك كان عليه البحث عن وسيلة لكسب الرزق.

يقول عيد "أنا معرفش يعني إيه الجنيه عام ولا معمش، أنا اللي أعرفه الغلاء اللي بقينا عايشين فيه".

ارتفعت "يومية" عيد بعد التعويم، إلى أكثر من 100 جنيه، بعد أن بدأ يسافر يوميا إلى مدينة 6 أكتوبر، بجانب حصوله على معاش من القوات المسلحة، يقدر بـ 325 جنيها، لكن هذا كله لا يكفيه.

"المعاش بيمشي شوية وممكن اشتغل 20 يوم في الشهر بألفين جنيه، لكن ده كله مش بيكفي مصاريف العيال وارتفاع الأسعار".

يدلل عيد، الذي يعيش مع زوجته ووالدته و4 أطفال، على هذا الغلاء بقوله "قبل سنة كنت ممكن أسيب مصروف البيت كل يوم 30 جنيه، لكن دلوقتي بسيب 60 أو 70 جنيه وما بتكفيش".

يوضح عيد أن أسرته إذا قررت تناول وجبة من الأرز، فإن عليها شراء كيلو ونصف من الأرز بـ 15 جنيها، فضلا عن زجاجة زيت بـ 20 جنيها، "وده طبق واحد بس هيتكلف 35 جنيه وهنقوم جعانين".

وعقب قرار تعويم الجنيه، قفزت أسعار السلع والخدمات بسبب ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه إلى الضعف.

بعد ارتفاع الأسعار، تزور اللحوم مائدة عيد وأسرته 4 مرات شهريا فقط، "كل يوم خميس مع سوق البلد نشتري لحمة، وساعات بنفوت خميس علشان مش معانا"، بحسب قوله.

لكن شراء عيد، للحوم يقتصر على النوع المستورد ويقول "مقدرش على كيلو اللحمة البلدي اللي وصل إلى 130 جنيه، بجيب نوع مستورد كويس بـ 85 جنيه، علشان بس العيال تاكل".

شعر عيد بارتفاع كبير في الأسعار خلال هذا العام، عندما توجه لشراء ملابس المدرسة لابنه وابنته، فدفع 650 جنيها، "ليه اشتري لولادي الاتنين لبس بـ 650 جنيه، وهما لسه في تانية ابتدائي".

مع بدء العام الدراسي أصبح طفليه يحصلان على جنيهين لكل منهما يوميا "كل يوم الصبح بدي العيال كل واحد 2 جنيه وده يدوب يجيب له باكو باسكوت".

قبل أن يغادر عيد بيته في فجر كل يوم إلى 6 أكتوبر يصطحب طعامه، حتى لا يشتري من الخارج "باخد رغفين وطماطمتين وقرصين طعمية بجنيه، وأفضل عليهم لحد لما أروح بعد العشاء".

"الميزانية خربت"

إذا كان عيد، أصبح يقطع مسافات كبيرة حتى يستطيع مواجهة ارتفاع الأسعار الذي أحدثه قرار التعويم، فإن محمد حافظ، قرر العمل في وظيفتين ليتمكن هو الآخر من قضاء احتياجات أسرته.

يقول حافظ، الذي يعمل محاضرا بمركز تدريب الكمبيوتر بإحدى الصحف القومية، منذ قرار التعويم أصبح مرتبه ينتهي بعد 10 أيام من الشهر.

يفضل حافظ حاليا الوفاء بالتزامات ولديه أولا "المصاريف بقت مرعبة خلال السنة دي، دفعت 35 ألف جنيه لمدرسة الأولاد بدل من 25 ألف دفعتها السنة اللي فاتت".

خلال هذا العام قرر حافظ، اتخاذ عدة قرارات لتجنب الارتفاع الكبير في الأسعار، أول هذه القرارات هي الامتناع عن ركوب التاكسي نهائيا بعدما ارتفعت أسعار الأجرة منذ قرار الحكومة برفع أسعار الطاقة.

ومنذ تعويم الجنيه، قررت الحكومة رفع أسعار الوقود مرتين في أقل من عام، وهو ما زاد من ارتفاع موجة الغلاء، والتي دفعت التضخم لتحقيق مستويات قياسية هي الأعلي في 3 عقود.

قرارات التقشف التي اتخذها حافظ، طالت طفليه، حيث توقف عن إرسالهم إلى النادي للتدريب على لعبتي كرة اليد والسلة "الحقيقة اتحججت بالمدرسة، لكن هو ضغط اقتصادي، علشان كنت بأدفع حوالي 500 أو 600 جنيه شهريا".

كما تراجعت "خروجات" حافظ وأسرته "الخروجات بقت مقتصرة على النادي اللي مشترك فيه، ولغينا تماما الأكل من بره البيت، لأن الأسعار ارتفعت بشكل مستفز".

يضطر حافظ أحيانا لشراء بعض الوجبات الجاهزة لأطفاله ويقول "ساعات الولاد بيشتروا وجبات سريعة، لكن ده بيبقى على فترات متباعدة".

واقتصرت زيارات حافظ إلى السوبر الماركت على زيارة واحدة "كنا بنروح كل شهر وندفع حوالي 250 جنيه، دلوقتي مش كل شهر وبنخرج دافعين 500 جنيه وهي نفس الحاجات اللي كنا بنشتريها".

يعمل حافظ حاليا 15 ساعة يوميا، ليتمكن من مواجهة ارتفاع تكاليف الحياة، "اشتغلت في وظيفة تانية بعد دوامي الأساسي، لكن مرتبها ميكفيش مصاريفي، والدليل على كده أني بقيت بسحب من فلوسي اللي في البنك كل شهر".

يصف حافظ كيف تغيرت ميزانيته منذ عام وحتى الآن بأن "الوضع خرج عن إطار المنطق والاستيعاب، حتى لو مش بنصرف أي حاجة خارج إطار التزاماتنا، الميزانية كده كده بتخرب".

الأسعار فوق قدرات "الأغنياء"

شعر محمد دعبس، مالك إحدى سلاسل المطاعم بمصر، بزيادة الأسعار بعدما علم أن مصروفات الجامعة الأمريكية، لابنه قفزت إلى حوالي 450 ألف جنيه في العام مقابل 80 ألف جنيه العام الماضي.

يقول دعبس، الذي كان مساندا لقرار تعويم الجنيه "القرار اتأخر قوي بعد ما وصل الدولار إلى 19 جنيه في السوق السوداء، لكن ارتفاع الأسعار كان غير منطقي وفوق قدرات الجميع".

يشكو دعبس، من أن أقل وجبة كان يفضلها مثل البسطرمة أصبح الكيلو منها بـ 290 جنيها بعدما كان 100 جنيه، "اللي كان بيحب ياكل بسطرمة مبقاش".

بعد الشهر الأول للتعويم لمس دعبس، زيادة في أسعار المنتجات التي تستخدمها سلسلة المطاعم التي يمتلكها، يقول دعبس "بقيت مضطر أصرف 6 أضعاف، اللي كنت بدفعه قبل التعويم".

ويضيف "مثلا كنا بنستخدم نوع من الجبن المستورد في السندوتشات اللي بنبيعها، استبدلناها بنوع محلي الصنع، نظرا لارتفاع سعرها، وفي بعض الأحيان اضطرينا للاستغناء عن بعض المنتجات المحلية".

لم تتأثر صناعة دعبس بارتفاع أسعار السلع الغذائية فقط، ولكن بارتفاع أسعار الكهرباء والبنزين أيضا، وبحسب قوله "تكاليف الإنتاج زادت جدا، وبقت فوق الوصف".

ورفعت الحكومة أسعار الكهرباء مرتين خلال عام ونصف في أغسطس 2016 ويوليو 2017، وهو ما ساهم في زيادة معدلات التضخم خلال الشهور الماضية.

ويقول صندوق النقد الدولي إن إبقاء معدلات التضخم تحت سيطرة قوية، لابد أن يكون على رأس أولويات الحكومة، لأن انخفاض قيمة الجنيه منذ التعويم دفعت معدلات التضخم لتصل فوق 30%.

مع ارتفاع معدلات التضخم اضطر دعبس لرفع مرتبات العاملين معه بنحو 30%، كما رفع سعر الوجبات التي تقدمها مطاعمه "زيادة سعر السندوتشات مكنتش كبيرة، كنت بفكر دايما، مين اللي هيدخل يشتري سندوتش ويدفع 60 جنيه في الزمن ده".

بجانب ارتفاع الأسعار، عاني دعبس من ارتفاع سعر الفائدة منذ التعويم، "كلنا واخدين قروض والفايدة رفعت علينا بعد التعويم، وده زود تكاليف الإنتاج"، بحسب قوله.

وارتفع سعر الفائدة بنسبة 7% منذ قرار تعويم الجنيه في نوفمبر الماضي، ويبرر البنك المركزي رفع سعر الفائدة، في رغبته في السيطرة على التضخم الذي ارتفع بعد التعويم.

خلال الشهور الماضية تقلصت أرباح دعبس "مفيش أرباح ولا حاجة، ده أنا ساعات بخرج خسران وبحاول كل شهر أحافظ على جودة المنتجات وأني مخسرش".

خلال عام، تغيرت حياة عيد وحافظ ودعبس، كلا على حسب قدرته الاقتصادية، لكن بقى سبب معاناتهم واحد، وهو "تعويم الجنيه".

اقرا أيضا :

بعد مرور عام.. هل حقق البنك المركزي أهدافه من تعويم الجنيه؟

إنفوجرافيك- كيف تطور الاستثمار الأجنبي المباشر في عام التعويم؟

سعر غرفة النوم يصل إلى 60 ألف جنيه.. أسعار الأثاث تشتعل خلال عام التعويم

طارق عامر لمصراوي: 20% ارتفاعا في تحويلات المصريين بالخارج منذ التعويم

البورصة تجني الثمار مبكرا وتحلق لمستويات تاريخية في عام التعويم

تحسن ملحوظ في معدلات النمو خلال عام التعويم (إنفوجرافيك)

العمل الإضافي ملاذ المصريين لمواجهة الغلاء في عام التعويم

إنفوجرافيك- كيف تطور نصيب المواطن في الدين الخارجي بعد عام من التعويم؟

فيديو قد يعجبك: