لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تفسير الشيخ الشعراوي لصور الجزاء لعبادة الله فى الأخرة

11:00 ص الخميس 04 أغسطس 2016

تفسير الشيخ الشعراوي لصور الجزاء لعبادة الله فى ال

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

قال تعالى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}.. [آل عمران : 182]

{ذلك} إشارة إلى عذاب الحريق. والحق سبحانه لم يظلمهم، لكنهم هم الذين ظلموا أنفسهم. {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} فهل معنى ذلك أن كل المعاصي من تقديم اليد؟ إن هناك معصية للعين، ومعصية للسان، ومعصية للرجل، ومعصية للقلب، ولا حصر للمعاصي. فلماذا إذن قال الحق: {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ}؟

قال الحق ذلك لأن الأعمال الظاهرة تٌمارس عادة باليد؛ فاليد هي الجارحة التي نفعل بها أكثر أمورنا، وعلى ذلك يكون قول الحق: {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} مقصود به: بما قدمتم بأي جارحة من الجوارح.

وبعد ذلك يخبرنا سبحانه: {وَأَنَّ الله لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ} لقد أذاقهم عذاب الحريق نتيجة ما كتبه عليهم؛ من قول وفعل. والقول هو الافتراء باللسان حين قالوا: {إِنَّ الله فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ}. والفعل هو قتلهم الأنبياء. فهم يستحقون ذلك العذاب.

والقضية العامة في الإله وعدالة الإله أنه ليس بظلام للعبيد.

وهنا وقفة لخصوم الإسلام من المستشرقين، هم يقولون: الله يقول في قرآنهم {وَأَنَّ الله لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ}، وكلمة (ظلام) هي مبالغة في كلمة (ظالم)، ففيه (ظالم) وفيه (ظلاّم)، و(الظَّلاّم) هو الذي يظلم ظلماً قوياً ومتكرراً؛ فـ:(ظلاّم) هي صيغة مبالغة في (ظالم).

وحين نرد عليهم لابد لنا أن نعرف أن صيغ المبالغة كثيرة، فاللغويون يعرفون أنها: فعّال، فعيل، مفعال، فعول، فَعِل، فظلاَّم مثلها مثل قولنا: (أكَّال)، ومثل قولنا: (قتَّال) بدلاً من أن نقول: (قاتل) فالقاتل يكون قد ارتكب جريمة القتل مرة واحدة، لكن ال (قتَّال) هو من فعل الجريمة مرات كثيرة وصار القتل حرفته. ومثل ذلك (ناهب)، ويقال لمن صار النهب حرفته: (نَهَّاب) أي أنه إن نهب ينهب كثيراً، ويعدد النهب في الناس.

وهذه تسمى صيغة المبالغة. وصيغة المبالغة إن وردت في الإثبات أي في الأمر الموجب فهي تثبت الأقل، فعندما يقال: (فلان ظلاّم) فالثابت أنه ظالم أيضاً، لأننا ما دمنا قد أثبتنا المبالغة فإننا نثبت الأقل. ومثل ذلك نقول: (فلان علاّم) أو (فلان علاّمة) فمعنى ذلك أن فلاناً هذا عالم. ولكن إذا قلنا: (فلان عالم) فلا يثبت ذلك أنه (علاّمة). فصيغة المبالغة ليس معناها (اسم فاعل) فحسب، إنها أيضاً اسم فاعل مبالغ فيه، لأن الحدث يأتي منه قوياً، أو لأن الحدث متكرر منه ومتعدد. فإذا ما أثبتنا صفة المبالغة فمن باب أولى تثبت صفة غير المبالغة فإذا ما قال واحد: (فلان أكّال) فإنه يثبت لنا أنه آكل، هذا في الإثبات.

والأمر يختلف في النفي. إننا إذا نفينا صفة المبالغة تثبت الصفة التي ليس فيها مبالغة من باب أولى. أما إذا نفيت صفة المبالغة فلا يستلزم ذلك نفي الصفة الأقل.

والتذليل للآية التي نحن بصددها الآن هو {وَأَنَّ الله لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ}.

يفهم المستشرقون من هذا القول أنه مجرد نفي للمبالغة في الظلم لكنها لم تنف عنه أنه ظالم ولم يفهم المستشرقون لماذا تكون المبالغة هنا: إن الحق قد قال: إنه ليس بظلاَّم للعبيد، ولم يقل إنه ليس بظلام للعبد. ومعنى ذلك أنه ليس بظلام للعبيد من أول آدم إلى أن تقوم الساعة، فلو ظلم كل هؤلاء- والعياذ بالله- لقال إنه ظلام، حتى ولو ظلم كل واحد أيسر ظلم. لأن الظلم تكرر وذلك بتكرر من ظُلِم وهم العبيد، فإن أريد تكثير الحديث فليفطن الغبي منهم إلى أن الله قال: {وَأَنَّ الله لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ} ولم يقل إنه ليس بظلام للعبد.

وإذا كان الظالم لابد أن يكون أقوى من المظلوم، أذن فكل ظلم يتم تكييفه بقوة الظالم. فلو كان الله قد أباح لنفسه أن يظلم فلن يكون ظالماً؛ لأن عظم قوته لن يجعله ظالماً بل ظَلاَّما.

فإن أراد الحدث فيكون ظلاماً، وإن أردنا تكراراً للحدث فيكون ظلاماً. وحين يحاول بعض المستشرقين أن يستدركوا على قول الحق: {وَأَنَّ الله لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ} فهذا الاستدراك يدل على عجز في فهم مرامي الألفاظ في اللغة أو أنّ هؤلاء يعلمون مرامي الألفاظ ويحاولون غش الناس الذين لا يملكون رصيداً لغوياً يفهمون به مرامي الألفاظ. ولكن الله سبحانه وتعالى يُسخر لكتابه من ينبه إلى إظهار إعجازه في آياته.

وبعد أن انتهى الحق من غزوة أُحُد، فهو سبحانه يريد أن يقرر مبادئ يبين فيها معسكرات العداء للإسلام: معسكر أهل الكتاب، ومعسكر مشركي قريش في مكة، ومعسكر المشركين الذين حول المدينة وكانوا يغيرون على المدينة.

فبعد غزوة أُحٌد التي صفّت، وربّت، وامتحنت وابتلت، وعرّفت الناس قضايا الدين، أراد الحق بعدها أن يضع المبادئ.

فأوضح القرآن: أن هؤلاء أعداؤكم؛ تذكروهم جيداً، قالوا في ربكم كذا، ويقولون في رسولكم كذا، وقتلوا أنبياءكم.

ومن بعد ذلك يقول الحق سبحانه: {الذين قالوا إِنَّ الله عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حتى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النار...}.

المصدر: موقع نداء الإيمان

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان