لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تجارة الإغواء: دورات عملية للإيقاع بالفتيات

10:27 ص الجمعة 18 أكتوبر 2019

تجارة الإغواء

لندن (بي بي سي)

وقفت أمام فندق سافوي الشهير في العاصمة البريطانية لندن وسط مجموعة من الطلاب كانوا ينهون دفع مبلغ 600 جنيه استرليني إلى إيدي هيتشينز المدرب ومؤسس شركة Street Attraction "الإغواء في الشارع".

وقف هيتشينز وسط الطلاب الذين أحاطوا به قائلا: "أهلا بكم. أنا إيدي، وأنا مدمن جنس وأنا في هذه اللعبة منذ عام 2005 واقدم التدريب منذ عام 2011".

وأضاف قائلا: إن هذه "اللعبة" عبارة عن تجارة بملايين الجنيهات الإسترلينية حيث يعلم الرجال رجالا آخرين كيفية إغواء النساء.

العصر الرقمي

في الواقع ليس هناك جديد في مجال غواية الرجال للنساء، ولكن في العصر الرقمي فإن المدربين يعرضون دورات تدريب عبر الإنترنت حول كيفية إغواء أكبر عدد من النساء بأسرع وقت ممكن.

وهؤلاء جزء من تجارة عالمية متنامية يعملون عبر شبكة من قنوات الفيديو على الإنترنت والتي يتابعها مئات الآلاف، وفيها تقدم الدروس للرجال فقط.

والنساء لسن على دراية باللعبة رغم أنهن محورها، فهذه اللعبة قد تؤدي إلى وقوع حالات تحرش في الشارع أو موقف ضبابي يتجاوز حدود التراضي في العلاقة بين طرفين.

وضمت مجموعة المتدربين صحفيا متخفيا هو أنا، وطباخا من هولندا، وضابطاً سابقاً في البحرية الأمريكية، ومهندس برمجة من البرازيل، ومبرمج كمبيوتر من ايرلندا، وطبيباً بريطانيا.

وعندما جاء دوري لتقديم نفسي للمجموعة قلت: "أهلا أنا مايكل غابسون، انفصلت مؤخرا عن صديقتي بعد علاقة استمرت 6 سنوات، وأنا مبتدئ في هذا المجال". وهكذا وجدت نفسي في أغرب تجربة في حياتي : رحلة في عالم الإغواء.

قصة عدنان أحمد

وعدنان أحمد في السجن حاليا ينتظر حكما بسبب سلوكه العدواني تجاه الفتيات. ومنذ عام واحد فقط كان يمرح في شوارع مدينة غلاسغو في اسكتلندا ويقدم نفسه كمدرب باسم إيدي وكان ومعه مرافقوه يصورون سرا غزواته مع نساء ولم تراودهن شكوك نحوه مطلقا.

وقالت لي زميلة له في الكلية إنه رفع على قناته في يوتيوب أكثر من 250 فيديو لغزواته.

كان الأمر أكبر من مجرد كراهية للنساء. كان محترفا، متدربا على ما وصفه أحمد باللعبة.

كما بث أحمد أيضا فيديوهات خلال ممارسة العلاقة الحميمة، وبدا فيها أن الشريكات لم يكن على علم بالتصوير، إذ لم يبد أن موافقتهن على التسجيل تعنيه كثيرا.

حكاية بيث

أظهر أحد الفيديوهات بيث في شوارع غلاسغو وهي متوجهة إلى منزلها بعد انتهاء عملها، كانت أجواء نوفمبرية داكنة وأحدهم يحث الخطوات نحوها. كانت في السابعة عشر من عمرها حينئذ وأحمد في السابعة والثلاثين.

طلب منها رقم هاتفها المحمول وظل يلح في ذلك وحاول لمسها.

سألته بيث: هل أنت روسي؟ أجابها: اسمي إيدي.

ظلت تتهرب من إعطائه رقمها وهو يصر.

اعتقدت بيث أنه سيتركها وشأنها إذا أعطته رقمها.

وقالت: "كان يعلم أنني سأذهب إلى محطة الحافلات، وأنني سأنتظر هناك نحو الساعة".

وتضيف قائلة: "اتصلت بوالدتي وظللت معها على الهاتف لنصف الساعة، وحكيت لها ما حدث".

وتقول بيث :"لم يكن هناك ما يؤذي، ولكنني كنت خائفة طوال الليل".

حكاية إيميلي

وقام أحد أصدقاء أحمد بتصويره وهو يتودد لإيميلي البالغة من العمر 20 عاما، وهي طالبة من غلاسغو.

وقام أحمد لاحقا بتحميل الفيديو على قناته في يوتيوب.

وفي ما بعد وجدت إيملي حوارهما على الإنترنت.

وتقول إيميلي: "الشيء السخيف أنني كنت أحاول خلال الحوار تجنب سبه بألفاظ نابية، والتماس طريقة لإنهاء الموقف بلطف، فلم أحب أن أوصف بالوقاحة في صد أحد".

وكان أحمد قد ذكر في الفيديو أنه لو التقى بإيميلي في إجازة لأقام معها علاقة في نفس اليوم.

وقالت إيميلي: "ما يضايق أن الرجال يفترضون أن النساء يرغبن بممارسة الجنس معهم".

وبعد بث فيديو عن ممارسات أحمد تجاه إيميلي في بي بي سي اسكتلندا اندلعت مظاهرة نسائية ضده في شوارع غلاسغو، وفي البرلمان أعربت الوزيرة الأولى نيكولا ستورغين عن صدمتها وفزعها لما رأته في التقرير.

سلوك عدواني

وتوالى إبلاغ الضحايا واحدة تلو الأخرى عن ممارساته وكانت كل القصص عن سلوكيات عدوانية تجاه النساء تصل إلى حد التحرش وبعضها يرقى إلى مستوى الجريمة.

وبعد يومين من نشر التقرير قدمت عشرات النساء شهاداتهن للشرطة ضد سلوكه العدواني.

وفي البداية لم أدرك أن أحمد مجرد جزء في تجارة كبيرة هي الإغواء.

فقد اكتشفت أنه واحد من عشرات يقومون بنفس النشاط على الانترنت ويتشاركون أساليب الإغواء عبر قوات يوتيوب.

دورات تدريبية

وعندما يتعلق الأمر بتحقيق نتائج سريعة يبرز أسم شركة Street Attraction "إغواء الشارع". فهذه الشركة تعرض معسكراً تدريبيا يتضمن رجالا يجذبن نساء جميلات من الشارع خلال يومين.

وتقدم الشركة للطلبة دورات أونلاين وخطوات إرشادية ودروسا مباشرة حول كيفية الإيقاع بالفتيات.

ويوجد على قناة Street Attraction نحو 110 ألف متابع. ويحصل مؤسسها إيدي هيتشينز على مال مقابل مشاهدة فيديو جنسي صوره سرا.

ويقول هيتشينز: "إن تصوير مثل هذا الفيديو ليس أمراً سهلاً، فلو علمت فتاة أنه يتم تصويرها فلن تتصرف بشكل طبيعي، وبالتأكيد لن تسمح لنفسها بالوقوع في شرك الغواية خوفا على سمعتها، ولأننا نريد ردود فعل حقيقية فكان لابد من التصوير سرا".

وكانت الشركة قد دربت أحمد من خلال دورة ميدانية مر بها وتم تصويرها ونشرها على قناة الشركة على يوتيوب.

لذلك انتهى بي الأمر واقفا خارج فندق سافوي في وسط لندن في دورة تدريبية على الإغواء.

كانت أول مهمة هي التودد لسيدة خلال 30 ثانية. انتشرت وبقية الطلبة فوق لندن بريدج الذي تنتشر عليه رجال شرطة بزيهم الرسمي.

اقتربت من مجموعة من النساء يشاهدن أشخاصا يعزفون موسيقى لم تكن لدي أدنى فكرة عن ما سأقوله، كان أول اختبار أمر به فسألت بعضهن: "ما هذا الإزعاج؟"

أجابت إحداهن مبتسمة: "ليس إزعاجا إنها مظاهرة، والبعض فيها يعزف الموسيقى".

كان سؤالي ساذجا للغاية، ولكنه نجح، تحدثنا ومنحتني امرأة أخرى كتيبا عن المظاهرة.

كان الحوار مهذبا، ودعتهما وعدت أدراجي.

وصف المدرب مدخلي بـ "البارد".

صناعة الإغواء

منذ أكثر من 10 سنوات والدكتورة راشيل أونيل تدرس تجارة الإغواء في مدرسة لندن للاقتصاد.

وتقول: " إن أغلب دورات التدريب حاليا تقام في الشوارع والحانات والمقاهي والمتاحف والأماكن العامة لممارسة وسائل التكنيك المختلفة عمليا في التودد للنساء" .

وفي بعض الأحيان طلب منا هيتشينز التودد لفتيات صغيرات في السن أقرب للمراهقات فقلت له إنهن صغيرات جدا.

فأنا في الحادية والثلاثين من عمري، ولا أريد التودد لفتاة في نصف عمري.

فانتحى بي هاتشينز، 34 سنة، جانبا، وقال لي لا تكن انتقائيا.

اليوم الثاني

وفي اليوم الثاني من التدريب العملي وقف المدرب جورج ماسي في ميدان الطرف الأغر يشرح لنا درس اليوم، وكان عن الرفض في اللحظة الأخيرة last minute resistance وهي محاولة المرأة للرفض.

قال ماسي: "عليك أن تكون القائد في هذا الموقف، فإذا قالت الفتاة دعها للمرة القادمة فلتكن إجابتك: ولماذا إضاعة الوقت؟".

وقدمنا ماسي للمدرب التالي ريتشارد هود الذي وصفه ماسي بأنه "ملك إزالة عقبات اللحظة الأخيرة في طريق العلاقة الحميمة، وقد بدا هود أقرب إلى رجل مبيعات لحوح".

قال لنا هود: "عندما تذهبان إلى البيت أطلب منها قبل أي شيء خلع حذاءها واخلع حذاءك فتلك أول خطوة على الطريق، فبعض البنات يسببن إزعاجاً وهن مرتديات أحذيتهن وستراتهن فيقلن يكفي هذا اليوم ولنترك البقية لوقت لاحق، بالطبع سيكون ذلك مثيرا للإحباط".

وقال هود: "أحيان يكون الرجل خجولا أو مذعورا ويريد موافقة واضحة وربما أقرب للموافقة الخطية، لا تتردد ولا تخش شيئا، وعليك تسلم دفة القيادة".

سألت المحامية الجنائية كيت باركر عن رأيها المهني في تعليم الرجل كيف يتغلب على عقبة اللحظة الأخيرة للوصول إلى العلاقة الحميمة.

قالت: "أعتقد أن ذلك أمر مزعج فهو يشجع الرجال على تجاوز كل الإشارات الحمراء الصادرة عن الفتاة، فلابد وأن يكون الرجل أكثر حساسية واستجابة لإشاراتها، ولكن من الناحية القانونية لا يوجد تجاوز هنا، ولكن تعليم الرجال تجاوز العقبة الأخيرة يشجعهم على تجاهل مؤشرات انعدام الرضا مما يقربنا من منطقة الجريمة الجنسية".

وقالت لي ساندي بريندلي مديرة جمعية مكافحة الاغتصاب في اسكتلندا: "إن هؤلاء المدربين لا يقدمون معروفا على الإطلاق للرجال بتعليمهم هذه التكنيك، ونصيحتي لا تتبع هذا التكنيك فقد تجد نفسك تواجه عواقب شديدة الخطورة".

المواجهة

بعد 5 أشهر من الدورة التدريبية عدت إلى لندن وهذه المرة كصحفي في بي بي سي لمواجهة المدربين الذين التقيتهم سابقا.

وبعد أسابيع من رفض مقابلتي، وجدت إيدي هيتشينز يدرب مجموعة أخرى من الرجال، سألته: لماذا تضغط على النساء من أجل الجنس؟ فغضب وقال: "هذا غير صحيح تماماً، لقد أخرجت الأمر من سياقه يا أخي، هذا فن، والأمر كله يقوم على التراضي".

وأضاف قائلا: "نحن نساعد الرجال، ونحن نساعد في التصدي لثقافة الاغتصاب أو تورط الرجال في شيء غير قانوني أو غير قائم على التراضي".

ونفى هود أنه يعلم الرجال كيفية الضغط على النساء من أجل الوصول للعلاقة الحميمة، وقال:" إنه يتم تسجيل موافقة جميع النساء، ونحن لا نصور الفتيات أبدا فلدينا الممثلات التابعات لنا، لذلك فنحن لا نقوم بشيء ممنوع ولا ننتهك القانون".

وبعد حديثي مع ريتشارد هود أزالت شركة Street Attraction الفيديو الذي تم تصويره سرا والذي سألتهم عنه.

وقبل إذاعة الوثائقي الخاص بي بفترة قصيرة أزالت يوتيوب أكثر من 100 فيديو من على قناة الشركة.

فيوتيوب يحظر بشدة كل المحتوى الجنسي أو الذي يحوي تحرشا. ويؤكد يوتيوب على "لا شيء أكثر أهمية من حماية مجتمعنا وسنواصل مراجعة سياساتنا في ما يتعلق بذلك".

وفي وقت لاحق قال لي جورج ماسي وهو مدرب آخر في Street Attraction إنه يقوم بدور "مساعدة للناس في مجال المواعدة"، مشيرا إلى أنه لم يبلغه أي رجل من الذين تلقوا تدربوا على يديه بأنه قال أي شيء غير ملائم بل على العكس تلقى رسائل شكر من رجال يعيشون الآن علاقات صحية.

ونفى هيتشينز أنه يطلب من طلبته التودد للمراهقات. وقال: "هذا ليس صحيحا، فما أفعله بالضبط هو مطالبة الرجل بضرورة معرفة عمر الفتاة قبل أي شيء، وأنتم تسيئون فهم ما نقوله وهذا مقزز، دعونا نلتقي في قاعة المحاكم".

حكاية ريتا

وفي غضون ذلك في غلاسغو انتهت محاكمة عدنان أحمد. وصفت ضحية عمرها 18 عاما كيف أوقفها أحمد وعمره الآن 38 عاما في مركز تجاري.

قالت: "وضع يده على ظهري وخدي وحاول تقبيلي، أبعدته وأنا أسأل ما الذي تفعله، لم يكن هناك حوار مطلقا، وقد طلبت من أحد المتواجدين في المكان أن يسمح لي بالوقوف بجواره وأصدقائه لأنني لا أشعر بالأمان وحدي".

ومن جانبه، قال أحمد إنه تودده للفتيات لم يكن مؤذيا، وأنه كان يتوقف عندما يعرف أن الفتاة في السابعة عشر من عمرها أو أصغر.

ولم يوافق المحلفون على إفادته. ووجهت لأحمد خمس تهم بالتهديد والسلوك العدواني ووضع قيد السجن انتظارا لصدور حكم عليه.

وقضى أحمد 9 أشهر بالحبس الاحتياطي بالفعل.

ومع تطور القضية تتواجد ريتا في قاعة المحكمة لدعم النساء، فقد كانت واحدة من اللائي نبهن لممارسات أحمد، وهي من اتصلت بالبي بي سي لأبدأ تحقيقا استقصائيا عن أحمد. وكانت ريتا تظن أنها تعرف "إيدي".

لقد كانا طلبة معا في كلية غلاسغو يدرسان للحصول على شهادة في العمل الاجتماعي، وكلاهما يعيش في منطقة غلاسغو، ويذهبان في عربة واحدة للدراسة.

وذات يوم لم يذهب أحمد مما منح الفرصة لأحد زملاء ريتا ليطلعها على نشاط أحمد في وقت فراغه.

لقد شاهدت ريتا الكثير من النساء شبه العاريات على حسابات أحمد في قناته على يوتيوب وانستغرام.

تقول: "انفجرت في البكاء وشرعت في التفكير، إنه أقرب لقواد في عصابة دعارة، أخذت أنظر للفيديوهات وشعرت بالتقزز، كان الأمر شديد السواد، فالنساء في الفيديوهات لم يظهر أنهن على دراية بأنه يتم تصويرهن".

هذا هو عصر هاشتاغ "أنا أيضا"، فالنساء مثل ريتا وبيث وإيميلي اللائي يقاتلن ضد التحرش سوف ينصت لهن في النهاية.

تقول ريتا: "إنها مشكلة عالمية، وأريد من النساء والفتيات إدراك وجود متحرشين بين زملاء العمل".

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان