لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

ما هي التعديلات الدستورية التي يصوت عليها الروس؟

10:18 م الأربعاء 01 يوليو 2020

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

لندن - (بي بي سي)

على مدى أسبوع، واصل ملايين الروس الإدلاء بأصواتهم في استفتاء لتعديل دستور بلادهم، وقد صوت العديد منهم في مراكز اقتراع نُصب بعضها على جذوع أشجار أو مقاعد حدائق أو متنزهات عامة بل وحتى في صناديق السيارات.

كما أُجريت سحبات يانصيب لجذب الجمهور إلى عملية التصويت؛ تراوحت جوائزها من الفوز بكوبونات تسوق حتى الفوز بسيارة أو شقة.

ورفضت شخصيات معارضة مجمل العملية واصفين إياها بـ "المهزلة" التي امتدت على مدى سبعة أيام من دون مراقبة صحيحة أو تدقيق من جهة مستقلة.

ويبدو أن التعديل الدستوري يُعد أمرا حيويا بالنسبة للكرملين، وسيُمهد التصويت عليه الطريق أمام الرئيس فلاديمير بوتين للبقاء في السلطة حتى عام 2036، إذا اختار ذلك.

رؤية بوتين لروسيا

لقد قال بوتين في خطابه الذي وجهه إلى الأمة قبل اليوم الأخير للتصويت في الاستفتاء: "نحن نصوّت من أجل البلاد التي نُريد العيش فيها ... والتي نُريد أن نُسلمها إلى أطفالنا"، وكان يقف تحت تمثال ضخم لجندي روسي ليشدد على ما يراه "الحس الوطني" في هذه العملية.

ويمثل هذا التعديل الدستوري، وهو أكبر تعديل منذ عام 1993، جزئيا محاولة لتجسيد رؤية بوتين لروسيا: محددا القيم والأولويات التي رسخها خلال عقدين من وجوده في الكرملين.

تقول تاتيانا ستانوفايا، رئيسة مركز الأبحاث السياسية " أر بولتيك": "لا يتسطيع بوتين أن يقول لنفسه فقط 'أريد أن أفعل كل شيء ممكن للبقاء في السلطة".

وتضيف "يُحاول الناس إخفاء الأشياء المتواضعة التي يعملونها بشيئ أكثر فخامة وإيجابية. لذا فأنه (بوتين) يقول: أريد أن أخلق روسيا عظيمة وأن أبقى في السلطة أيضا".

ما هي التعديلات التي سيُصوت عليها الروس؟

يحتوي الدسنور الجديد على فقرات تشجع التعليم الوطني، وتشدد على منع زواج المثليين وتضيف إشارة دينية واضحة إلى الرب، وتصب كل الفقرات في تعزيز النزعة الثقافية المحافظة التي تميز بها حكم بوتين.

وهذه التعديلات التي ضمت بنودا "أيديولوجية" فضلا عن أخرى "اجتماعية"؛ مثل ضماناتٍ للحد الأدنى للأجور، نوقشت بحيوية عبر برامج التلفزيون الحكومي وأيدها العديد من المشاهير في روسيا.

وعلى العكس من ذلك، لم يذكروا إلا نادرا أن هذه التعديلات تسمح أيضا لبوتين بأن "يُصفّر" دوراته الرئاسية التي تنتهي في عام 2024، بما يسمح له الاستمرار في السلطة لدورتين رئاسيتين أخريين.

الدستور الروسي الجديد

تشمل التعديلات عشرات المواد الموجودة في الدستور، فضلا عن إضافة مواد أخرى. ويُمكن تصنيفها بشكل عمومي تحت ثلاثة أبواب ويكرس العديد منها موادا في الدستور هي موجودة أصلا حاليا في القانون الفيدرالي:

1-الأيديولوجيا المحافظة:

منع أي فعل يهدف إلى "مصادرة" أي أرض روسية، أو يدعو إلى ذلك.

حماية "الحقيقة التاريحية" عن الحرب الوطنية الكبرى (1941 - 1945) ومنع "الاستهانة" بمآثر ومنجزات من قاتلوا فيها.

حماية المؤسسة الزوجية بوصفها ارتباطا بن رجل وامرأة

منع المسؤولين من حمل جوازات أجنبية أو إقامة أجنبية أو حسابات في بنوك أجنبية.

الإشارة إلى إيمان الروس بالرب، كما ورثوا ذلك من أسلافهم.

2-قضايا اجتماعية/ الرعاية الاجتماعية

ربط معاشات التقاعد بمؤشر المستهلك (مستوى التضخم).

يجب أن لا يكون الحد الأدنى للأجور أقل من الحد الأدنى للدخل الذي يضمن مورد العيش.

بلورة "موقف مسؤول" تجاه الحيوانات.

3-المؤسسات

مجلس الدولة سيحدد " توجه السياستين الداخلية والخارجية والأولويات الاجتماعية والاقتصادية".

تحدد فترة الرئاسة للشخص الواحد بدورتين رئاسيتين (بدلا من دورتين متتاليتن).

وفي هذه الحالة لن يتم احتساب الدورات السابقة لمن هو في الرئاسة الأن ، وهذا ما سُمي بـ "تصفير" الدورات الرئاسية الماضية لبوتين، بما يسمح بترشحه من جديد لدورتين أخريين.

نعم أو لا

يمكن للمشاركين في التصويت اختيار واحد من خيارين: إما القبول بمجمل التعديلات أو رفضها جميعا.

وقد منعت السلطات رسميا عمليات التحشيد لأي واحد من هذين الخيارين، بيد أن المنشورات التي وزعت على المجمعات السكنية في روسيا كانت تدعو الناس إلى التصويت "للتعديلات" وليس "عليها".

وكانت هناك حملات معارضة صغيرة لصقت صور وجه بوتين محاط بدائرة داعية سكان موسكو للتصويت بـ "لا".

هل سيؤثر تفشي الوباء على التصويت؟

على مسافة رحلة قصيرة بالسيارة عن العاصمة، في ضواحي بودولسك، دُعي الناس للإدلاء بأصواتهم في خيمة نصبت في مرآب للسيارات.

وكان المسؤولون عن مراكز الاقتراع يرتدون الكمامات وواقيات الوجه البلاستيكية الشفاقة وبدلات بيض للتذكير بأن هذا الاقتراع يتم وسط تفشي جائحة فيروس كورونا.

وكان الكرملين متلهفا لإجراء الاستفتاء في أسرع وقت ممكن بعد تأجيله عن موعده المقرر في أبريل/ نيسان الماضي.

وأفاد استطلاع رأي أجراه مركز ليفادا المستقل مطلع شهر مايو/أيار بانخفاض في مستوى التأييد لبوتين ليصل إلى نسبة 59 في المئة (وهي أقل نسبة يحصل عليها). وليس من المرجح أن يسهم استمرار أزمة كوفيد-19 في تحسن الأمور.

لذا بذل المسؤولون الروس قصارى جهودهم لدفع الناس للمساهمة في التصويت على التعديلات.

وقد ظهر اسم موظفة في الهيئة الانتخابية في أومسك بسيبريا في عناوين وسائل الإعلام الوطنية عندما فازت بشقة في سحبة يانصيب رافقت عملية التصويت؛ وقوبل تأكيدها بأنها كانت "مجرد مشاركة أخرى في التصويت" بردود مشككة في ذلك بشدة.

ولم تكن هناك جوائز في بودولسك، ولكن ثمة الكثير من المتقاعدين المتحمسين.

قالت غالينا وهي تضع ورقة تصويتها في صندوق بلاستيكي شفاف زين بصورة نسر برأسين "كل التعديلات مناسبة لي".

وأشارت إلى فقرات التعديلات المفضلة لديها وهي: "ربط معاشات التقاعد بمستوى مؤشر الاستهلاك والتضخم، والحق في الدراسة والعمل والسكن"، على الرغم من أن الفقرة الأخيرة لم تُغط بوضوح في التعديلات الدستورية الأخيرة.

وقالت ألينا وهي في الثلاثينيات من العمر، مشيرة إلى ما تفضله في التعديلات: "أحب فكرة أن الزواج يجب أن يكون بين رجل وامرأة فقط".

وأضافت إنه ليست لديها مشكلة في بقاء بوتين رئيسا "فهو مناسب لنا حاليا".

هل هناك معارضة كبيرة؟

في مركز المدينة وتحت برج زُين بالأعلام الروسية أبدى بعض الناخبين الشباب إزدراءهم لعملية التصويت.

وقالت فتاة وهي تدير ظهرها مبتعدة "ما الفائدة ؟ بوتين سيبقى إلى الأبد في هذه الحالة".

وقال مكسيم إنه "والكثير من أصدقائه" قد صوتوا ضد التعديلات.

وأضاف "لدينا رئيس واحد منذ عشرين عاما، وبوتين يُمكن أن يبقى 16 عاما أخرى؟ أعتقد أن بلادنا بحاجة إلى شيء جديد".

ونشر أليكسي نافالني، أحد أبرز الشخصيات المعارضة، سلسلة من المنشورات في وسائل التواصل الاجتماعي ساخرا من طبيعة الإعدادات السريعة والمؤقتة لعملية التصويت ومؤشرا مخالفات فيها، ومن بينها الضغط على البعض للإدلاء بأصواتهم، أو أن بعض الأشخاص وجدوا أن بطاقات تصويتهم قد مُلئت لهم مسبقا.

ووصف المدون المؤثر، يوري دود، التصويت بأنه "مخز"، في منشور كتبه على انستغرام ووضع إشارة التفضيل عليه أكثر من مليون شخص. وقد استشهد بكلام لبوتين نفسه في عام 2008 يقول فيه إنه "من غير المقبول مطلقا" أن يبقى في السلطة مدى العمر.

يبدو أن المدون لم يقرر هل أنه سيقاطع التصويت في الاستفتاء أم يضع علامة لا في ورقة تصويته.

وفي واقع الحال، ليس ثمة حاجة للاستفتاء قانونيا، فالبرلمان الروسي سبق أن أقر التعديلات على الدستور في شهر مارس/أذار.

بيد أنه قيل أن الكرملين يُريد معدل مشاركة عال ونسبة تأييد 70 في المئة في هذا الاستفتاء، بوصفه تفويضا شعبيا يرجع إليه في المستقبل.

وتشير إحدى نتائج استفتاء أراء المشاركين في التصويت التي نشرت، وعادة ما يمنع نشرها في الانتخابات العادية، إلى تحقق هذا الهدف.

وفي كل الأحوال وبمعزل عن النتائج، فإن الدستور الجديد قد طبع ووزع للبيع في المكتبات.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: