إعلان

بعد اختلاف التوقعات العالمية لخفض الجنيه.. ما السيناريو الأقرب للحدوث؟

01:27 م الأربعاء 02 أغسطس 2023

خفض قيمة الجنيه

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- منال المصري:

تختلف السيناريوهات المتوقعة لتحركات سعر الصرف في مصر وسط ترقب لما ستشهده الشهور المقبلة من إجراءات ستظهر أي من هذه السيناريوهات ستتبناها السلطات المصرية في ظل غموض أيضا بشأن مستقبل التعاون مع صندوق النقد في برنامج الإصلاح الاقتصادي.

وأظهر تقريران صدرا حديثا مدى اختلاف توقعات بعض بنوك الاستثمار العالمية في الشكل الذي سيكون عليه مستقبل سعر الصرف وتحركات العوامل المتأثرة به أو فيه خلال الشهور القليلة المقبلة.

وبينما يتوقع بنك مورجان ستانلي الأمريكي خفضا جديدا لسعر الجنيه في سبتمبر أو أكتوبر المقبل، يستبعد بنك جولدمان ساكس تحريك العملة على المستقبل القريب، وهو السيناريو الذي يرجحه خبراء مصرفيون، تحدثوا لمصراوي، خاصة مع استمرار الآثار التضخمية لتحركات الخفض الماضية حتى الآن وسط أرقام قياسية للتضخم.

سيناريو الخفض

توقع بنك مورجان ستانلي، أن يحدث خفض جديد لسعر صرف الجنيه مقابل الدولار على الأرجح في سبتمبر أو أكتوبر المقبل، وذلك في وقت قريب من إجراء المراجعة الأولى المؤجلة والثانية لصندوق النقد الدولي لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المتوقعة بين شهري سبتمبر وديسمبر المقبلين.

كان صندوق النقد الدولي وافق في ديسمبر الماضي على التعاون مع مصر في تنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي لمدة 46 شهرا بتمويل 3 مليارات دولار يصرف على عدة شرائح، بينما تأخر الصندوق في إجراء المراجعة الأولى للبرنامج والتي كان مقررا لها منتصف مارس الماضي بسبب تأخر السلطات المصرية في تنفيذ بعض الإجراءات المطلوبة.

ويعتقد مورجان ستانلي أن مصر بحاجة إلى إحراز تقدم في مرونة سعر الصرف لتعديل وضعها الخارجي إلى أبعد من المدى القصير.

وربط مورجان ستانلي وقوع سيناريو خفض الجنيه بحدوث تحسن كبير في صافي احتياطيات البنك المركزي المصري على خلفية موسم السياحة القوي، والمزيد من التقدم في صفقات الاكتتاب العام.

كان رئيس الوزراء أعلن مؤخرا إتمام صفقات ضمن برنامج الطروحات الحكومية بقيمة نحو 1.9 مليار دولار، والعمل على إنهاء صفقات أخرى بقيمة نحو مليار دولار أخرى خلال الفترة المقبلة.

سيناريو التثبيت وضغط الاستيراد

في المقابل، استبعد بنك جولدمان ساكس الأمريكي حدوث خفض جديد لسعر الجنيه في البنوك على الأقل في المدى القريب.

وقال جولدمان ساكس إنه على الرغم من التقدم الذي أحرزته الحكومة المصرية في بيع أصول مملوكة للدولة ضمن برنامج الطروحات، فإنه لا يعتقد اتجاه مصر إلى خفض سعر الصرف الحقيقي للجنيه مقابل الدولار على الأقل في المدى القريب، بسبب مخاوف السلطات بشأن ضعف الجنيه وتأثيره على التضخم.

كانت معدلات التضخم السنوية سجلت مستويات تاريخية خلال يونيو الماضي، حيث قفز المعدل السنوي للمدن فوق مستوى 35% لأول مرة، بأعلى من تقديرات السوق، بحسب الأرقام التي أعلنها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

كما ارتفع المعدل السنوي للتضخم الأساسي خلال شهر يونيو 2023 إلى 41% مقابل 40.3% في شهر مايو، بحسب بيانات البنك المركزي، وهو ما يعد رقما قياسيا جديدا.

وتأتي هذه المعدلات المرتفعة من تداعيات 3 انخفاضات كبيرة لسعر الجنيه في نحو 10 أشهر فقط، حدثت في مارس وأكتوبر 2022 ويناير الماضي، وهو ما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه بنحو 96% خلال الـ 16 شهرا مرتفعا من 15.76 جنيه في 20 مارس 2022 إلى 30.94 جنيه حتى نهاية تعاملات أمس الثلاثاء في البنوك.

لكن بنك جولدمان ساكس يرى لعدم خفض الجنيه بعض الآثار السلبية منها ترسخ عمل السوق الموازية للدولار (السوق السوداء) في مصر، ومواصلة الحكومة سياستها الحالية في الضغط على الواردات من خلال ضوابط غير رسمية على سعر الصرف، وإذا لزم الأمر، تهدئة وتيرة الاستثمار.

أي السيناريوهين أقرب للواقع؟

يستبعد الخبيران المصرفيان محمد عبد العال وسهر الدماطي حدوث خفض جديد لسعر الجنيه خلال الشهور المقبلة، وهو ما يتفق مع سيناريو جولدمان ساكس.

وحذر محمد عبد العال من التبعات السلبية لحدوث خفض آخر للجنيه مقابل الدولار على الاقتصاد والمجتمع المصري، مؤكدا أن حدوث ذلك أمر غير مقبول بسبب مخاطره المرتفعة.

وأوضح أنه بعد خفض سعر الجنيه 3 مرات متتالية، حدثت منذ بدء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي لمصر وحتى الآن، لم يحدث أي تحسن في تدفقات النقد الأجنبي فيما يتعلق بدخول استثمارات أجنبية مباشرة لافتة أو حتى استثمارات غير مباشرة، بل زادت الفجوة بين سعري الدولار في السوقين الرسمية والموازية.

وأشار عبد العال إلى أن حدوث سيناريو خفض سعر الجنيه بدون توفر تدفقات كافية من النقد الأجنبي عبر البنوك سيترتب عليه زيادة سعر الدولار في السوق الموازية من جديد في ظل صعوبة تدخل البنك المركزي بضخ دولارات من احتياطي النقد الأجنبي لضبط سوق الصرف لالتزامه بعدم التدخل المباشر، وبالتالي سينفلت سعره إلى مدى من الصعب التنبؤ به.

وطالب عبد العال بعدم خفض للجنيه حتى نهاية الربع الأول من عام 2024 على الأقل، متوقعا أن يتفهم صندوق النقد الدولي مخاوف مصر من اتباع سعر صرف مرن بشكل مستدام على عدد من المؤشرات الاقتصادية ومن أبرزها معدلات التضخم، وسعر الدولار في السوق السوداء، وزيادة عجز الموازنة العامة للدولة، وخلافه.

وظهرت أزمة نقص العملات الأجنبية في مصر العام الماضي تأثرا بخروج نحو 22 مليار دولار من استثمارات الأجانب غير المباشرة في أدوات الدين تأثرا بتداعيات اندلاع الحرب الأوكرانية الروسية.

وأدى عدم قدرة البنوك على تدبير الدولار الكافي لكافة العملاء منذ ذلك الحين إلى عودة السوق السوداء لتجارة العملة الذي وصل فيها سعر الدولار في الأيام الأخيرة إلى 38.5 جنيه بزيادة 7.5 جنيه عن السعر الرسمي في البنوك والصرافات، وفق مراقبين تحدث إليهم مصراوي في وقت سابق.

وترى الخبيرة المصرفية سهر الدماطي أنه من الصعب حدوث خفض جديد في سعر الجنيه خلال الفترة القريبة المقبلة، مشددة على عدم تأييدها لسيناريو الخفض على المدى القريب.

وقالت الدماطي، لمصراوي: "أنا ضد تعويم (خفض) الجنيه مقابل الدولار للمرة الرابعة لحين عودة تدفقات النقد الأجنبي لطبيعتها، وتراجع وتيرة التضخم، وانتهاء أزمة سلاسل الإمداد عالميا تجنبا لحدوث صدمة اقتصادية".

وتراجعت حصيلة تدفقات النقد الأجنبي على مصر بنحو 3.75 مليار دولار في أول 9 شهور من العام المالي 2022-2023 مقارنة بنفس الفترة من العام السابق عليه، تأثرا بتراجع تحويلات المصريين العاملين بالخارج وإيرادات الصادرات، بحسب ما كشفت عنه بيانات ميزان المدفوعات الصادرة مؤخرا عن البنك المركزي المصري.

وانخفضت الحصيلة من 5 مصادر أساسية للنقد الأجنبي إلى نحو 73 مليار دولار في أول 9 شهور من العام المالي الماضي مقابل نحو 76.7 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام المالي قبل الماضي.

وأوضحت الدماطي أن خفض سعر صرف الجنيه مقابل الدولار سيؤدي إلى حدوث صدمة تضخمية واقتصادية جديدة، وفي النهاية لن يصل سعر صرف الجنيه إلى السعر التوازني مقابل الدولار، بسبب عدم دخول تدفقات النقد الأجنبي التي وعد بها صندوق النقد الدولي مصر خلال إبرام اتفاق القرض.

وكان من المنتظر أن تسفر موافقة صندوق النقد على التعاون مع مصر في برنامج الإصلاح الاقتصادي عن دخول تدفقات أخرى من مؤسسات تمويلية وشركاء تمويل آخرين بقيمة تصل إلى 14 مليار دولار، بحسب ما كشف عنه الصندوق في وقت سابق تزامنا مع إعلان الموافقة.

فيديو قد يعجبك: