إعلان

ليلة سقوط إبراهيم "الأبيض".. قتل لواء متقاعد في "غرفة الإعدام"

02:29 م الإثنين 16 أكتوبر 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - محمد شعبان:

اشتعل غضب "أيوب الثروي"، الشهير بين أصحاب ورواد بارات الهرم بـ"إبراهيم الأبيض"، عندما رفض "هشام م."، لواء متقاعد، وصاحب ملهى ليلي، دفع إتاوة فرضها عليه، لم يفكر كثيرا استدرجه إلى "غرفة الإعدام" التي أعدها خصيصا لتأديب من يقف ضده، وقتله معتقدا أن الأمر لن يتجاوز اتهامه في قضية جديدة غير الـ23 قضية الأخرى المتهم فيها، لكنها كانت نهاية أسطورة "قبضاي شارع الهرم".

4 عقود كاملة، كوَّن خلالها "أيوب" إمبراطوريته في عالم الإجرام والبلطجة حتى ذاع صيته بمنطقتي الهرم والطالبية، شكاوى الأهالي وأرقام المحاضر شاهدة على سطوته.

لفترة طويلة، عمل "أيوب" في مجال السياحة، مستغلا قرب المسافة بين منطقة سكنه بالكوم الأخضر والمنطقة الأثرية بالهرم، لكن عام 1989 كان نقطة تحول في حياته، فقد طرد من قبل رئيس مباحث السياحة والآثار آنذاك "كان بيعمل مشاكل مع السياح وينصب عليهم حتى تم التنيبه عليه بعدم الاقتراب من منطقة الأهرامات الثلاثة بالكامل" حسبما أكد أحد جيرانه.

"مشي في نفس سكة أبوه" يوضح أحد سكان شارع سيد عباس، أن والد أيوب تخصص في الاستيلاء على أراضي الدولة بنظام وضع اليد "الشارع ده كله تقريبا ملكه.. ده على اسمه"، لافتا إلى أنه كان يعمل أيضًا في التنقيب عن الآثار بحثا عن الثراء السريع.

رويدا رويدا، بدأت أسطورة "إبراهيم الأبيض" -كما يُلقبه الأهالي- تشكل خطرًا على الجميع، إذ انتهز فترة الانفلات الأمني في أعقاب ثورة 25 يناير لتعزيز قبضته، حتى أنه أطلق النار على ابن عمه عندما عارضه، ويشير حارس عقار ملاصق لسفارة النيجر بالمنطقة، إلى أنه لم يتم سجنه بعد تصالحه "كان جايب محامي تقيل خرجه من القضية".

خلال الأعوام القليلة الماضية، شكل "أيوب" عصابته الخاصة بالاعتماد على صاحب محل دواجن شهرته "علاء فرخة"، وذراعه الأيمن "محمد الشواكيشي"، علاوة على الاحتماء بأفراد عائلته "عنده 3 اخوات.. واحد بيبيع مخدرات والتاني مسجون، والتالت سواق في سفارة"، حسب ما قال الأهالي.

فرض عناصر التشكيل العصابي الثلاثة الإتاوات على أصحاب المحلات التجارية بمنطقة الكوم الأخضر والملاهي الليلية والبارات بالهرم من بوابة "الحراسة والتأمين"، ولم يفلت من قبضتهم إلا القليل "ماحدش يقدر يعترض"، يصف مالك محل ملابس الأمر.

ومن أرباح الإتاوات، افتتح صاحب الـ47 سنة مقهى "ليالي زمان" ومحل للألعاب الترفيهية "بلاي ستيشن"، وجعل بينها بابًا حديديًا صغيرا تم دهانه باللون الأسود. "كان بيقول إنه مكتب" يؤكد مالك ورشة لصيانة السيارات بالمنطقة، مشيرا إلى أن الباب يؤدي إلى غرفة ضيقة أشبه بسرداب.

لفترة طويلة ظلت الغرفة مثار تساؤل الأهالي، خاصة أنها مغلقة باستمرار حتى حدثت المفاجأة منذ أشهر قليلة: "سمعنا صوت ضرب وصراخ جامد طالع منها"، يوضح عامل بمطعم مجاور للمقهى، مؤكدا: "أيوب" كان يحتجز 3 أشخاص، تناوب وآخرون عليهم بالضرب "كان عاملها غرفة إعدام لأي حد بيزعله".

تكرر الأمر أكثر من مرة خلال الفترة الأخيرة -حسب الأهالي-، الذين قالوا: "أيوب علاقته حلوة بالشرطة"، لكن مع تعدد خلافاته وعداواته، تسببت إحداها في احتجازه خلف القضبان بقضية "ضرب وفرض سيطرة"، صدر ضده حكما بالحبس 9 أشهر، قبل إخلاء سبيله بكفالة مالية.

مساء الخميس قبل الماضي، تلقى "أيوب" اتصالا هاتفيا من "هشام م."، 57 سنة، لواء متقاعد كان يعمل بجهة سيادية، يمتلك ملهى ليلي بشارع الهرم، طالبه بضرورة مقابلته لمساعدته في إنهاء علاقة إيجارية بينه ومستأجر الملهى.

توجه "هشام" والمحامي الخاص به إلى المقهى الذي يملكه "أيوب"، وجلسوا يتبادلون الحديث بحثا عن حل للمشكلة، خاصة مع رغبة "أيوب" في الحصول على قيمة إيجار الملهى كرها عن مالكه. مع تفاقم الأمور، طلب "أيوب" من المحامي مغادرة جلستهم، وأخبره أنهما سيتوصلان إلى حل "وسط".

استدرج "أيوب" مالك الملهى إلى "غرفة الإعدام"؛ بزعم إبرام عقد خفره للملهى فيما بينهما، وعقب تحرير العقد استعان بـ"علاء فرخة"، لتقييده، وتعدى عليه بالضرب بـ"شاكوش" مُحدثًا إصابته التي أودت بحياته، ثم قام بمساعدة الثالث "محمد الشواكيشي" بدفنه بأرضية الغرفة أسفل مصطبة أسمنتية؛ خشية افتضاح أمرهم.

عقب صلاة الجمعة قبل الماضية، فوجئ أهالي المنطقة بـ"أيوب" ينتزع كاميرات المراقبة المثبتة أعلى المقهى ومحل البلاي ستيشن ويرفع جهاز تكييف المحل.. "كان بيقول انه هيجدد في القهوة"، يؤكد عامل بورشة لصيانة السيارات أنهم شعروا بحركة غريبة، خاصة مع تردد "أيوب" على "غرفة الإعدام" بين الحين والآخر.

داخل منزل اللواء المتقاعد، كان القلق قد استبد بزوجته "منال ر." التي اتصلت على هاتفه عشرات المرات لكن دون جدوى، وعندما سألت المحامي عنه أخبرها "ماعرفش حاجة عنه.. أنا سبته امبارح مع أيوب".

توجهت "منال" إلى قسم شرطة الطالبية للإبلاغ عن اختفاء زوجها، وروت للرائد سامح بدوي، رئيس المباحث، تفاصيل ما حدث، ليطلب على الفور معاونه النقيب أحمد صبري، بفحص البلاغ.

على مدى 72 ساعة، عكف رجال المباحث بقيادة المقدم علي عبد الكريم، وكيل فرقة مباحث الطالبية والعمرانية، على فحص علاقات المجني عليه، حتى توصلت تحريات النقيب أحمد صبري إلى أن آخر مرة شوهد فيها الضحية كانت مع "أيوب" بالمقهى الذي يملكه.

الفحص الجنائي للمشتبه به الرئيسي كشف عن مفاجأة بأن اسمه الحقيقي "جلال س."، 43 سنة، سبق اتهامه في 23 قضية آخرهم قتل، وأنه مسجل خطر فرض سيطرة، بمعاونة جزار وفرارجي يقطنان بنفس المنطقة.

عقب استصدار إذن من النيابة العامة، ألقت قوات الأمن القبض على المتهم الثاني "علاء فرخة" الذي أرشد عن العقل المدبر للجريمة "أيوب"، الذي أمكن ضبطه مساء الأربعاء قبل الماضي، وتم استخراج الجثة من داخل الغرفة.

وأمام اللواء إبراهيم الديب، مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، أقر المتهم بجريمته، مؤكدًا: "مش ندمان". وأمرت نيابة العمرانية بحبس المتهمين 15 يوما على ذمة التحقيق.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان