لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

روسيا وأوكرانيا: خاركيف وقبلها إدلب السورية وسراييفو البوسنية.. كيف هي الحياة تحت الحصار؟

01:00 م الأربعاء 16 مارس 2022

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

لندن- (بي بي سي):

في تلك الليلة من شهر يوليو 2019، كان كل ما يأمله زهير القراط هو أن يتوقف الروتين اليومي، ألا وهو قصف القوات الحكومية السورية والقوات الروسية لمدينته إدلب بعد حلول الظلام.

قال الطبيب السوري لبي بي سي: "لم تكن تنزل القنابل في كثير من الأحيان أثناء الليل، لذلك كنا بحاجة إلى اغتنام أي فرصة ممكنة".

احتاجت زوجته إلى عملية قيصرية لتلد أديم، طفلهما الثالث، وثاني طفل ينجبانه خلال الحرب الأهلية السورية.

سوريا: لا كهرباء ولا ماء ولا طعام

أودت المعركة للسيطرة على محافظة إدلب، التي لا تزال حتى يومنا هذا آخر معقل للمعارضة في سوريا، بحياة أكثر من 1600 مدني بين عامي 2019 و 2020، وفقا لتقرير صادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش.كما نزح أكثر من 1.4 مليون شخص عن المنطقة في تلك الفترة.وقد تبنت روسيا في إطار دعمها لقوات الحكومة السورية تكتيكات مماثلة لتلك التي ظهرت الآن في غزوها لأوكرانيا.

شهدت مدن مثل خاركيف وماريوبول حصارا من قبل القوات الروسية، وتعرضت لهجمات تهدف إلى حرمان المدنيين والمقاتلين الأوكرانيين من الإمدادات والخدمات.

وما يحدث اليوم يعيد إلى ذهن الدكتور القراط ما حدث في مدينته: "لقد كانت حربا سيئة للغاية". لحسن الحظ، سارت ولادة زوجته بصورة جيدة وأنجبت طفلين أثناء حصار إدلب، لكنه يشرح أن ذلك لم يكن بالأمر السهل.

يتذكر الدكتور القراط: "كانوا يقصفونا باستمرار. لم يكن هناك كهرباء ولا ماء ولا طعام".والآن روسيا تفعل الشيء نفسه مع الأوكرانيين.

أوكرانيا: نخشى أن تسقط القنبلة القادمة علينا

رومان مستشار مبيعات يبلغ من العمر 32 عاما ويعيش في خاركيف، أحد المدن الأوكرانية التي كانت من ضمن الأهداف الرئيسية للغزو الروسي لأوكرانيا.

تختلف أعداد الضحايا بشكل كبير بين مصادر كييف وموسكو. حتى 7 مارس، سجلت الأمم المتحدة 474 حالة وفاة و 801 إصابة في صفوف المدنيين الأوكرانيين.

لكنها حذرت أيضا من أن الحصيلة من المتوقع أن ترتفع.

وفي حديثه إلى بي بي سي عبر رسائل واتساب واتساب، قال رومان إن هناك بعض الأحيان التي قضى فيها هو وزوجته أكثر من يومين في قبو مبنى بالقرب من شقتهما، خائفين للغاية من الخروج وجلب المستلزمات الأساسية.

يقول رومان: "لا يزال لدينا متاجر حيث يمكن للناس شراء الطعام والماء، ولكن عليك قضاء ساعتين أو أربع ساعات في طابور الانتظار".

ويضيف: "إنه لأمر مخيف للغاية أن تنتظر كل هذا الوقت بينما تسمع باستمرار انفجارات من حولك...وتخشى أن تسقط القنبلة التالية عليك".

في مدينة ماريوبول الساحلية، التي رزحت تحت وابل من القصف الروسي، أفاد السكان بانقطاع التيار الكهربائي والإمدادات.

أحد السكان المحليين واسمه مكسيم، وهو مطور لتكنولوجيا المعلومات كان مختبئا في شقة جديه، قال لمراسل بي بي سي جول غنتر في 3 مارس: "لا يوجد كهرباء ولا تدفئة ولا ماء منذ يومين كاملين، ولم يتبق لدينا أي طعام".

وأضاف: "الغذاء والدواء غير موجودين في ماريوبول الآن. حاولت الحكومة المحلية توزيع الخبز والماء، لكن تلك الإمدادات نفدت الآن".

ويمضي للقول: "ملأت حوض الاستحمام بالماء قبل أن يتوقف تزويدنا به، ولم يتبق لدينا سوى حوالي خمسة لترات".

ويشكل تدهور الإمدادات الأساسية تهديدا آخر للمدنيين في الأماكن الواقعة تحت الحصار.

يقول الدكتور القرط إن معالجة جروح الحرب لم تكن المساعدة الطبية الوحيدة التي يجب تقديمها في إدلب.

ويشرح قائلا: "غالبا ما كنا نرى نساء وأطفالا يعانون من أمراض ناجمة عن ضعف البنية التحتية، مثل داء الليشمانيا الطفيلي، والتهاب الكبد، وسوء التغذية".

ما هي حرب الحصار؟

حرب الحصار هي واحدة من أقدم التكتيكات العسكرية المعروفة، وقد استُخدمت عبر التاريخ لآلاف السنين.

اشتهر الروس بأنهم كانوا ضحية لهذا التكتيك خلال الحرب العالمية الثانية، فقد عانت مدينة لينينغراد (وهو الاسم الذي كانت تعرف به مدينة سانت بطرسبرغ في سنوات الاتحاد السوفيتي) مما يقرب من 900 يوم من حصار القوات الألمانية والفنلندية بين عامي 1941 و 1944، وقد كانت تكلفة الحصار باهظة إذ حصدت ما يقدر بنحو 400 ألف من أرواح المدنيين.

وفي عام 2004 استخدمت القوات الأمريكية تكتيكات الحصار في معركتها في مدينة الفلوجة العراقية، حيث كان هناك تمرد ضد الوجود الأمريكي في البلاد.

لكن أشهر حصار في العصر الحديث وقع أيضا في أوروبا بين عامي 1992 و 1996 إذ تعرضت سراييفو لأطول حصار لعاصمة في التاريخ الحديث.

خلال الحروب التي نشبت في يوغوسلافيا السابقة، حاصرت القوات الصربية العاصمة البوسنية، واستخدمت القصف ونيران القناصة القابعين في التلال المحيطة في محاولاتها لتحطيم عزيمة المقاتلين البوسنيين وكذلك المدنيين.

كانت الممثلة فيدرانا سيكسان تبلغ 16 عاما من العمر عندما بدأ الحصار، وتتذكر جيدا الهلع والرعب والمشقة التي تسبب بها.

وقالت لبي بي سي في عام 2016 بمناسبة الذكرى العشرين لانتهاء الحصار "كانت معركة من أجل البقاء.. اعتمدنا على المساعدات الإنسانية التي كانت في الغالب عبارة عن المعكرونة والأرز".

وتضيف سيكسان: "أحيانا كنا نحصل على صندوق غداء الجيش الأمريكي الذي يحتوي على وجبة مخصصة عادة لجندي واحد، لكن والدتي كانت تقسمها بيني وبينها وبين أخي وجدتي".

سراييفو: حرق الأحذية للتدفئة

رغم أن الحياة في سراييفو ظلت طبيعية على نحو مدهش بالنسبة لمدينة تتعرض للهجوم - فقد استمر الناس في الذهاب إلى العمل، على سبيل المثال - كان هناك دوما ما يذكر بواقع الحصار الذي تعيشه المدينة.

وقد تعرض سوق ماركال في المدينة لقذائف الهاون مرتين في عامي 1994 و 1995، مما أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص وإصابة العشرات.

كما تشير التقديرات إلى أن أكثر من 5400 مدني قتلوا في حصار سراييفو، وإلى جانب الرصاص وقذائف الهاون، حصد البرد والجوع حياة الكثيرين.

كان السكان يحرقون أي شيء يجدونه في أشهر الشتاء للتدفئة، بما في ذلك الأحذية والملابس وإطارات السيارات القديمة. تتذكر فيدرانا اليوم الذي لجأت فيه إلى روضة أطفال تعرضت للقصف للحصول على بعض الحطب - قامت بخلع إطارات الأبواب الخشبية وأخذتها إلى المنزل لحرقها.

ولدهشة الشابة، طلبت منها والدتها أن تعيد تلك الأخشاب إلى الروضة: "أخبرتها أنه ليس لدينا أي شيء نحرقه لنتدفأ عليه، لكن والدتي ردت قائلة؛ لقد اعتدت تقديم المال لبناء رياض الأطفال هذه.. ستنتهي الحرب يوما ما، ولا أريد أن أكون جزءا من الدمار الرهيب الذي نعيشه الآن".

نقلت ناجية أخرى من حصار سراييفو وهي الصحفية آيدة سيركيز، رسالة المقاومة والصمود إلى الشعب الأوكراني في رسالة مفتوحة شاركتها مع بي بي سي.

كتبت سيركيز في تلك الرسالة: "ستختبرون الجوع والعطش والبرد والقذارة، ستفقدون المنازل والأصدقاء والعائلة..وربما ستفقدون الإيمان أحيانا ويعييكم الإرهاق أحيانا أخرى...لكني أقول لكم إنكم ستنتصرون في نهاية المطاف كما انتصرنا، كان من المفترض أن أكون ميتة...لكني نجوت وأنجبت أولادا وأحفادا".وأضافت الصحفية المخضرمة: "سآخذ أحفادي في نزهة غدا".

صعوبة شرح موت الكثيرين للأطفال

تطرقت آيدة سيركيز إلى الآثار النفسية للحياة تحت الحصار.وقد قالت إن الضغط يكون قاسيا بشكل خاص وأكبر على الصغار.

بعد أشهر من القصف في إدلب، لجأ الدكتور القراط وزوجته إلى رفع صوت التلفاز ليطغى على صوت الانفجارات، وفي أحيان أخرى حاول تشتيت انتباه الأطفال بالحكايات الخيالية كوسيلة لكي لا يشعروا بالخوف.لكنه قال إنه لم يكن بوسعهم فعل الكثير ليشرحوا للأطفال سبب عدم تمكنهم من رؤية جدتهم.يقول بصوت متهدج: "لقد فقدت أمي وأخي وأختي في الحرب"."لكن رغم ذلك علينا أن نظل أقوياء من أجل أطفالنا".

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: