لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الشيخ البنا.. صاحب الصوت الملائكي الذي روي تفاصيل جنازته قبل وفاته

06:03 م الأربعاء 17 ديسمبر 2014

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

بقلم – هاني ضوَّه :

صوت ملائكي يصيغ معاني القرآن .. هكذا تستطيع أن تصف صوت القارئ الشيخ محمود علي البنا، أحد عمالقة قراء كتاب الله الذي أثروا حياة الناس ومثل هو وجيله الرعيل الأول من عظماء القراء في مصر والعالم العربي والإسلامي.

ولد الشيخ محمود علي البنا في قرية "شبرا باص" مركز شبين الكوم محافظة المنوفية في السابع عشر من ديسمبر عام 1926م وهو أول أخوته الذكور والثاني في الترتيب.

كان أبوه فلاحاً ولا يعيش له ذكور فنذره للقرآن وخدمة أهله منذ ولادته تيمناً بأن يكون خادماً للقرآن، والحتق بكتاب القرية عندما أتم الخمس سنوات، فحفظ كتاب الله في أربعة أعوام ليكون أصغر طفل بالقرية يحفظ القرآن الكريم كله.

وقد حاول جده أن يلحقه بمعهد المنشاوي الديني بمحافظة طنطا إلا أن صغر سنه حال دون ذلك فلما بلغ الثانية عشرة من عمره انتقل إلى مدينة طنطا والتحق بالمعهد الديني وظل يدرس به ويعيش بمفرده بعيداً عن والده، ولكن كان يرسب في مادة الرياضيات رغم تفوقه في كافة المواد الأخرى.

فأشار عليه شيخ المعهد بالتفرغ لدراسة علوم القرآن وتجويده وأن يترك الدراسة بالمعهد قائلا له: لقد حباك الله صوتاً جميلاً وقد خلقت لتكون صييتاً وقارئاً فدعك من النحو والصرف وما شابه ذلك من علوم المعهد.

فترك الشيخ البنا المعهد دون أن يبلغ والده وذهب إلى المسجد الأحمدي بمدينة طنطا والتقى الشيخ إبراهيم سلام شيخ المقرأة، ولكن الشيخ طلب منه قراءة القرآن عليه ليقرر مدى أهليته فلما أستمع إليه أثنى عليه، وتبناه طالبًا عنده مما كان له الأثر الطيب في نفس الصبي محمود البنا فحفظ الشاطبية للأمام الشاطبي وكذا تفسيرها ثم قرأ عليه القراءات العشر واستمر عامين على هذا النحو يتلقى علوم القرآن وكان والده قد علم بأمره إلا أنه لثقته به لم يعلق على أمر تركه الدراسة بالمعهد الديني.

وفي عام 1944م نصحه الشيخ إبراهيم سلام بأن يذهب إلى القاهرة ليتعرف على العلوم الجديدة في القرآن وأحكام التلاوة فنزح إلى القاهرة ونزل على بعض الدارسين من أهل قريته وأقترب من عظام القراء كالشيخ محمد سلامة والشيخ على محمود والشيخ طه الفشني ثم ذهب بعد ذلك إلى الشيخ درويش الحريري ليتعلم الموسيقى وعلم المقامات الموسيقية ولم يكن قد تجاوز السابعة عشرة من عمره بعد.

تم اعتماده مقرئاً في الإذاعة المصرية منذ عام 1948م، وكان عمره حينئذ عشرين عاماً أو يزيد، فكان أصغر قارئ يُعتمد في الإذاعة المصرية في ذلك الوقت.

وكانت أول تلاوة للشيخ البنا بالإذاعة في آخر ديسمبر، وكان سنه 22 سنة. وكانت القراءة على الهواء مباشرة قبل التسجيلات. وكانت التلاوة من سورة (هود) من قوله تعالى: وإلى ثمود أخاهم صالحاً إلى قوله تعالى: وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.

ويحكي الشيخ البنا أول يوم له في الإذاعة فيقول: "وصلت إلى مبنى الإذاعة مبكرًا، فجلست في ركن المذيعة (صفية المهندس) ومعها البرنامج مكتوب عليه. (نستمع إلى القارئ الشيخ محمد علي البنا الذي سنسمعه لأول مرة بعد اعتماده قارئاً بالإذاعة) وكلما اقترب موعد التلاوة الصوت يهرب مني وأخاف أكثر.

وقدمتني السيدة المذيعة فقفلت الصوت وقلت لها أنا صوتي بيقطع فقالت صوتك طالع على الهواء جميل جداً.. وأنا ما صدقت أنها تقول لي صوتك جميل على الهواء وطلعت بجواب عالي رد إليّ ثقتي بنفسي وبفضل الله انطلقت بقوة وبتوفيق من الله، حتى ختمت الربع في السابعة والنصف.

عُينِّ الشيخ البنا بمسجد الملك بحي حدائق القبة بشارع مصر والسودان، ثم بمسجد الرفاعي، ثم صدر قرار تعيينه قارئاً بمسجد الإمام الحسين عام 1959م.

وصدر قرار في العام نفسه بندبه قارئاً للسورة بالمسجد الأحمدي بمدينة طنطا، وظل به أكثر من واحد وعشرين عاماً، انتقل بعدها إلى مسجد الإمام الحسين بالقاهرة عام 1980م.

اختاره الأزهر الشريف لحضور كثير من المؤتمرات الإسلامية العالمية ممثلاً أهل القرآن وقراءه وأرسلته وزارة الأوقاف إلى كثير من المسابقات العالمية كمحكم وقاض قرآني.. وانهالت عليه الدعوات من الملوك والرؤساء والشيوخ العرب لإحياء المناسبات الدينية كالمولد النبوي الشريف وليلة الإسراء والمعراج وليلة رأس السنة الهجرية وافتتاح المؤتمرات الإسلامية العالمية المقامة على أرض بلادهم.

وتابع المسيرة القرآنية فيه إلى حين وفاته عام 1985م، وكان لوفاته قصة عجيبة فبعد صراع مع مرض السرطان، طلب الشيخ البنا من أبناءه أن يعجلوا في تشطيب مدفنه الذي خصصه لنفسه في مسجده ومركز تحفيظ القرآن الذي كان تحت الإنشاء في بلدته بشبرا باص، وكان الشيخ البنا يغيب ويفيق، وفي احدى المرات سأل هل المدفن جاهز؟ فقالوا له: نعم، وقام الشيخ من فراشه وفتح باب الحجرة ومشى بالممر المؤدى الى حجرته والكل يراقب الشيخ بدهشة بالغة ويخافون ان تخذله قوته المؤقته، وما هي إلا لحظات قليلة حتى عاد الشيخ إلى فراشه وهو يقول لابنه: كنت أمام بيت جميل بيني وبينه خطوتين وفيه حديقة جميلة أردت أن أصل بابها لأدخله، ولكن لماذا عدت إلى هنا مرة أخرى؟!

ونظره إلى سقف حجرته بالمستشفى، وهو يصف جنازته من أول الصلاة عليه بمسجد الإمام الحسين حيث كان يقرأ كل يوم جمعه انتهاء بوصوله إلى مدفنه بالمقبرة التي بناها في حياته بجوار المركز الإسلامي الذي أقامه بقريته شبرا باص، وكيف تشيع الجنازة وأشار إلى مكان أخيه وهو يبكيه في ناحية والناس يبكون في ناحية وحدث المنظر كاملاً في اليوم التالي كما صوره الشيخ البنا الذي فاضت روحه ودفن بمسجده.

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج

إعلان

إعلان