الزواج في شوال.. تشاءم منه العرب وهذا ما فعله النبي
كتب - هاني ضوه :
كانت للعرب في الجاهلية عادات واعتقادات كثيرة خاطئة جاء الإسلام ليصححها، سواء بنص قرآني أو حديث أو فعل نبوي لينهي هذا الاعتقاد والظن.
وبعض هذه الأمور كان متعلقًا بشهر شوال، وهي أن العرب قبل الإسلام كانوا يتشاءمون من الزواج في شهر شوال لاعتقادهم أن المرأة تمتنع من زوجها كامتناع الناقة التي شولت بذنبها بعد اللقاح من البعير، فأبطل النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم ذلك، وتزوَّج بأم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها في شوال لتكون سُنة عملية على ذلك.
وسبب هذا التشاؤم من اسم «شوال»، حيث إنه- كما ذكر النووي- من الإشالة والرَّفع؛ أي يرتفع هذا الزواج ولا يكتمل، أو كما روى ابن سعد فِي طبقاته عن أبي عَاصِم النَّبِيل قَالَ: "إِنَّمَا كره الناس أن يدخلُوا النِّسَاء فِي شَوَّال لطاعون وَقَع في شَوَّال فِي الزمن الأول".
وذكر الإمام القرطبي في كتابه "المفهم" معنى اسم شوال ولماذا تشائم العرب منه، فيقول: "شوَّال معناه : كثير الشول، فإنَّه للمبالغة ، فكأنهم كانوا يتوهّمون أنَّ كلَّ مَنْ تزوّج في شوَّال منهن شال الشنآن بينها وبين الزوج، أو شالت نفرته، فلم تحصل لها حظوة عنده، ولذلك قالت عائشة رادَّةً لذلك الوهم: "فأي نسائه كان أحظى عنده مني"؛ أي : لم يضرّني ذلك، ولا نقص من حظوتي. ثم إنها تبرّكت بشهر شوَّال، فكانت تحب أن يُدخل بنساءها على أزواجهنّ في شوّال؛ للذي حصل لها فيه من الخير برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن الحظوة عنده، ولمخالفة ما يقول الْجُهَّال من ذلك".
وعن هذا تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: "تزوَّجني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في شوال، وبنى بي في شوال، فأيُّ نساءِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم كان أحظى عندهُ منِّي؟».
كما بنى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأم المؤمنين السيدة سودة بنت زمعة رضي الله عنها في مكة في شهر شوال من السنة الحادية عشر؛ وذلك كما جاء في رواية ابن سعد.
ومن هنا أقر العلماء استحباب الزواج في شهر شعبان على عكس العرب في الجاهلية، وقد قال الإمام الأزهري في كتابه: "تهذيب اللغة": «وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَطَّيَّرُ مِنْ عَقْدِ المَنَاكِحِ فِيهِ، وَتَقُولُ: إِنَّ المَنْكُوحَةَ تَمْتَنِعُ مِنْ نَاكِحِهَا».
وجعل أئمة الحديث في كتبهم أبوابًا حول استحباب الزواج في شهر شوال، فوضع الإمام الترمذي في سننه باب: ما جاء في الأوقات التي يُستحب فيها النكاح، والإمام النسائي سننه "النكاح باب: التزويج في شوال، وسنن ابن ماجه في النكاح باب: متى يُستحب البناء بالنساء، وكذلك ابن حبان في النكاح باب: ذِكْر إباحة تزويج المرء المرأة في شوال ضدَّ قول من كرهه، الإمام أحمد في مسنده، وغيرهم.
وذكر الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم حيث قال عن شهر شوال فيه استحباب التزويج والتزوج والدخول في شوال: "وقد نص أصحابنا على استحبابه، واستدلوا بهذا الحديث".
فيديو قد يعجبك: