إعلان

''كنت مجرمًا''.. ''لوليتا'' ملكا لـ''دولة المجرمين''

11:08 ص الإثنين 15 يوليو 2013

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

بقلم- محمد مهدي:

أرهقه السهر، لكن النوم لم يطاوع عينيه، تكدست الذكريات بداخل رأسه، وتساءل لماذا الليلة تحديدًا؟.. ما الذى يدفعه للعودة بذاكرته إلى ماضي قريب اختار هو أن يبتعد عنه راضيًا، بعد كل ما حدث له.. جلس بقرب شباك بمنزله المطل على أحد أقسام الشرطة بمنطقة الهرم، هناك كان له صولات وجولات، منذ أن احترف مهنته الغريبة - نوبتجي الحَجز- التي وعى عليه منذ أول مرة دخل فيها قسم شرطة، في مشاجرة بين عائلته وعائلة آخرى، من يومها لمعت عيناه وعرف أن له مستقبل واعد في هذا العالم الغريب، وأن لديه فرصة أن يكون ملكا كما حلم منذ صغره.. لكن ملك من نوع آخر، ملكا لـ''دولة المجرمين''.

''لوليتا'' هو الاسم الذي اشتهر به داخل أقسام الشرطة بمنطقة الهرم، ذاع صيته سريعًا، بعد أن تولى الدفة خلفًا لـ ''حتة'' أشهر من عمل بهذه المهنة، الذي وجد في الشاب النحيل، ذو القامة القصيرة، نظرات تطلع، هو يدركها تمامًا، عرض عليه بعدها أن يصبح ''صبي'' له، علمه خلال شهور أسرار المهنة، كيف يمكث أكبر زمن بداخل حجز القسم، كيف يسوي أموره مع رجال الشرطة، وأسماء المسجلين الخطر الذين يجب إكرامهم عندما يحلون ضيوف عليه، وطرق استخلاص الأموال من المتهمين السذج الذين يُلقي بهم قدرهم العثر في براثن الشرطة، وطرق تنظيم غرفة الحجز عندما تتزايد الأعداد.. و''المراية'' المنطقة المحرمة على الجميع سواه، وعدد منتقاه من أخطر المتهمين، حيث يشربون المخدرات، ويأكلون من طعام ''الزيارة''.. علمه ''حتة'' كل شىء قبل أن ينتهي على يد متهم سكير بطعنه من آلة حادة.

وجد ''لوليتا'' صعوبة في بداية الأمر بعد مقتل مُعلمه، كان يطمح لهذه المهمة الكثيرين، ولكنه نفض الحزن عنه، وتمكن سريعا من السيطرة على الأمور، وظهر صوته واثقا عاليا، وهو يُنظم الأحوال كـ«نوبتجي» حَجز خبير، يعرف كيف يدير الموقف، وخاض تجربته الثرية والمثيرة في عمله، كسب أموال طائلة، وصادق أعتى المجرمين، واعتمد عليه ضباط الشرطة في الحفاظ على هدوء المتهمين في الأوقات العصيبة، وكلما خرج من قسم الشرطة، قابله أهل منطقته بالترحاب الذي يشوبه كثيرا من الرهبة والخوف، ورغم كل ما وصل إليه كانت نفسه تشعر دائمًا بالغُربة، وأن بداخلها فراغ لا نهائي.

شعر الرجل بألم في صدره، تحسس بيديه جَرح مُندمل، أعاده إلى اليوم الآخير له في المهنة، عندما واجه نفس مصير مُعلمه لكن الله حافظ على روحه، كانت ليلة سيئة، الأعداد تتزايد من المتهمين، وكأن رجال الشرطة يعملون بأضعاف طاقتهم، أغدق ليلتها على أخطر المجرمين بالطعام والمخدرات، لعلمه أن الطمع قد يُغير على قلب أحدهم، لكن الحذر لم يمنع القدر، غدر أحدهم به فجاءة، وطعنه بآلة حادة.. سقط غارقًا في دمه، لتتحول حياته بعد أن كتب الله له عمر جديدا، إلى زائر دائم لمساجد آل البيت، يلتحف هناك بنسائم الرحمن، ومن وقت لآخر يتذكر ما مضى، ويؤرقه السهر، لكن سرعان ما يفر إلى الله بصلاة خاشعًا متضرعًا، يمحي بدموعه ما أرهق العقل والقلب.

الثانويه العامه وأخبار التعليم

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان