تعرف لماذا تفتر همتك في أواخر رمضان وكيف تحافظ عليها؟
بقلم – هاني ضوَّه :
في بداية كل موسم من مواسم الخيرات نجد في أنفسنا همة عالية ونشاط كبير للاجتهاد في طاعة الله، وخاصة في شهر رمضان المبارك لما له من خصوصية كبيرة ومضاعفة للأجر، ولكن مع مرور أيام الشهر الكريم، ومع اقتراب أخره نجد أن همتنا قد تفتر وتقل، ونتكاسل عن الطاعات التي كنا نفعلها في بداية الشهر الكريم، أو نفعلها متثاقلين.
وهذا يجعلنا نتسائل: لماذا يدب الوهن وضعف الهمة في قلوبنا وأرواحنا؟! .. سؤال يحتاج إلى إجابة واضحة وجلية.
أوضح لنا الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم بعض أسباب الوهن وفتور الهمة في معاني تجلت في أحاديثه الشريفة، ومن بين تلك الأسباب "حب الدنيا وكراهية الموت"، وهو ما وصفه النبي بـ "الوهن".
ومما يفتر الهمة كذلك التسويف والتمني كلما هم الإنسان إلى فعل خير أو طاعة حدثته نفسه بتأجيلها إلى الغد، ثم إلى اليوم الذي يليه إلى أن تفتر همته تمامًا ولا يقدم على هذا الخير، ويفوت الأوان، يقول تعالى: ﴿ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون﴾.. [الحجر : 3].
كما نبه إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "بادروا بالأعمال الصالحة سبعا: هل تنتظرون إلا فقرأ منسيا، أو غنى مطغيا، أو مرضا مفسدا، أو هرما مفندا، أو موتا مجهزا، أو الدجال فشر غائب ينتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر" ، وقال كذلك: "اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك" .
ومن أسباب فتور الهمة كذلك مجالسة رفقاء السوء ومن يلهون عن ذكر الله، لذا نبهنا صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله بأن نجالس الجلساء الصالحين فقال: "إنما مَثل الجليس الصالح والجليس السوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك: إما أن يُحْذِيك ، وإما أن تبتاع منه،وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة".
ومن أحد أكبر أسباب علو الهمة أن تكون مع المؤمنين، أن تحيط نفسك بجو إيماني، لأن الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾.. [التوبة: 119] كن معهم، آثر اللقاء بهم عن أي لقاء آخر، آثر صحبتهم عن صحبة أهل الدنيا.
ومعالجة فتور العبادة لا تكون إلا بالبعد عن كل ما يلهي عن ذكر الله، وذلك بمخالفة النفس ومجاهدتها، قال تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾، وقد بين لنا ربنا حقيقة النفس فقال: ﴿إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾، وفي الحديث الشريف قال صلى الله عليه وآله: "تعس عبد الدرهم تعس عبد الدينار تعس عبد القطيفة تعس عبد القطيفة".
كما يجب علينا كذلك البعد عن التسويف وتأجيل الطاعات، وعلينا أن نتأمل سير الصحابة الكرام وحياة السلف الصالح والتابعين وأولياء الله الصالحين لنتأسى بهم، ولنر كيف كانوا متعلقين بطاعة الله مقبلين على عبادته، وفي ذلك إعلاء لهممنا وتشجيعًا لنا على الطاعات وفعل الخيرات.
فيديو قد يعجبك: