حامل الراية السوداء.. كيف تحول "علي الدرز" من تاجر إلى قيادي في "داعش سيناء"؟
كتب – محمود السعيد:
قبل سنوات من تصنيفه أحد أهم القيادات في تنظيم "داعش"، كان "علي" ضمن أسرة في قرية أبو صويرة بمدينة رأس سدر في جنوب سيناء، مكونة من 8 أشقاء، تقودهم الأم بعد وفاة الأب، يتجمعون إلى مائدة واحدة يشاهدون التلفزيون سويّا، ويعملون في تجارة الملابس والأراضي، إلى أن تغيّر الحال فجأة.
علي سالمان علي الدرز، بات أحد أهم المطلوبين في 3 قضايا مرتبطة بتنظيم "ولاية سيناء" التابع لتنظيم "داعش" الإرهابي، والذي وصفته تحقيقات نيابة أمن الدولة في القضية التي تضم 555 متهمًا بأنه قيادي بارز يتولى عملية الدعوة إلى أفكار التنظيم التكفيرية ومسؤول عن 43 خلية عنقودية بالجماعة.
تحوّل مفاجئ من شخص طبيعي إلى قيادي داعشي مطلوب، يطرح أسئلة كثيرة يجيب عن بعضها "مصراوي" في هذا التقرير، استنادًا لأقوال أشقائه الثلاثة وشريكه بتحقيقات نيابة أمن الدولة.
نشأ علي وكنيته (أبو عبدالرحمن- 54 عاما)، في قرية أبوصويرة في جنوب سينا، "أخويا كان شخص عادي بيصلي ومربي دقنه وبيتفرج على التلفزيون ويضحك معانا"، يصف عبدالله سالمان الدرز حال شقيقه قبل عام 2011، مضيفًا "لكن في بداية السنة دي، حاله اتقلب وبطل يتفرج على التلفزيون بعد ما تعرف على 6 أشخاص متشددين"، يكمل في التحقيقات.
وأضاف أنه خلال ثورة يناير 2011 شاهد مقطع فيديو لشقيقه برفقة عدد من المتشددين أمام مقر نيابة أمن الدولة برأس سدر، كما علم أنه أغلق "خمّارة" دون الاعتداء على صاحبها، وظلّ على حاله في اجتماعات مستمرة مع متشددين منهم عبد الرحمن صالح، ومحمد سعد وشهرته "أبوحمزة".
في عام 2012، أصبح "الدرز" عضوا في الجمعية الشرعية بأبو صويرة والتي كانت تختص بجمع تبرعات الأغنياء وتوزيعها على الفقراء، وبها مسجد يخطب به عدد من شيوخ الأزهر والأوقاف إلى أن طلب الدرز من رئيس الجمعية أحمد السيد أبومنصور السماح بأن يخطب في المسجد أسعد البيك وهو من أشهر الشيوخ التكفيرين بالمنطقة وزعيم تنظيم أهل السنة والجماعة ألقي القبض عليه بعدها.
"أبو منصور" قال في تحقيقات القضية 148 عسكرية، إن "الدرز" وزميله "أبوحمزة" تغير سلوكهما بعد ذلك، لدرجة تكفير باقي أعضاء الجمعية، وبدأ في توزيع كتيبات تدعو إلى تكفير الدولة وتحرض على قتل رجال الجيش والشرطة والقضاء واستحلال أموال ودماء المسيحيين، ثم طالب أهل القرية بعدم الصلاة خلف قيادات وأعضاء الجمعية الشرعية، وعقدا مؤتمرا بعنوان "تطبيق الشريعة" فقررت الجمعية فصله نهائيا.
يوم 14 أغسطس 2013 (فض اعتصام جماعة الإخوان في مسجد رابعة العدوية بالقاهرة)، كان فاصلًا في حياة "أبو عبدالرحمن"، بعدما حمل سلاحًا ناريًا وقنابل يدوية في سيارته "اللاند كروزر"، وهاجم برفقة أبوحمزة وآخرين قسم شرطة رأس سدر وإحدى الكنائس بالمدينة، وعلى أثرها أصبح مطلوبًا من الأجهزة الأمنية، بحسب اعترافات أشقائه الثلاثة "عبدالله وخالد وأحمد" الدرز في التحقيقات.
ظّل "الدرز" هاربًا في الجبال بعد 2013 ويتردد على منزله من وقتٍ لآخر متخفيًا، وكان يطلب من شقيقه عبدالله إمداده بالطعام وإذا رفض كان يعتدي عليه بالسبّ والضرب، إضافة إلى طلبه من عبدالله تحويل أموالًا بالبريد (3 مرات)؛ التحويل الأول لعصام (حداد) مبلغ 30 ألف جنيه، والثاني 30 ألف جنيه باسم لعلي السيد جابر، والثالث 30 ألف جنيه باسم جابر السيد جابر، وعزا تلك الأموال إلى أنها مقابل صاج وحديد وقطع غيار لسيارته.
وأكد خالد سالمان درز (موظف، 33 عاما) محبوس، أن شقيقه انضم لجماعة أنصار بيت المقدس التي أعلنت مبايعتها لـ"داعش" وتحولت إلى "ولاية سيناء"، وأن "علي" تحول إلى شخص تكفيري "بقى شايف إن القوانين الوضعية والدستور كفر، وطول الوقت شايل الرايات السوداء" وأنه سكن الجبل بعد هجومه على قسم شرطة رأس سدر في 2013، لافتًا إلى أن شقيقه أصبح قاسيًا بتطبيقه "التشميس" (ويعني رفع الغطاء القبلي عن الشخص الذي لا ينصاع لتقاليد وأعراف قبيلته) على شقيقهما أحمد، 34 سنة، لرفضه الزواج من ابنة عمه.
من 2014 إلى 2017، كان "الدرز" المتهم الـ23 بقضية محاولة "اغتيال الرئيس عبدالفتاح السيسي" دوره إمداد عناصر جماعة "ولاية سيناء" بألواح الصاج النحاسية الخاصة بالأنفاق الأرضية وتهريب الأسلحة لأعضاء الجماعة في شمال سيناء، حسبما يقول "أبومنصور"، مضيفًا أنه حصل على 1000 جنيه مكافأة نظير مساعدته للمتهم في توصيل الصاج، ثم اشترى له "لاب توب" علِم أن فريق الإعلام بالتنظيم سيستخدمه.
وعلِم "أبومنصور" من أحد الأشخاص الذين كانوا يتولون تسليم الطلبات لأعضاء التنظيم أن "الدرز" خطط خلال عام 2014 لاغتيال وزير الداخلية الأسبق اللواء محمد إبراهيم.
وتولى الإرهابي "الدرز" بعدها مسئولية جلب أعضاء جدد لتنظيم "ولاية سيناء" فطلب من أبو منصور الانضمام للجماعة بغرض تطبيق الشريعة والجهاد ضد الشرطة لكنه رفض، لكن أبو منصور اشترى له 11 كتابا منها "زاد المستنقع" لابن عثيمين في شرح الفقه، كما أنشأ الدرز صفحة على "فيسبوك" باسم بشر المتقين للتواصل بين أعضاء الجماعة وجلب أعضاء جدد.
تحريات الأمن الوطني في القضية 79 لسنة 2017، تشير إلى تصاعد دور الإرهابي علي سالمان الدرز، والتي قالت إن المتهم تولى مسئولية 4 خلايا (الرصد - الدعم الوجيستي - انتحارية - التنفيذ)، وتكليفهم باستهداف عدد من ضباط الجيش والشرطة والقضاة بشمال سيناء، كما كلَّف أحد العناصر الجهادية بإنشاء قناة باسم "رصد مرتدي مصر" ونشر فيها طرق تصنيع العبوات الناسفة.
"جهاد النكاح" كان ضمن أولويات الإرهابي علي الدرز، إذا طالب أعضاء الجماعة باستقدام عناصر نسائية لجذب العناصر الشبابية للتنظيم الذي يعاني من ضربات الجيش في سيناء، وتنفيذا لتلك التكليفات تمكن المتهمان "أ.ر.ع" و"ع.ي.ي" من خلال خطيبة الأول المتهمة "غ.ع.ع" والمتهمة "هـ.ح.أ" من استقطاب العديد من العناصر النسائية ودفعهن للسفر لمحافظة شمال سيناء للالتحاق بصفوف التنظيم.
ومازال الإرهابي علي الدرز، مطاردا من قوات الجيش والشرطة، وقررت محكمة الجنايات إدراجه على قائمة الإرهابيين لمدة 3 سنوات في القضيتين 148 عسكري و79 لسنة 2017، ونسبت له نيابة أمن الدولة قتل النقيب محمد الزملوط، والملازم أول محمد شعبان، والأمين محمد أبو آمنة، والأمين مصطفى فتحي عطية، والمندوب السيد سلامة، و5 مجندين من الأمن المركزي، والرائد أحمد حسين رشاد نائب مأمور قسم القسيمة، واستهداف مدرعات تابعة للأمن المركزي، واستهداف مروحية تابعة للجيش، واستهداف مدرعة للشرطة بالطريق الدائري، واستهداف كمائن للجيش والشرطة بالعريش، واختطاف مواطنين بزعم تعاونهم مع الأمن، وقتل آخرين للسبب ذاته.
كما وجهت له إمداد جماعة أسست على خلاف القانون "ولاية سيناء" بمعونات مادية وعينية، بإمدادهم بمفرقعات وأسلحة نارية وذخائر ومهمات وأدوات ومقرات تنظيمية وأماكن لإيوائهم وأموال ومعلومات ومساعدات طبية مع علمهم بأغراض تلك الجماعة.
فيديو قد يعجبك: