الإفتاء تحسم الجدل حول حكم زراعة عضو من الخنزير في جسم الإنسان
كـتب- علي شبل:
بعد نجاح جراحين أمريكيين في زراعة كُلية خنزير في جسم إنسان دون أن يرفض جهاز المناعة في جسم المتلقي العضو المزروع، وهو ما وصفه علماء بأنه تقدم كبير يحتمل أن يخفف من النقص الحاد في الأعضاء البشرية وينعش آمال الملايين، ثار جانب من الجدل حول الرأي الشرعي في تلك المسألة، وهل يمنع الشرع التداوي بأعضاء جسم الخنزير.
حسمت دار الإفتاء المصرية الجدل ببيان الرأي الشرعي الصحيح، مؤكدة أن الأصل في التداوي أنه مشروع، ولكن لا يستخدم فيه عضو من الخنزير إلا إذا لم يوجد ما يقوم مقامه وقامت حاجة إلى ذلك؛ فلا حرج في التداوي به في هذه الحالة؛ لأن حفظ النفس مقصد شرعي مطلوب.
وكان الدكتور خالد عمران، أمين عام الفتوى بدار الإفتاء المصرية، علق على واقعة زراعة «كلى خنزير» في جسد سيدة بريطانية، قائلًا إن العلاج باستخدام أجزاء من الخنزير متنازلة في الفقه الإسلامي.
وأوضح أمين الفتوى خلال مداخلة ببرنامج «اليوم» المذاع عبر قناة DMC، وتقدمه الإعلامية سارة حازم، أن الشرع لا يحرم العلاج، والاضطرار لاستخدام جزء من الخنزير للعلاج مباح طالما أن الأطباء المختصين أكدوا أنه لا يقع جراء ذلك ضرر على الإنسان، وأنه لا يوجد علاج آخر يساهم في شفاء المريض.
حكم استخدام لقاح فيروس كورونا المستخدم فيه مشتقات الخنزير
وحول حكم استخدام لقاح فيروس كورونا المستخدم فيه مشتقات الخنزير، أكدت دار الإفتاء أنه لا مانع شرعًا من استخدام لقاح فيروس كورونا ما دامت هذه المادة المستخدمة فيه قد تحولت طبيعتُها ومكوناتُها الخنزيرية إلى مادة أخرى واستحالت إليها بحيث أصبحت مادة أخرى جديدة.
وأوضحت الدار في فتوى سابقة لها أن تحول هذه المادة المستخدمة في اللقاح إلى مادة أخرى أثناء عملية التصنيع حينها لا تسمى خنزيرًا، ولا يَصْدُق عليها أنَّها بهيئتها ومكوناتها التي تحوَّلت إليها جزء من الخنزير، ولا مانع حينئذٍ من استخدامها في اللقاح للتداوي من فيروس كورونا وغيره من الأوبئة والأمراض.
وأوضحت الدار في تأصيلها للفتوى أنه من المقرر شرعًا أن الخنزير حرام أكله وتناوله لقوله تعالى: ﴿إنما حَرَّم عليكم المَيتةَ والدَّمَ ولَحمَ الخِنزِيرِ وما أُهِلَّ به لغَيرِ اللهِ فمَنِ اضطُرَّ غيرَ باغٍ ولا عادٍ فلا إثمَ عليه إن اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: 173].
وأشارت إلى أن جمهور الفقهاء ذهبوا إلى أَنَّ الخنزير نجس العينِ حيًّا وميتًا، بينما ذهب المالكية إلى أَنَّ الخنزير طاهر ما دام حيًّا، ونجس إن كان ميتًا، وهذا يقتضي حرمة التداوي به أيضًا؛ لأنَّ الفقهاء متفقون في الجملة على تحريم التداوي بالنجس، إلا في حالة الضرورة أو الحاجة الملحة التي لا يوجد فيها من الطاهرات ما يحل محل النجس.
وأوضحت الدار في بيان فتواها أن مسألة لقاح فيروس كورونا المستخدم فيه مشتقات الخنزير ينبني الحكم فيها على الاستحالة، وهي –أي: الاستحالة- تَحَوُّل المواد إلى مواد أخرى لها مكونات أخرى مختلفة الأوصاف؛ فإذا ثبتت الاستحالة تغير الحكم؛ حيث رَتَّب الشرع الشريف وصفَ النجاسة على حقيقة بعينها، وقد زالت، فيزول الوصف بزوالها، فيُسلَب وصف النجاسة عن نجس العين إذا أثبت التحليل المعملي تغير المكونات بحدوث روابطَ جديدةٍ بين الجزيئات يَشِي بانقلاب المهايا والحقائق، وذلك كما في الخمر المتخللة، ودم الغزال المتحول لمسك.
وأضافت أنه إذا لم تكن هناك استحالة للمادة المحرَّمة أو النجسة فإنه لا يجوز التداوي بها إلا إذا عُدِم ما يحل محلَّه من الطاهرات، أو كان ما عداها من الطاهرات ليس له مفعولها في سرعة العلاج أو كفاءته، كما هو مذهب الحنفية والشافعية.
واختتمت دار الإفتاء فتواها بأنه بناءً على ذلك يجوز التداوي واستخدام اللقاح المستخدم في مواجهة فيروس كورونا إذا تحولت فيه المادة المستخدمة في تصنيعه إلى مادة أخرى.
فيديو قد يعجبك: