لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الخطب النبوية.. أين ذهبت وهل أغفل المسلمون جمعها؟

06:45 م الأربعاء 15 يوليو 2020

كتبت – آمال سامي:

لماذا لم يتم نقل خطبة جمعة واحدة عن النبي صلى الله عليه وسلم على الرغم من أنها كانت تلقى على جميع المسلمين ونقلها أسهل من الأحاديث؟ خاصة أن كل المسلمين حينها سمعوها؟ سؤال محير أو شبهة أو تراود كثيرين وتتردد من وقت لآخر، فهل حقًا لم يتم نقل أي خطبة جمعة؟ وهل هذا يقدح في نقل الحديث الشريف؟

في فبراير الماضي، حسب الداعية الإماراتي وسيم يوسف عدد خطب النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة حسب الوقت الذي قضاه فيها حتى وفاته صلى الله عليه وسلم ذاكرًا أنها قد تبلغ ما مجموعه 510 خطبة جمعة، نقل لنا منها خطبة الوداع وخطبة سورة ق، وبعض الأحاديث المرتبطة بخطب الجمعة لا تتعدى العشرات فقط رغم أن الخطب كانت تلقى أمام جمع غفير من الصحابة، متسائلًا: "لماذا لم تنقل لنا كرواية متواترة من المصلين؟" أثار تساؤل وسيم غضب أغلب متابعيه معتبرين انها تشكيك في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، على الرغم من ذلك ترك وسيم يوسف التساؤل معلقًا بلا إجابة.

وسيم يوسف يتسائل

أين ذهبت خطب الجمعة التي خطبها النبي؟

تحدث الدكتور خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، في لقاء سابق ببرنامج "الدين والحياة" على قناة الحياة، حول تلك القضية مجيبًا على سؤال أين ذهبت خطب الجمعة للرسول صلى الله عليه وسلم، فأكد الجندي أن أغلب أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي وصلتنا هي مقتطفات من خطب النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يخطب صلى الله عليه وسلم ويقول مثلا ضمن ما قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره"، فيأخذ الراوي هذا القول وينقله فقط لا الخطبة كلها، وهناك أمر آخر اشار إليه الجندي وهو أن ملكة النقل لم تكن متوفرة لكل الصحابة، فكانت تختلف من صحابي لآخر، وكذلك لم يدرك الصحابة كل ما قاله النبي، فكان كثير منهم رعاة وأصحاب تجارة، وكانوا يصلون الجمعة مع غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، "مش كل الصحابة كانوا قاعدين ليل ونهار في مجالس النبي ولو قعدوا مش كلهم عندهم ملكة توصيل هذا الكلام"، وضرب الجندي مثلًا على ذلك من رواية بريدة رضي الله عنه: "مجلس علم خير من عبادة أربعين"، ثم صمت الراوي وقال لا أدري هل قال أربعين يوما ام شهرا ام عامًا.

وأشار الجندي إلى أن خطبة الجمعة للرسول كانت قصيرة، فكانت عبارة عن حديث، وكان يقرأ أحيانًا القرآن فقط في خطبة الجمعة، الصحابة في البداية لم يكونوا يهتمون بسماع الخطبة، "الصحابة كانوا غيرنا، كانوا ناس بتوع شغل، مكنوش فاضيين يقعدوا مع النبي ليل ونهار"، الصحابي كان يصلي ويرى النبي يجلس ويعطي درسًا فكان يتركه ويذهب إلى عمله، وسيدنا أبو هريرة نفسه يقول جملة في منتهى الخطورة: "لم يكن يشغلني الصفق في الأسواق، ولم أكن ذو مال ورعي، وكنت أصحب النبي على ملء بطني – اي رجل فقير مسكين يمشي مع النبي ينتظر الحسنة وطعام الصحبة –" ولذلك كان ابو هريرة يسجل كل ما يقوله، لكن باقي الصحابة كان يشغلهم عن النبي أمور كثيرة جدًا وهذا معنى حديث أبي هريرة، وذكر الجندي ما قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كنت أتناوب أنا وجار لي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنت أذهب إليه يوم وهو يذهب إليه يوم، وهو ما يدل على أن عمر رضي الله عنه كان من الممكن ان تمر ايام ولا يرى النبي صلى الله عليه وسلم، "النبي لما مات كان أبو بكر في بلد تانية، حد يتصور ان ابو بكر يسيب النبي ويروح بلد تانية!"

ودليل ان الصحابة لم يكونوا ملازمين تمامًا للنبي، يقول الجندي، ما حدث في صلاة الجمعة وجعل خطبتها قبل الصلاة لا بعدها رغم انها كانت بعد الصلاة، وفي ذلك قص القرآن موقف وصفه الجندي "في منتهى العجب" فكان الصحابة يصلون ثم يجرون مسرعين ليروا تجارتهم، ومن الممكن ان يكون النبي في لحظتها يخطب على المنبر، فيتركوه بعد الصلاة ويسعوا لتجارتهم، فذات مرة دخلت التجارة والنبي يخطب الجمعة، فوجد النبي المسجد تقريبًا قد فرغ من المصلين، ولما غضب النبي لذلك جعل الله الصلاة بعد خطبة الجمعة حتى يجلس الناس ليستمعوا إلى خطبة الجمعة، ونزلت في ذلك آية سورة الجمعة: "وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا"، وهو ما يدل على أن ذلك كان من عاداتهم حسبما يقول الجندي.

يؤكد كلام الجندي ما ذكره الطبري في تفسيره للآية عن قتادة: " بينما رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يخطب الناس يوم الجمعة، فجعلوا يتسللون ويقومون حتى بقيت منهم عصابة، فقال: كم أنتم؟ فعدّوا أنفسهم فإذا اثنا عشر رجلا وامرأة؛ ثم قام في الجمعة الثانية فجعل يخطبهم؛ قال سفيان: ولا أعلم إلا أن في حديثه ويعظهم ويذكرهم، فجعلوا يتسللون ويقومون حتى بقيت منهم عصابة، فقال: كم أنتم، فعدّوا أنفسهم، فإذا اثنا عشر رجلا وامرأة؛ ثم قام في الجمعة الثالثة فجعلوا يتسللون ويقومون حتى بقيت منهم عصابة، فقال كم أنتم؟ فعدّوا أنفسهم، فإذا اثنا عشر رجلا وامرأة، فقال: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوِ اتَّبَعَ آخِرُكمْ أوَّلَكُمْ لالْتَهَبَ عَلَيْكُمُ الْوَادِي نَارًا " ، وأنـزل الله عزّ وجلّ: "وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا".

هل أغفل المسلمون جمع خطب النبي؟

لم يغفل المسلمون، كما ظن البعض، عن خطب النبي صلى الله عليه وسلم على مدار التاريخ ومنذ القرن الثالث الهجري، فتوالت محاولات جمعها وضمها في مصنف، حيث ضمت المكتبة الإسلامية العديد من المؤلفات التي حاول أصحابها جمع خطب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أقدم هذه الكتب "خطب النبي صلى الله عليه وسلم" لعلي بن محمد المدائني المتوفي سنة 224 هـ، ومن هذه المؤلفات:

1. "خُطب النبي صلى الله عليه وسلم"، لأبي الشيخ الأصبهاني (ت369هـ) .

2. "خُطب النبي صلى الله عليه وسلم"، لأبي نُعيم الأصبهاني (ت430هـ) .

3. "الخُطب الأربعون المعروفة بالوَدْعانية"، جمعها القاضي أبو نصر محمد بن علي بن ودعان الموصلي (ت 494هـ).

4. "موعظة الحبيب وتحفة الخطيب"، لعلي القاري الحنفي (ت1014هـ) .

5. "الخُطب المصطفوية"، لمحمد علي أكرم الآروي.

6. "خُطب النبي صلى الله عليه وسلم"، لعبد الباسط بن علي الفاخوري، مفتي بيروت (ت1324هـ) .

7. "الخُطب المأثورة"، لأشرف علي التهانوي (ت1362هـ) .

8. "مجموع من الخُطب النبوية"، لعيسى البيانوني (ت1362هـ) .

9. "إتحاف الأنام بخُطب رسول الإسلام"، لمحمد بن خليل الخطيب. 1373هـ.

10. "خُطب سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته"، لمحمد شفيق الأرواسي (ت1970م) .

11. "خُطبات النبي صلى الله عليه وسلم"، لحبيب الرحمن الأعظمي.

12. "خطب النبي صلى الله عليه وسلم جمع ودراسة"، رسالة ماجستير في الجامعة الأردنية،

13. "خطب الرسول"، لعبد الحميد شاكر.

ومن هذه المؤلفات الحديثة أيضًا كتاب "خطب الرسول 574 خطبة من كنوز الدرر وجوامع الكلم" جمعها وشرحها محمد خليل الخطيب في مجلد عدد صفحاته 333 صفحة عام 1954م. حسبما ذكر الخطيب في مقدمة الكتاب، وهو أحد علماء الأزهر البارزين في زمانه، وقد تعهد في كتابه بجمع وتخريج خطب الرسول صلى الله عليه وسلم وشرح ما استشكل من معانيها، وتضم تلك الخطب كل ما خطبه النبي سواء خطب الجمعة أو غيرها، ومن أمثلة ما في الكتاب من خطب: عن عوف بن مالك أنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في أصحابه فقال: "الفقر تخافون أو العوز أو تهمكم الدنيا، فإن الله فاتح لكم أرض فارس والروم وتصبح عليكم الدنيا صبًا حتى لا يزيغكم بعدي إن أزاغكم إلا هي".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان