لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تاريخ الصراع السعودي الإيراني

10:50 ص الإثنين 11 يناير 2016

تاريخ الصراع السعودي الإيراني

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

لندن (بي بي سي)
هل يمكن القول إن صراعا مفتوحا بين السعودية وإيران، القوتين الإقليميتين الكبيرتين في الخليج، بات الآن أقرب حدوثا من أي وقت مضى؟

شهد الأسبوع الجاري تصاعد التوتر بين السعودية وإيران إلى مستويات خطيرة، عقب إعدام السعودية لرجل دين شيعي معارض، وما تلاه من اجتياح متظاهرين إيرانيين غاضبين للسفارة السعودية في طهران.
فرانك جاردنر مراسل بي بي سي يلقي الضوء على العداوة التاريخية بين البلدين، ومدى إمكانية أن يتوصل الطرفان لتسوية خلافاتهما.

بالنسبة للسعودية لم يكن هناك خلال السنوات القليلة الماضية حكم بالإعدام، أكثر إثارة للجدل من إعدام ذلك المعارض الشيعي.
ومن بين 47 شخصا نفذ فيهم حكم الإعدام يوم الثاني من يناير الجاري برز اسم شخص واحد دون الآخرين.

إنه الشيخ نمر النمر، وهو رجل دين شيعي متشدد، ويتمتع بشعبية واسعة بين الآلاف من السعوديين الشيعة الساخطين، الذين يعيشون في المنطقة الشرقية من البلاد.
واعتقل النمر في عام 2012، عقب ما سمي بثورات الربيع العربي واتهم بـ"عصيان الحاكم" وحمل السلاح.

لكن مؤيديه يصرون على أنه كان يدعو فقط إلى التظاهر السلمي، ويطالب بالحقوق العادلة للأقلية الشيعية.
أما منتقدوه، ومن بينهم سنة متشددون، فيصفونه بأنه إرهابي، بينما تشتبه الحكومة السعودية في أنه عميل لإيران.

ومن بين السبعة وأربعين شخصا، الذين أعدموا في ذلك اليوم، ينتمي 43 منهم للمذهب السني، ومعظمهم متطرفون. وكان من بين هؤلاء المجرم الوحيد الناجي من العصابة التي هاجمت طاقم بي بي سي في الرياض عام 2004، التي قتلت زميلي المصور الأيرلندي سيمون كامبرز وأطلقت علي 6 رصاصات، أدت إلى إعاقتي مدى الحياة.

لكن إعدام النمر كان الأكثر إثارة للشغب، في منطقة تعاني بالفعل من العديد من الصراعات الطائفية.
وأدى إعدامه إلى اندلاع مظاهرات غاضبة للشيعة، في كل من البحرين والعراق ولبنان.

وفي إيران، قال المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية إن القيادة السعودية ستواجه "انتقاما إلهيا"، على إعدام النمر.
واعتبر متفائلون هذا التصريح أسلوبا بارعا، لإعفاء إيران من اتخاذ أي رد فعل بنفسها.

لكن في غضون 24 ساعة، صب متظاهرون إيرانيون غضبهم على السفارة السعودية في طهران، وأضرموا فيها النيران، ودفع هذا الرياض إلى قطع كل علاقاتها الدبلوماسية والتجارية ووسائل النقل مع إيران.

وبالنسبة للمتشددين في النظام الإيراني، الحريصين على عودة بلادهم إلى المسرح الدولي، ربما جاء ذلك بمثابة الغوث.

لكن بالنسبة للمعتدلين والبراجماتيين، الذين يرغبون في أن يتم التصديق على الاتفاق النووي الذي أبرم العام الماضي، ويرغبون في فك التجميد عن مليارات الدولارات من الأصول الإيرانية بالخارج، فإن اقتحام السفارة السعودية بطهران مثّل إحراجا لهم.

واتخذ حلفاء السعودية، البحرين والسودان والكويت وقطر والإمارات، واحدا تلو الآخر إجراءات عقابية ضد إيران.
واقتربت العلاقات السعودية الإيرانية من أسوأ مراحلها خلال 30 عاما.

بسط النفوذ
لذا من أين نبع هذا العداء السعودي الإيراني وهل هو بالفعل خلاف يتعلق بالدين؟
ظهرت السعودية كدولة عام 1932 والأرض التي تحكمها، وهي أغلب شبه الجزيرة العربية، تعد مهد الإسلام وأرض الحرمين.

فخلال السنوات الأولى للفتوحات الإسلامية في القرن السابع الميلادي هزمت الجيوش الإسلامية الفرس وأنهت حكم إمبراطورية ساسان. وبعد ذلك في ذات القرن، بعد وفاة النبي محمد، اندلع خلاف بشأن من يتولى منصب "الخليفة" ليحكم الإمبراطورية الإسلامية المزدهرة.

واعتقدت جماعة معارضة أنه ينبغي أن يتولى الخلافة علي بن أبي طالب، ابن عم النبي وزوج ابنته. وأصبحت تلك الجماعة تعرف باسم "شيعة علي"، ومازال يكن الشيعة ذلك الحقد التاريخي، وهم حاليا يمثلون أغلبية في إيران والعراق والبحرين.

وفي السنوات الأخيرة تعدى الخلاف السعودي الإيراني ذلك إلى بسط النفوذ، الذي ظهر منذ اندلاع الثورة الإيرانية عام 1979.

وبينما كان شاه إيران متوليا الحكم، قبل ذلك، كانت العلاقة حميمية مع دول الخليج التي كانت توافق في ذلك الوقت على أن تلعب البحرية الإيرانية دور "الشرطي في الخليج". كما تمتع الوافدون من دول الغرب للعيش في إيران والسعودية بهدوء نسبي وأسلوب حياة يتسم بالحرية، وكانت تقام حفلات سكر في شمال طهران وفي مجمعات سكنية في الظهران.

وتغير كل ذلك مع الثورة الإيرانية. وفجأة ظهر تنافس على إثبات أي بلد يستحق أكثر أن يقود العالم الإسلامي. ونظرا لأن القادة الإيرانيين الجدد تعهدوا بتصدير ثورتهم الإيرانية وتقويض ما اعتبروه فسادا، وأمراء غير صالحين، عمدت السعودية إلى التصدي لأي شيء اعتبرته غير إسلامي.

وكانت القشة التي قسمت ظهر البعير اقتحام واحتلال المسجد الحرام في مكة على يد مجموعة إسلامية منشقة. واهتز نظام حكم آل سعود في جوهره، وقرر توطيد أواصر الصلة مع الحركة الوهابية المتشددة وتوفير مساحة كبيرة لرجال الدين بها للحديث في شؤون الحياة مثل التعليم والعدل ومسائل اجتماعية أخرى.

زيادة حدة التوتر
وأدى ذلك من الناحية العملية إلى ظهور نوع أشبه بسباق التسلح من أجل بسط النفوذ، إذ صدرت إيران والسعودية نسختيهما الخاصة بالإسلام وروجت لذلك في تنافس مباشر بينهما.
ويضم حلفاء إيران حاليا حزب الله في لبنان، والرئيس السوري بشار الأسد، ومليشيات شيعية قوية في العراق مثل عصائب أهل الحق، وهي نفس الجماعة التي اختطفت خمسة بريطانيين في بغداد عام 2007 وقتلت أربعة منهم.

ويعتقد السعوديون أن ما يصفونه بـ"تدخل" إيران في المنطقة يمتد إلى دول أخرى أيضا، ويتيح لهم قدرا من جنون العظمة. ويتهمون إيران بتأجيج السخط الشيعي في السعودية والبحرين ودعم المتمردين الحوثيين في اليمن.

أما القادة الإيرانيون فيتهمون السعوديين بتمويل نسخة من التطرف وعدم التسامح للإسلام السني، وينحون عليها بمسؤولية ظهور تنظيمات جهادية مثل القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية.

ولعل الحرب الكلامية الدائرة حاليا بين الرياض وطهران هي الأحدث في سلسلة زيادة حدة التوتر بين الجانبين.
وعلى مدار ثماني سنوات، وخلال الحرب بين إيران والعراق، التي يطلق عليها داخليا "حرب الخليج الأولى" في الفترة بين 1980 إلى 1988، ساندت السعودية وحلفاؤها من دول الخليج العراق تحت حكم صدام حسين كحصن ضد إيران الثورية.
وفي عام 1987، قتل أكثر من 400 شخص في مكة عندما نظم حجاج إيرانيون مظاهرة سياسية واشتبكوا مع قوات الأمن السعودي، مما أدى إلى ثلاث سنوات من قطع العلاقات الدبلوماسية.

من خاتمي إلى أحمدي نجاد إلى روحاني
وعندما تولى الرئيس الإيراني المعتدل خاتمي السلطة في عام 1997، تحسنت العلاقة بعد ذلك.

وبمجرد انتخابه جلست مع أصدقاء إيرانيين في مقهى في شيراز، قالوا: "هل ترى أولئك الذين هناك؟" وأشاروا إلى مجموعة من الرجال يتمتعون ببنية جسدية ولهم هيئة البلطجية وملتحين يرتدون سترات عسكرية، وأضافوا: "إنهم الحرس القديم، ثوار حتى النخاع ويكرهون الغرب وحلفاءهم. لقد ولى زمنهم".

ولكن إلى أي مدى كانوا مخطئين. في عام 2005، خلف الرئيس السابق أحمدي نجاد الأكثر تشددا محمد خاتمي في رئاسة إيران، وتراجعت العلاقات مع دول الخليج العربي إذ إن مرشدي نجاد، المتمثلين في الحرس الثوري الإيراني، صعد نجمهم مرة أخرى.

وحينما اندلعت احتجاجات الربيع العربي عام 2011، ادعت إيران، التي سحقت فيها الحركة الاحتجاجية المطالبة بالديمقراطية قبل ذلك بعامين، أن لها الفضل في إطلاق حركات إصلاحية في أنحاء العالم العربي.

وعزز هذا فقط من ارتياب السعوديين إزاء طهران، وفي مارس من نفس العام، اندلعت احتجاجات يقودها الشيعة في البحرين، وأرسلت السعودية ألفا من قوات الحرس الوطني إلى هذه المملكة الخليجية لحماية منشآتها الحيوية.

وكانت هذه إشارة رمزية إلى حد كبير تهدف إلى تحذير طهران بضرورة التراجع وأن تنسى فكرة إسقاط العائلة الملكية الحاكمة في البحرين واستبدالها بجمهورية إسلامية شيعية.
أما اليوم فيوجد في إيران مرة أخرى رئيس معتدل نسبيا وواقعي، هو حسن روحاني، في الوقت الذي شرعت فيه السعودية في سياسية خارجية جديدة وصارمة تورطت من خلالها في حرب غير محسومة في اليمن.

ولكن قبل أسبوعين فقط كان هناك حديث عن إمكانية تسوية الخلافات بين السعودية وإيران عبر التفاوض في محادثات السلام الخاصة بسوريا، وقد يضع إبرام صفقة كبرى بين الجانبين نهاية للحرب الأهلية المروعة في سوريا في نهاية المطاف. ومن الممكن هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية كعدو مشترك، ويمكن للسعودية وإيران إنهاء دعمهما العسكري للأطراف المتنافسة في سوريا.
وبالرغم من احتمال تحقيق هذه الأهداف، فإن فرص تحقيقها قد انحسرت بالتأكيد على المدى المنظور.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: