عودة المدارس: الأمل في حياة طبيعية في مناطق الصراع
(بي بي سي):
لم يتمكن ملايين الأطفال في العالم العربي التي يدور فيها صراع مسلح من بدء العام الدراسي الجديد، إذ وجد الطلاب أنفسهم ومدرسيهم ومدارسهم على خط النار.
إلا أن بعض من يعيشون في سوريا واليمن وليبيا لديهم شجاعة تكفي لخوض الرحلة إلى المدرسة، على أمل أن تكون حياتهم طبيعية قدر الإمكان.
سوريا
استقبل معروف، ذو التسعة أعوام، السنة الدراسية بحالة من "الخوف والترقب"، إذ يعيش في العاصمة السورية دمشق.
لكن خوف معروف ليس من الحرب، التي تدور رحاها منذ خمسة أعوام بين القوات الموالية للرئيس الأسد والمعارضة المسلحة، "فأنا أخشى ألا أحصل على درجات جيدة. لا أريد أن يعاقبني المعلمون. المواد الدراسية كانت أسهل في العام الماضي".
وكل ما يريده معروف هو الحصول على درجات جيدة، وثناء معلميه عليه.
وتحرص والدة معروف على أن يستمر ابنها في الذهاب إلى المدرسة، بخلاف آخرين ممن لجأوا إلى التعليم المنزلي أو التوقف عن الدراسة بسبب الظروف الأمنية.
وقالت والدة معروف لـ بي بي سي: "أعيش في مكان آمن في دمشق، وتبعد المدرسة ثلاثة دقائق عن المنزل، إلا أنني أصطحبه بنفسي كل يوم من وإلى المدرسة. كنت أشعر بالاطمئنان في الماضي، وكنت أشعر بالحماس لذهاب ابني إلى المدرسة، لكن الأمر غير مريح الآن".
لكنها أكدت على رغبتها في أن يستمر ابنها في الذهاب إلى المدرسة، "أريده أن يعيش حياة طبيعية".
وفي حلب، استمر القصف الجوي من قوات النظام السوري للمدينة، رغم عودة الطلاب إلى المدارس. وشهدت المدارس حضورا ضئيلا في اليوم الأول للدراسة، واستمر إغلاق الكثير من المدارس. لكن حضور بعض التلاميذ أعطى المدرسين لمحة من الأمل.
ويقول وسام الزراق، مدرس في حلب، لـ بي بي سي إن "عودة المدارس في حلب تعني العودة إلى الحياة. ثورة بدون تعليم هي مجرد حرب. والأطفال يحبون الذهاب إلى المدرسة. ونصرّ على الإبقاء على المدارس مفتوحة لأن الحياة تصبح بلا معنى بدون التعليم".
ويبلغ عدد الأطفال والمراهقين السوريين الذين لا يتلقون تعليم حوالي مليونين، كما يزيد عدد من يتسربون من التعليم للعمل وإعالة أسرهم. ويزيد عدد الفتيات المعرضات لخطر الزواج بالإكراه، في حين يكون الصبية عرضة لعمالة الأطفال والاستغلال.
كذلك الأطفال اللاجئين في البلاد المجاورة، وعددهم 700 ألف طفل، لا يذهبون إلى المدارس.
اليمن
سيطرت أجواء الحرب بين الحوثيين من ناحية، والقوات الحكومية التي تدعمها السعودية من ناحية أخرى، على بداية العام الدراسي في اليمن.
ولم يتمكن أكثر من 350 ألف طفل من استكمال العام الدراسي الماضي بسبب أعمال العنف وإغلاق المدارس، ويصل بذلك عدد الأطفال الذين يتلقون تعليما في اليمن إلى مليوني طفل.
وبحسب جولين هارنيس، ممثلة منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) في اليمن، فإن "الأطفال تعرضوا للقتل أثناء الذهاب إلى، أو التواجد في المدارس. يتعين على أطراف الصراع أن يبقوا الأمر بعيدا عن المدارس والأطفال لإفساح المجال للتعليم".
ورغم الوضع الأمني المتردي في اليمن، إلا أن اليمنيين ما زالوا يسعون للأفضل من أجل أبنائهم.
وقال مصطفى الرفاعي، جد طفل يبلغ من العمر عشر سنوات، ويعيش في العاصمة صنعاء، التي يسيطر عليها الحوثيون: "يرسل الآباء أبناءهم إلى المدارس لأنهم يريدون استكمال حياتهم الطبيعية. والاستمرار في الذهاب إلى المدرسة جزء من هذه الحياة".
ليبيا
تعيش ليبيا حالة من الفوضى منذ الإصاحة بالرئيس السابق معمر القذافي عام 2011، وتتصارع عشرات الجماعات المسلحة في البلاد.
وتراجعت نسب الالتحاق بالمدارس في البلاد بحوالي عشرين في المئة خلال العام الماضي، وهو ما يعني حرمان حوالي 150 ألف طفل من التعليم.
وتحولت العديد من المدارس إلى ملاجيء للنازحين. لكن الآباء ما زالوا حريصين على إتاحة فرصة التعليم للأطفال، حتى في مدينة بنغازي التي دُمرت بسبب الصراع، وتعطل العمل في حوالي 73 في المئة من مدارسها.
وبالنسبة لملاك، التي تبلغ من العمر سبعة أعوام وتعيش في بنغازي، فإن الرجوع إلى المدرسة يعني "مقابلة الأصدقاء".
وحزنت ملاك عند إغلاق مدرستها لأسباب أمنية. وتقول عمتها هدى عبدالله، مدرسة لغة إنجليزية في إحدى المدارس الخاصة، إن الأوضاع "تتحسن ببطء، لكنها ما زالت غير مستقرة. يلجأ الكثير من الآباء للمدارس الخاصة، رغم استغلالها للأوضاع والمبالغة في زيادة المصروفات".
فيديو قد يعجبك: