القضاء الإداري يلزم الدولة بالحفاظ على حق المواطن في المعرفة
كتب –محمود الشوربجي:
أرست محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، مبدأ قضائيًا في حماية حق المواطن في المعرفة والوصول للمعلومات، وقالت: "المواطن هو حاكم رأيه وسيد معتقده، وهو أساس الديمقراطية، إن الحق في المعرفة هو حق من حقوق الإنسان التي تمثل أمرًا بالغ الأهمية".
وقالت المحكمة إن المادة ( 68 ) من الدستور الحالي تنص على أن (المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية، وينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها، وقواعد إيداعها وحفظها، والتظلم من رفض إعطائها، كما يحدد عقوبة حجب المعلومات أو إعطاء معلومات مغلوطة عمدًا).
وأضافت المحكمة: "مؤسسات الدولة تلتزم بإيداع الوثائق الرسمية بعد الانتهاء من فترة العمل بها بدار الوثائق القومية وحمايتها وتأمينها من الضياع أو التلف، وترميمها ورقابتها بجميع الوسائل والأدوات الحديثة وفقًا للقانون".
وأشارت إلى أن الدستور أخذ بالنظام الديمقراطي الذي يقوم على أساس المواطنة وسيادة القانون، وجعل السيادة للشعب يُمارسها ويحميها بوصفه مصدر السلطات، وكفل حرية الرأي والفكر وحرية التعبير وحرية الصحافة والطباعة والنشر، وحظر فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام في غير زمني الحرب أو إعلان التعبئة العامة.
وأضافت أن الدستور ألزم الدولة بضمان استقلال المؤسسات الصحفية ووسائل الإعلام بما يكفل حيادها وتعبيرها عن كل الآراء والاتجاهات السياسية والفكرية والمصالح الاجتماعية، وبما يضمن المساواة وتكافؤ الفرص في مُخاطبة الرأي العام – كل ذلك على الوجه المنصوص عليه في المواد 1 و4 و65 و70 و71 و72 من الدستور.
وأكدت أن المادة (68) من الدستور تنص على أن: " المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المُختلفة حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية، وينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها وقواعد إيداعها وحفظها والتظلم من رفض إعطائها، كما يُحدد عقوبة حجب المعلومات أو إعطاء معلومات مغلوطة عمدًا".
وأشارت المحكمة إلى أن الدستور لم يقصر مبدأ إتاحة المعلومات على السلطة التنفيذية فهو مبدأ عام تخضع له كل سلطات الدولة، وجعل الدستور العلانية هي الأصل في أعمال السلطتين التشريعية والقضائية من أجل إشراك المواطنين أصحاب السيادة في الشأن العام، فينص في المادة (120) على أن جلسات مجلس النواب علنية وأجاز على سبيل الاستثناء ووفقًا للضوابط المحددة انعقاد المجلس في جلسة سرية.
كما ينص في المادة (187) على أن جلسات المحاكم علنية إلا إذا قررت المحكمة سريتها مراعاة للنظام العام أو الآداب وأوجب في جميع الأحوال أن يكون النطق بالحكم في جلسة علنية، فالأصل في أعمال السلطات الثلاثة هو العلنية والاستثناء هو السرية.
وأضافت أن القاعدة في مجال نشر الأخبار والمعلومات في وسائل الإعلام هي جواز النشر وأن حظر النشر يبقى في هامش الاستثناء الذي لا يتوسع فيه، ويشترط لإعمال الاستثناء وجود نص من الدستور أو القانون يحظر النشر أو يضع قيودًا على النشر كاشتراط موافقة سابقة من جهة مُعينة أو يوجب التقيد بقرار يصدُر من سلطة مُختصة – في حدود القانون – تحظر فيه النشر.
وأشارت المحكمة إلى أنه على سبيل المثال يُحظر على وسائل الإعلام نشر أية أخبار أو مواد تنتهك حرمة الحياة الخاصة أو المراسلات البريدية والبرقية والإلكترونية والمحادثات الهاتفية التي أرسى الدستور مبدأ صيانتها في المادة (57).
وأكدت أنه يُحظر نشر أية أخبار عن القوات المُسلحة أو المُخابرات العامة إلا بعد الحصول على موافقة مُسبقة من الجهة التي حددها المشرع، كما يحظر نشر أي أخبار عن التحقيقات إذا قررت سلطة التحقيق المُختصة حظر النشر طبقًا للمادة (193) من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، فإذا لم تتوافر إحدى الحالات المُستثناة طبقًا لأحكام القانون فإنه يُرجع إلى الأصل وهو حرية وسائل الإعلام في النشر، فلا يجوز أن تُكمم الأفواه وتُقصف الأقلام دون سند من القانون.
وتابعت أنه من حيث إنه لا ينبغي في هذا الشأن الخلط بين القيود التي يوردها المشرع على وسائل الإعلام في نشر الأخبار والمعلومات وبين الالتزام بحفظ الأسرار التي قد يطلع عليها الشخص بحكم وظيفته أو مهنته أو عمله؛ كالقيود التي تُفرض على العسكريين أو الموظفين العموميين أو الأطباء وغيرهم للحفاظ على الأسرار العسكرية أو الوظيفية أو سر المهنة المصرفية أو السر الضريبي أو السر الطبي أو غير ذلك من المعلومات التي ترتبط بأداء الوظائف أو المهن.
وأشارت المحكمة إلى أن مرجع هذا الحظر هو الحفاظ على السر الوظيفي أو المهني سواء أكان من أسرار الإدارة أو المواطنين التي قد تتكشف للشخص بسبب وظيفته أو مهنته، وإفشاء السر المهني أو الوظيفي يحدث إذا تم نقل السر إلى الغير ولو لم يُنشر في وسائل الإعلام، والالتزام بحفظ السر المهني أو الوظيفي موجه إلى الشخص المعني الذي قد يطلع على السر بسبب عمله أو وظيفته وليس موجهًا إلى وسائل الإعلام والتي لا تخضع لغير النصوص القانونية المُخاطبة بها.
كما إن الأخبار والمعلومات التي تخص الشأن العام من أدوات تشكيل الرأي العام، وللمواطنين ولوسائل الإعلام الحق في النفاذ إلى مصادر المعلومات الصحيحة للحصول عليها وتداولها ونقلها وإجراء النقاش والجدال حولها ليُشكل كل مواطن رأيه في الشئون العامة على هدى من نور الحقيقة دون حجر على حرية فكره.
وأضافت أن المواطن هو حاكم رأيه وسيد معتقده، وهو أساس الديمقراطية والتي تتجاوز المفهوم التقليدي لها المتمثل في المُشاركة في الانتخابات، لتصبح عملية مستمرة تضمن مشاركة الأفراد في كل أمور الشأن العام مُشاركة فاعلة، ولا تتحقق هذه المُشاركة إلا إذا كان المواطنون على بصيرة من الحقائق عما يحدث في وطنهم.
ولفتت المحكمة إلى أن المعرفة بالشأن العام تُشكلها وسائل الإعلام ومحتوى الإعلام يؤثر في الرأي العام، فإذا كانت مادة الإعلام صحيحة صادقة في أخبارها ومعلوماتها أدرك الرأي العام حقيقة ما يجري إدراكًا سليمًا أما إذا حُرمت وسائل الإعلام من الأخبار والمعلومات الصحيحة فإن ذلك ينعكس سلبًا على الرأي العام، وكل مساحة تخلو في وسائل الإعلام من المعلومات والحقائق تملأ بالأكاذيب والأضاليل.
وأكدت أن كل خصم من العلم الصحيح بالحقائق يؤدي إلى زيادة الجهل والانتقاص من الوعي العام ويفضي إلى عدم مصداقية وسائل الإعلام ويصرف الناس عن متابعة الشأن العام، كما يجرد وسائل الإعلام من تأثيرها الإيجابي في الدفاع عن حقوق وحريات المواطنين وتبني قضاياهم.
وأضافت أن كل تقييد أو وضع حواجز على حق المواطنين وحق وسائل الإعلام في الوصول إلى المعلومات الصحيحة والأخبار الصادقة دون سند من القانون وفي غير وجود مبرر يُستند إلى مصلحة عامة يُعد سيرًا على غير مسار الدستور وإهدارًا للحقوق التي صانها للمواطنين ولوسائل الإعلام.
وأشارت إلى أنه يتعين على الدولة أن تنشئ الأطر القانونية القوية التي تحمي حق الأفراد في الوصول إلى هذه المعلومات – وبما يضمن الحفاظ على سريتها -وبالتالي يؤدي ذلك إلى خلق مجتمع مدني نشط قادر على تحقيق رقابة شعبية حقيقية وفعالة على تصرفات الحكومة في أموال الدولة.
فيديو قد يعجبك: