"إلحقني يا بابا هيقتلوني".. مأساة طفل هشم جاره رأسه وألقى جثته في النيل
كتب - محمد شعبان:
جلسة معتادة جمعت "محمود" مع صديقيه، بحثوا خلالها شؤون حياتهم، يشكو كل منهم سوء حالته المادية بينما يشير الأول إلى ما يتناقله أهالي القرية بثراء أحد أبناءها عبر بوابة تجارة الآثار، ليوسوس لهم الشيطان بأن الفرصة سانحة أمامهم لتخطي "خط الفقر" الذين يعانون ويلاته دورين دراية أن الأمر سينتهي بجريمة قتل ستزج بهم خلف القضبان.
اختمرت في ذهن "محمود" -الذي لم يتم عقده الثاني من العمر بعد- خطة ظن أنها ستكون خالية من أي أخطاء، وتضمنت اختطاف طفل جارهم صاحب الشهرة الكبيرة في عالم الآثار، ومن ثم مساومته على إعادته مقابل حصولهم على قطع أثرية.
السبت الماضي شرع الصبي في تنفيذ أولى خطوات خطته الشيطانية، راقب الطفل ذا السنوات العشر أثناء لهوه أمام منزله واقترح عليه "تعالي نروح نشتري حاجة ونرجع" حيث كان شريكاه في انتزاره، واصطحبوا الطفل إلى محل مهجور بزمام محل سكنهم.
"هو محمود ابني فين؟"، سؤال طرحه الأب على أسرته بحثا عن طفله، انطلق الجميع في رحلة البحث عنه لكن دون جدوى، حتى تلقى اتصالا هاتفيا من رقم مجهول سارع بالرد: "ابنك معانا هات الأمانة اللي عندك علشان تشوفوا تاني" وانقطع الاتصال بعدها.
انزوى والد الطفل الأربعيني في أحد أركان المنزل محاولا استيعاب الكلمات التي وقعت على مسامعه للتو، ليستقبل مقطع فيديو مصور من نفس الرقم الذي هاتفه منذ دقائق، يظهر نجله مستغيثا: "إلحقني يا بابا هيقتلوني لو منفذتش كلامهم عاوزين التمثالين" ليقرر إبلاغ الشرطة دون تردد؛ خوفا على حياة نجله.
توجه الأب إلى قسم شرطة منشأة القناطر شمال محافظة الجيزة، وتقابل مع رئيس المباحث الرائد سامح بدوي وقص عليه ما حدث ليطمأنه الضابط الشاب بأنهم لن يتركوا القسم حتى يكشفون ملابسات اختطاف طفله.
فور إخطاره، وجه اللواء محمد عبد التواب نائب مدير مباحث الجيزة بتشكيل فريق بحث رفيع المستوى يضم اللواء مدحت فارس مدير المباحث الجنائية والعميد عصام أبو الخير رئيس مباحث قطاع أكتوبر.
أول تحركات لرجال المباحث كانت بقيادة الرائد كريم يونس معاون مباحث منشأة القناطر الذي عمد إلى جمع المعلومات حول علاقات المبلغ والوقوف على وجود خلافات بينه وبين آخرين ترقى لارتكاب تلك الواقعة، فكانت المفاجآت حاضرة، أولها أن الأب يتاجر في قطع غير أثرية وشروعه في النصب على آخرين وبيع تلك القطع على أنها أثرية، وأنه لا يمتلك أي ثورة كما يتردد.
صباح اليوم التالي لتلقي البلاغ، واصل رجال المباحث فحص نتائج التحريات وسط توجيهات من العقيد علاء فتحي مفتش مباحث شمال أكتوبر بتتبع الرقم الذي اتصل بالأب فكانت مفاجأة من العيار الثقيل، المشتبه به الرئيسي هو أحد الجيران يدعى "محمود.ع" 18 سنة، مبيض محارة.
أعد المقدم محمد أبو زيد وكيل الفرقة عدة أكمنة لضبط المتهم لاسيما هروبه من مسكنه، وأمكن ضبطه في إحداها ليقر بارتكاب الواقعة لكنه كشف عن المأساة؛ بأن الطفل ليس على قيد الحياة "خوفنا يفضحنا قتلناه ورمينا الجثة في النيل".
وأشار المتهم إلى أنه لدى إحضار أحدهم الماء للطفل، تعرف عليه الأخير فقرر التخلص منه، وسدد له 5 ضربات متتالية بمؤخرة رأس الطفل بواسطة طبنجة سقط مغشيا عليه، مضيفا: "غطسناه في الميه لحد ما مات" ثم ألقوا جثته في مجر نهر النيل.
انطلق النقيب أحمد فرحات معاون مباحث منشأة القناطر في رحلة البحث عن الجثة، وكللت جهوده بالنجاح، وانتشل الجثمان بالتنسيق مع قوات الإنقاذ النهري، وتوجه بعدها في مأمورية إلى محافظة البحيرة حيث مكان اختباء المتهمين الهاربين، وتمكن من ضبطهما، ليتنفس ضباط المباحث الصعداء بعد عمل مستمر طوال 48 ساعة.
وسط حراسة أمنية اقتاد رجال الشرطة المتهمين الثلاثة لتمثيل جريمتهم بالصوت والصورة وسط حضور فريق من النيابة العامة، وإعادتهم إلى محبسهم، لتسدل أجهزة الأمن بالجيزة الستار عن تلك القضية.
فيديو قد يعجبك: