"النيابة الإدارية" تصدر تقريرًا لعلاج أوجه القصور والخلل بمنظومة السكك الحديدية
كتب- محمود السعيد:
أصدرت هيئة النيابة الإدارية، برئاسة المستشارة أماني الرافعي، تقريرًا اليوم الأربعاء، يتضمن توصيات وحلولا لعلاج أوجه القصور والخلل في المنظومة الفنية بالسكك الحديدية، في ختام التحقيقات التي باشرتها في واقعة خروج جرار وعربات القطار رقم 986 عن القضبان وانقلاب بعضها يوم 13 يوليو الماضي، نتيجة عطل بالتحويلة الخاصة بمحطة المرازيق.
وذكر تقرير النيابة الإدارية، أن دورها لا يقتصر على مباشرة التحقيق في المخالفات فقط بل تمتد رسالتها لتحديد أوجه القصور والخلل الذي أدى إلى حدوث المخالفات وتقديم الحلول القانونية والعملية الكفيلة بالعلاج؛ وهي الرسالة التي أوكلها لها قانون إنشائها باختصاصها بضبط أداة الحكم تحقيقاَ للصالح العام وضماناَ لحسن سير أداء المرافق العامة للدولة.
وشمل التقرير محورين رئيسيين أولهما المنظومة الفنية للإشارات، والثاني منظومة العمل والعنصر البشري، وأشار إلى أن سكك حديد مصر ظلت مهملة منذ أكثر من 30 عامًا، وشهدت العقود الأخيرة العديد من حوادث وكوارث القطارات، مؤكدًا يقين "النيابة الإدارية" أن توصياتها الحالية ستجد لها الآذان المصغية في ظل ما تتسم به هذه المرحلة من مواجهة تركة الفساد الإداري ووضع حلول جذرية لها في كافة المجالات.
واستعرض التقرير منظومة الإشارات بالسكة الحديد، والتي تعتمد على نظام الربط الكهربائي أو الدوائر الكهربائية - وفقا للنظام المستحدث عام 1992 - ببعض الخطوط وأن الخطوط الأخرى مازالت تعمل بنظام الربط الميكانيكي القديم.
ولفت التقرير إلى عيوب هذا النظام في أنه قديم ولا يواكب الأنظمة الحديثة والمتطورة بأنظمة السكك الحديدية، ولا توجد قطع غيار لهذه الأنظمة ولذلك يتم الاعتماد على قطع غيار بديلة قد تؤثر في كفاءة المنظومة.
كما أن نظام الربط الكهربائي أو الميكانيكي لا يعتمد على نظام التحكيم المركزي لسير القطارات، وأن هذه الأنظمة لا يوجد بها نظام تسجيل للأحداث الخاصة بسير القطارات سواء بالإدارة المركزية أو لوحة التشغيل، فضلًا عن أن هذه الأنظمة تعتمد على العنصر البشري اعتمادا أساسياً في تشغيل وتسيير القطارات ولكل محطة أو برج أو تحويلة أو مزلقان، ودائماً ما يحدث إهمال أو تقاعس من العنصر البشري يؤدي إلى حدوث كوارث.
وأضاف التقرير وجود خلل في تشغيل أجهزة (A.T.C) حيث أن هذه الأجهزة توضع في مكان بالجرار معروف للسائق وحده وأن مفتاح الصناديق الخاصة (A.T.C) يسهل فتحها مما يمكن بعض السائقين من تعطيلها حتى يتمكن من قيادة القطار بالسرعة التي يراها ودون الالتزام بالسيمافور بدعوى أن ذلك يعطل مسير القطارات، كما أنه يمكن سرقة جهاز ( A.T.C) (ما يطلق على الصندوق الأسود) كما حدث في الحادث الأخير موضوع القضية رقم 112/2018 رئاسة الهيئة حيث تبين سرقة الجهاز بعد الحادث مباشرة، فضلاً عن تبين سرقة بعض أجهزة ( A.T.C) الموضوعة على السكة الحديد.
وفي هذا الشأن قدمت هيئة النيابة الإدارية مجموعة من الحلول المقترحة من خلال الاعتماد على نظام الربط الإلكتروني بمنظومة الإشارات ومسير القطارات (أسوة بما هو متبع بالخط الثاني والثالث لمترو الأنفاق)؛ حيث أن هذا النظام يعتمد على نظام التحكم المركزي لسير القطارات بما يضمن سلامة التشغيل، كما أن هذا النظام يوجد به نظام تسجيل بالأحداث الخاصة بسير القطارات، فضلاً عن أن هذا النظام يعتمد في المقام الأول على التشغيل الإلكتروني، الأمر الذي تقل معه الأخطاء البشرية في هذه المنظومة ويضاف إلى ما سبق توافر قطاع غير المنظومة الإلكترونية.
وقدم التقرير مقترحًا لحين العمل بمنظومة الربط الإلكتروني يمكن من خلالها اتخاذ بعض التدابير بوضع كاميرات مراقبة على غرف وأبراج المحطة ولوحة التشغيل لتحقيق قدر كبير من الرقابة المركزية على المحطات والأبراج وما يدور بها، وكذلك وضع جهاز (A.T.C) في مكان بالجرار لا يمكن للسائق أو غيره ممن له ثمة مصلحة في الوصول له حتى لا يتمكن من تعطيله وحتى لا يمكن سرقته وذلك بعد وقوع حوادث.
واستعرض التقرير الفني الذي أصدرته هيئة النيابة الإدارية، وأشرف عليه المستشار عصام المنشاوي مدير المكتب الفني لرئيس الهيئة، أوجه الخلل في منظومة صيانة الإشارات، والتي تناولت معظم أنظمة وقطاعات السكة الحديد مغطاة بعقود للصيانة مع شركات أخرى وذلك كصيانة الجرارات والعربات وغيرها، إلا أن صيانة الإشارات تتولاها الهيئة القومية لسكك حديد مصر بنفسها وقد يرجع ذلك لإحجام الشركات عنها لضعف المقابل المالي ولخطورة المنظومة .
وقدم التقرير ملاحظات حول صورية أعمال الصيانة للإشارات، وأن الهيئة تضع خطة سنوية لصيانة الإشارات ومنها (السيمافورات والتحويلات، غرف الريليهات) وعلى أن تكون صيانة الداخلي (غرف الريليهات) كل 6 أشهر وصيانة الخارجي (اللوحة والسيمافورات والتحويلات وغيرها ) كل 3 شهور وتتضمن كراسة الصيانة إجراء تجارب للأجهزة للوقوف على حالتها.
وفي هذا الشأن كشف التقرير أنه بمطالعة كراسات الصيانة (داخلي/خارجي) لمحطة المرازيق عن الفترة خلال عامي 2017، 2018 أن جميع التجارب والأجهزة منتهية بالتقرير وأنها تعمل بصورة جيدة بما ينبئ عن أن هذه الصيانة صورية.
كما تلاحظ عدم تضمن كراسات الصيانة لبنود متعلقة بالأعطال السابقة للإشارات بما لا يمكن معه الوقوف على الحالة العامة لها طوال فترة الصيانة، وكذلك أن أعمال الصيانة تتم في غير حضور كبار المختصين بالصيانة بالمنطقة وإنما يتم اعتمادها منهم فقط، بالإضافة إلى أنه لا يوجد سجل بالمحطة ليوقع فيه المختصون بالصيانة منه أثناء مرورهم الشهري أو الأسبوعي – حسب الاختصاص – لمتابعة عمل وصيانة الإشارات بما لا يمكن معه الوقوف على حقيقة المرور الفعلي.
وانتهى تقرير "النيابة الإدارية"، إلى عدد من التوصيات لعلاج الخلل والقصور في منظومة صيانة الإشارات، ومنها أنه يتعين تصوير التجارب وأعمال الصيانة أثناء القيام بها وفقًا لخطة الصيانة (داخلي/خارجي) على أن ترفق أسطوانة مدمجه (C.D) عليها المقاطع المصورة الخاصة بأعمال الصيانة بكراسة الصيانة وذلك للتأكد من القيام بالصيانة الفعلية، وعلى أن تتم الصيانة في حضور مدير عام الصيانة أو مدير إدارة الإشارات.
وأوصى التقرير بضرورة إثبات كافة الأعطال الخاصة بالإشارات بكراسة الصيانة للمحطة خلال فترة الصيانة - حتى ولو تم إصلاحها - لإمكانية الوقوف على الحالة العامة للأجهزة بالمحطة ولإمكانية تحليل هذه الأعطال والوقوف على أسبابها ومتابعتها في ضوء ذلك، فضلاً عن إنشاء سجل بالمحطات لتوقيع المختصين بالصيانة أثناء مرورهم بالمحطة أو البرج أو تمكينهم من التوقيع بسجل الزيارات 350 الموجود بالمحطة وذلك للتأكد من المرور الفعلي.
وتبين من خلال أعمال اللجنة التي عكفت على إعداد تقرير هيئة النيابة الإدارية، عدم وجود نظام لتحليل الأعطال والوقوف على أسبابها، وأن الهيئة القومية لسكك حديد مصر تعتمد على منظومة الأوراق والسجلات فقط للإخطار بالأعطال وإدراج الهام منها بالسجلات اليومية الهامة لإخطار كافة الإدارات المختصة به وهو نظام يفتقر إلى إمكانية الربط بين الأعطال وتكرارها في الفترات الزمنية المختلفة، وهو نظام لا يمكن معه الوقوف على تكرار الأعطال أو تحليل أسبابها.
وفي هذا الصدد، أوصى التقرير بإعداد برنامج بالحاسب الآلي يتم فيه إثبات كافة الأعطال التي يتم الإخطار بها سواء كبيرة أو صغيرة وكافة البيانات المتعلقة بكل محطة أو برج وذلك حتى يمكن من خلال هذا البرنامج الوقوف على تكرار الأعطال سواء في المكان الواحد أو عدة أماكن بما يمكن معه توفير قاعدة بيانات عن كافة الأعطال وتكرارها سواء من حيث النوعية أو المكان حتى يمكن وضع تحليل أو تصور كامل لمنظومة العمل بالسكة الحديد والأعطال التي ترد عليها وإمكانية صيانتها أو إصلاحها.
فيديو قد يعجبك: