سنة أولى محافظ بنك مركزي.. ماذا فعل طارق عامر في ملف الدولار؟
كتب - مصطفى عيد:
شهد العام الأول لطارق عامر كمحافظ للبنك المركزي المصري، والذي بدأ رسميًا في مثل هذا اليوم من العام الماضي العديد من الإجراءات والقرارات المهمة والمتعلقة بالأحداث الساخنة على الصعيد الاقتصادي خلال الفترة المذكورة، إلا أن ملف سعر الصرف وأزمة العملات الأجنبية والسوق السوداء كان على قمة هذه الأحداث.
وكانت رئاسة الجمهورية أعلنت في 21 أكتوبر 2015 أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وافق على استقالة هشام رامز محافظ البنك المركزي السابق، لتسري ابتداءً من 26 نوفمبر 2015، وكلف الرئيس، طارق عامر بالعمل محافظاً للبنك المركزي لمدة أربع سنوات، اعتباراً من 27 نوفمبر 2015.
ويرصد مصراوي بعض أهم القرارات والإجراءات التي اتخذها عامر في ملف سعر الصرف والدولار خلال أول أعوامه على رأس البنك المركزي في مصر.
ملف العملة وسعر الصرف
عمل طارق عامر على محاربة السوق السوداء للعملات الأجنبية في مصر من خلال عدة طرق منها أنه قام بإصدار عدد من الإجراءات لترشيد الاستيراد لتخفيف الضغط على العملة الأجنبية حيث أصدر تعليمات في 21 ديسمبر تعليمات تقيد من عمليات الاستيراد لأغراض التجارة وتشجع على تمويل واردات السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج.
(للاطلاع عليها اضغط هنا).
وقام البنك المركزي في يناير الماضي بزيادة الحد الأقصى للإيداع النقدي للأشخاص الاعتبارية لتغطية عمليات استيراد السلع الغذائية الأساسية ومعدات الإنتاج ومستلزمات الإنتاج والخامات والأدوية والأمصال والكيماويات الخاصة بها إلى 250 ألف دولار شهريًا مقابل 50 ألف دولار قبل القرار، وذلك قبل أن يلغي هذا الحد تمامًا في 9 مارس الماضي.
كما ألغى البنك في 8 مارس الماضي الحدود القصوى للإيداع والسحب النقدي بالعملات الأجنبية للأفراد الطبيعيين مع الإبقاء على الحدود القصوى المعمول بها بالنسبة للأشخاص الاعتبارية، وسمح للبنوك في فبراير قبول إيداعات العملات الأجنبية من الأفراد الطبيعيين من القادمين إلى البلاد في حدود ما تم الإفصاح عنه عند دخول البلاد.
ومع نهاية شهر فبراير الماضي أعلن البنك طرح شهادات دولارية للمصريين بالخارج بالتعاون مع الحكومة بنسبة عائد ما بين 3.5 و5.5 بالمئة لشهادات سنة و3 و5 سنوات لجذب مدخرات هؤلاء لزيادة سيولة العملات الأجنبية بالبنوك والضغط على السوق السوداء.
وفي الرابع عشر من مارس الماضي أعلن البنك المركزي خفض الجنيه بنحو 112 قرشًا ليرتفع سعر الدولار من 7.83 جنيه في البنوك إلى 8.95 جنيه قبل أن ينخفض بعدها بيومين إلى 8.88 جنيه، معتزمًا انتهاج سياسة صرف أكثر مرونة، بالإضافة إلى طرح شهادات بعائدات وصلت إلى 15 بالمئة لمن يتنازل عن عملات عربية أو أجنبية.
ورغم هذه الإجراءات إلا أنه لم يتم القضاء على السوق السوداء للدولار مما دفع البنك المركزي للقيام بعدد من الحملات الأمنية على الشركات الصرافة، وقال جمال نجم نائب محافظ البنك، في أغسطس الماضي، إنه تم إغلاق 53 شركة صرافة منذ بداية العام لتلاعبها في أسعار بيع العملة الصعبة ومخالفات أخرى، منها 26 شركة إغلاقًا نهائيًا.
ومع بداية يوليو الماضي، بدأ طارق عامر في التلميح إلى تحرير سعر صرف الجنيه، حيث أكد، في تصريحات صحفية، عدم استهداف سعر صرف محدد للجنيه أمام الدولار، وأن استهداف سعر العملة بغرض الحفاظ عليه كان خطأ فادحًا، ولكنه لم يتخذ أي إجراءات في هذا الشأن خلال الفترة التالية حتى نوفمبر الجاري.
وشهد سعر الدولار في السوق السوداء ارتفاعًا ملحوظًا في الفترة التالية لتصريحات المحافظ من نحو 11 جنيهًا في بداية الشهر ليتجاوز 13 جنيهًا في أواخر الشهر، حيث أرجع خبراء وقتها إلى هذا الارتفاع إلى تصريحات محافظ البنك المركزي.
تحرير سعر الصرف
وفي الثالث من نوفمبر، اتخذ طارق عامر القرار الذي وصفه البعض من قبل بالقرار الصعب والخطير والجريء ليعلن تحرير سعر صرف الجنيه.
وجاء ذلك بعد أن وصل الدولار في السوق السوداء إلى نحو 18 جنيهًا قبل أن يتراجع قبل تحرير سعر الصرف بيومين وسط حالة ارتباك وقتها بالسوق السوداء بعد مبادرة من اتحاد الغرف التجارية بترشيد الاستيراد والتوقف عن شراء الدولار لمدة أسبوعين.
وترك المركزي حرية تسعير العملات الأجنبية للبنوك وفقًا لآلية العرض والطلب، وقال البنك المركزي في بيان بعد إعلان القرار إن هذه الإجراءات تستهدف تصحيح سياسة تداول النقد الأجنبي من خلال تحرير أسعار الصرف، بهدف استعادة تداوله داخل القنوات الشرعية وإنهاء السوق الموازية للنقد الأجنبي تمامًا.
وأشار إلى استهداف استعادة تداول النقد الأجنبي داخل القطاع المصرفي وبالتالي إنهاء حالة الاضطراب في أسواق العملة بما يعكس قوى العرض والطلب الحقيقية استهدافاً لاستقرار أسعار الصرف واستقرار الأسواق.
وحدد المركزي سعرًا استرشاديًا 13 جنيهًا للبنوك في بداية التعاملات بعد تحرير سعر الصرف مقابل 8.88 جنيهًا قبل القرار، ووصل سعر الدولار في البنوك في نفس اليوم إلى نحو 16 جنيهًا ببعض البنوك، ليواصل تذبذبه بعد ذلك إلى أن وصل حاليًا حول 17.5 جنيهًا مرتفعًا في أول عام لطارق عامر بنسبة 123.5 بالمئة مقارنة بنحو 7.83 جنيه.
وقام البنك المركزي برفع سعري العائد على الإيداع والإقراض بنحو 300 نقطة أساس ليصلان إلى إلى 14.75 بالمئة و15.75 بالمئة على التوالي، وطرحت بنوك الأهلي المصري والقاهرة ومصر شهادات ادخار بعائد مرتفع 20 و16 بالمئة لمدد سنة ونصف و3 سنوات.
واستهدفت جذب العملاء للعملة المحلية والتخلص من العملات الأجنبية عبر تغييرها في البنوك وشراء الشهادات، لتجمع عشرات المليارات من الجنيهات في أيام قليلة، ووصلت حصيلة البنوك من تغيير العملات الأجنبية 3 مليار دولار منذ تعويم الجنيه وحتى يوم الاثنين الماضي بحسب تصريحات لطارق فايد وكيل محافظ البنك المركزي.
ومن المنتظر أن تتأثر أسعار الجنيه بالبنوك بحسب الأوضاع الاقتصادية وآليات العرض والطلب، ومدى قدرة الأنباء الإيجابية واستيعاب البنوك لطلبات العملاء على العملات الأجنبية.
وتأمل الحكومة من تحرير سعر الصرف الذي يأتي وسط حزمة إجراءات ببرنامج الإصلاح الاقتصادي، في جذب الاستثمار، وزيادة الصادرات، وتحسن السياحة، وعودة كامل تحويلات العاملين بالخارج إلى البنوك وبالتالي زيادة حصيلة العملات الأجنبية من المصادر الطبيعية للدولة وتحسن الأوضاع الاقتصادية.
فيديو قد يعجبك: