بعد فتوى "الإفتاء" المثيرة للجدل.. "زواج المحلل" في ميزان الشريعة: حرمه "شلتوت" وأجازه عطية صقر
كتبت – آمال سامي:
أثارت فتوى دار الإفتاء أمس بشأن "زواج المحلل" الجدل، مما أدى إلى أن تحذف الدار الفتوى التي نشرتها على صفحتها الرسمية على الفيسبوك، وكانت فتوى دار الإفتاء المنشورة تجيز زواج المحلل إذا كان عن طريق شخص تطوع من نفسه، وبدون اشتراط في العقد، بأن يتزوج المطلقة ثلاث طلقات ليطلقها بعد ذلك لتعود لزوجها الأول، واعتبرته "مأجور بذلك لقصده الإصلاح" مؤكدة على أن الزواج بقصد التطليق هو حرام شرعًا باتفاق الفقهاء.
وخرج الدكتور مجدي عاشور، أمين الفتوى ومستشار فضيلة المفتي، في مداخلة هاتفية مع الإعلامي "عمرو أديب" في برنامجه "الحكاية" المذاع على قناة mbc مصر، ليوضح الفتوى للجمهور التي وصفها بأنها لم تكن تصلح للنشر على السوشيال ميديا لأنها تثير "بلبلة بين الجمهور"، وأوضح عاشور أن هذه الفتوى قصدت صورة نادرة للتحليل، عندما يقرر رجل الزواج بأخرى بعد الطلقة الثالثة قاصدًا هذا ولم يعلم الزوجين المنفصلين بهذا الأمر، ولكن لابد أن يدخل بها، وهو جائز له، وجائز له ان يطلق وان تتزوج من زوجها الاول بعد العدة.
وفي هذا التقرير يستعرض مصراوي فتاوى دار الإفتاء المصرية والأزهر السابقة في قضية المحلل، وهل صدرت فتاوى سابقة تجيز هذا الزواج؟
أمانة الفتوى في 2008: النية من غير اشتراط تجيز زواج المحلل
أكدت دار الإفتاء المصرية في فتوى سابقة لها على جواز زواج المحلل الذي تطوع من نفسه، وبغير اتفاق مع المطلقين، بالزواج من المرأة ليطلقها بعد ذلك لتعود لزوجها الأول، مؤكدة أن "النية" بغير اشتراط مع توافر أركان النكاح وشروطه الأخرى تجيز ذلك وتجعله صحيحًا، حيث أكدت أمانة الفتوى أنه: "إذا كان النكاح بشرط تحليل المرأة لزوجها الأول فإنه حرام، ويكون باطلًا عند الجمهور، أما إذا كان منويًّا فيه فقط من غير اشتراطٍ مع توفر أركان النكاح وشروطه الأخرى فهو صحيحٌ كما ذهب إليه الحنفيّة والشّافعيّة، وتحلّ المرأة للأوّل بوطء الزّوج الثّاني؛ لأنّ النّيّة بمجرّدها في المعاملات غير معتبرة، كما لو نويا التّأقيت وسائر المعاني الفاسدة؛ والقاعدة في ذلك: (أن كل شرطٍ يَبطُل العقدُ بالتصريح به فإن إضمارَه مكروه)".
محمود شلتوت: الزواج بقصد التحليل حرام بالإجماع
في كتاب "الفتاوى" لـ "محمود شلتوت" ذكر شيخ الأزهر الأسبق، أن الزواج بقصد التحليل محرم بالإجماع، وقال شلتوت في فتواه ان المقصود في حالة تطليق الزوج زوجته طلقة ثالثة لا تحل له حتى تتزوج غيره زواجًا شرعيًا مقصودًا منه الدوام والاستمرار، فيقول شلتوت: " ومن هنا يَتَبَيَّنُ أن الزواج بقصد التحليل لم يكن مُرادًا من الآية، وقد جاء النهْي عن زواج التحليل بقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ: "لعَن الله المُحلِّل والمُحلَّل له" وبقوله: "ألَا أُخبركم بالتَّيْسِ المُستَعار، قالوا بلى يا رسول الله، قال هو المُحلِّل، لعَن الله المُحلِّل والمُحلَّل له" وصحَّ عن عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: "لا أُوتَى بمُحلِّل ولا مُحلَّل له إلا رجمتهما" . وقال الإمام ابن تيمية: "نِكاح المحلل حرام بالإجماع)".
وأكد شلتوت أن زواج المحلل محرم بدليل ما يفعله اصحابه من التستر والكتمان خوفًا من الفضيحة والعار، فهو دليل على أنه ممقوت ومنكر لا تقبله الأنفس مستنكرًا: "كيف يكون مشروعًا ويفعل باسم الدين؟".
عطية صقر يجيز زواج المحلل: "مسألة خلافية"
للدكتور عطية صقر مفتي الجمهورية الأسبق فتوى حول زواج التحليل، أو زواج المحلل، حيث أكد أنه لابد من ان تعود الزوجة التي طلقها زوجها ثلاث مرات، أن تتزوج غيره ثم يطلقها، وحتى يكون هذا الزواج محققًا للغرض منه فلابد أن يحقق أمرين أساسيين، أولهما أن يكون العقد صحيح والثاني ان يكون معه دخول صحيح، فإذا اختل واحد منهما لم يكن مشروعًا.
وحتى يكون العقد صحيحًا، يؤكد عطية صقر أنه لابد من أن يستوقي الأركان والشروط المعروفة في كل زواج، وأضاف عليه العلماء أن يكون خاليًا من نية التحليل.
وحول "النية" استفاض صقر في فتواه ليبين اختلاف العلماء حول نوعيها، أن يصرح بها في العقد أو ألا يصرح بها على النحو التالي:
إذا صرح بها في العقد: كأن يقول تزوجتك على أن أحلك لزوجك، وهو باطل لا تترتب عليه آثاره عند جمهور الفقهاء، أما أهل الرأي كأبو حنيفة وأًصحابه قالوا: يصح العقد ويحلها للأول لأن الشرط الفاسد يلغى ويصح العقد، بينما رأى الشافعي أن شرط التحليل قبل العقد يصح به النكاح، لكن إن اشترط في العقد بطل النكاح.
إذا لم يصرح بها في العقد لكن كان معروفًا بين الناس أو على الأقل بين المطلقة والمطلق والمحلل، وهو ما اجازه أبو حنيفة واصحابه قائلين: ينعقد صحيحًا مع الإثم ويترتب عليه حلها للأول بعد الدخول والطلاق وانتهاء العدة.
وقال عطية صقر بعد استعراضه لآراء الفقهاء "رأينا الاتفاق على وجوب صحة الزواج ووجوب المعاشرة الجنسية ، ورأينا الاختلاف فى نية التحليل أو التصريح به واشتراطه فى العقد ، فعند أبى حنفية أن نية التحليل -شرطت أم لم تشرط - لا تمنع من صحة العقد ولا من حل المرأة لزوجها الأول ، وعند الشافعى قولان فى عدم الاشتراط ، قول كمالك وأحمد بالمنع ، وقول كأبى حنيفة بالجواز، وتحمل الآثار الواردة فى التنفير منه على الكراهة ، وفى المسائل الخلافية لا يفرض رأى من الآراء ، إلا باختيار ولى الأمر، والعمل فى مصر على رأى أبى حنيفة وهو الجواز، لأنه الراجح فى المذهب ، ولا مانع من اختيار أى رأى من الآراء وبخاصة عند اقتضاء المصلحة".
فيديو قد يعجبك: