لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أحيا أردوغان ذكراها الـ947.. ماذا تعرف عن معركة "ملاذكرد"؟

10:52 م الأحد 26 أغسطس 2018

ارشيفية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

القاهرة - مصراوي:

تحتفي تركيا كل عام بمعركة "ملاذكرد" وأحيا رئيسها رجب أردوغان ذكراها الـ947، قائلاً عن المعركة التي انتصر فيها السلاجقة الأتراك على الإمبراطورية البيزنطية: "إذا نظرنا لما قبل (معركة) ملاذكرد فهي تعني مكة والقدس، وإذا نظرنا لما بعدها فهي تعني (فتح) بورصة وأدرنة وإسطنبول وروملي وكافة البلقان"- حسب وكالة الأناضول.

في التقرير التالي يقدم مصراوي نبذة تاريخية عن المعركة الفاصلة في التاريخ الإسلامي:

دارت معركة ملاذكرد بين الإمبراطورية البيزنطية والسلاجقة الأتراك في 26 أغسطس 1071 م بالقرب من ملاذكرد (ملازغرد حاليا في محافظة موش، تركيا).

جهّز الإمبراطور البيزنطي رومانوس الرابع جيشًا ضخمًا يتكون من مائتي ألف مقاتل من الروم والروس والكرج والأرمن والخزر والفرنجة والبلغاريين، وتحرك بهم من القسطنطينية عاصمة دولته واتجه إلى ملاذكرد، حيث يعسكر الجيش السلجوقي.

أدرك ألب أرسلان حرج موقفه؛ فهو أمام جيش بالغ الضخامة كثير العتاد، في حين أن قواته لا تتجاوز عشرين ألفًا، فبادر بالهجوم على مقدمة جيش الروم، ونجح في تحقيق نصر خاطف يحقق له التفاوض العادل مع إمبراطور الروم؛ لأنه كان يدرك صعوبة أن يدخل معركة ضد جيش الروم؛ فقواته الصغيرة لا قبل لها بمواجهة غير مضمونة العواقب، فأرسل إلى الإمبراطور مبعوثًا من قبله ليعرض عليه الصلح والهدنة؛ فأساء الإمبراطور استقبال المبعوث ورفض عرض السلطان، وطالبه بأن يبلغه بأن الصلح لن يتم إلا في مدينة الري عاصمة السلاجقة.

أيقن السلطان ألَّا مفر من القتال بعد أن فشل الصلح والمهادنة في دفع شبح الحرب؛ فعمد إلى جنوده يشعل في نفوسهم روح الجهاد وحب الاستشهاد، وأوقد في قلوبهم جذوة الصبر والثبات، ووقف فقيه السلطان وإمامه أبو نصر محمد بن عبد الملك البخاري يقول للسلطان مقوِّيًا من عزمه: إنك تقاتل عن دينٍ وعد الله بنصره وإظهاره على سائر الأديان، وأرجو أن يكون الله قد كتب باسمك هذا الفتح، فالقِهم يوم الجمعة بعد الزوال، في الساعة التي يكون الخطباء على المنابر، فإنهم يدعون للمجاهدين بالنصر، والدعاء مقرون بالإجابة.

وحين دانت ساعة اللقاء في (آخر ذي القعدة 463 هـ/ أغسطس 1071 م) صلّى بهم الإمام أبو نصر البخاري، وبكى السلطان، فبكى الناس لبكائه، ودعا ودعوا معه، ولبس البياض وتحنّط، وقال: إن قُتلت فهذا كفني.

يقول ابن كثير في البداية والنهاية:

"وخاف من كثرة المشركين، فأشار عليه الفقيه أبو نصر محمد بن عبد الملك البخاري بأن يكون وقت الوقعة يوم الجمعة بعد الزوال (بعد الظهر) حين يكون الخطباء يدعون للمجاهدين، فلما كانت المواجهة نزل السلطان عن فرسه وسجد لله عز وجل ومرَّغ وجهَه في التراب، ودعا الله واستنصره، فكان نصر الله تعالى".

أحسن السلطان ألب أرسلان خطة المعركة، وأوقد الحماسة والحمية في نفوس جنوده، حتى إذا بدأت المعركة أقدموا كالأسود الضواري تفتك بما يقابلها، وهاجموا أعداءهم في جرأة وشجاعة، وأمعنوا فيهم قتلاً وتجريحًا، وما هي إلا ساعة من نهار حتى تحقق النصر، وانقشع غبار المعركة عن جثث الروم تملأ ساحة القتال.

ووقع الإمبراطور البيزنطي أسيرًا في أيدي السلاجقة، وسيق إلى معسكر السلطان ألب أرسلان الذي قال له: ما عزمت أن تفعل بي إن أسرتني؟ فقال: أفعل القبيح. فقال له السلطان: فما تظن أنني أفعل بك؟ قال: إما أن تقتلني وإما أن تشهر بي في بلاد الشام، والأخرى بعيدة وهي العفو وقبول الأموال واصطناعي نائبًا عنك. فقال السلطان: ما عزمت على غير هذا.

أطلق السلطان ألب أرسلان سراح الإمبراطور البيزنطي بعد أن تعهد بدفع فدية كبيرة قدرها مليون ونصف المليون دينار، وأن يطلق كل أسير مسلم في أرض الروم، وأن تعقد معاهدة صلح مدتها خمسون عامًا، يلتزم الروم خلالها بدفع الجزية السنوية، وأن يعترف الروم بسيطرة السلاجقة على المناطق التي فتحوها من بلادهم، وأن يتعهدوا بعدم الاعتداء على ممتلكاتهم.

ثم أعاد السلطان غريمه وأسيره الإمبراطور البيزنطي إلى بلاده، وخلع عليه خلعة جليلة، وخصص له سرادقًا كبيرًا، وأعطاه قدرًا كبيرًا من المال لينفق منه في سفره، ثم أفرج عن عدد من ضباطه ليقوموا بخدمته، وأمر عددًا من رجاله بصحبته حتى يصل إلى دياره سالمًا.

بعد انتصار المسلمين في هذه المعركة تغيّرت صورة الحياة والحضارة في هذه المنطقة؛ فاصطبغت بالصبغة الإسلامية بعد انحسار النفوذ البيزنطي تدريجيًا عن هذه المنطقة، ودخول سكانها في الإسلام، والتزامهم به في حياتهم وسلوكهم.

وواصل الأتراك السلاجقة غزوهم لمناطق أخرى بعد ملاذكرد، حتى توغلوا في قلب آسيا الصغرى، ففتحوا قونية وآق، ووصلوا إلى كوتاهية، وأسسوا فرعًا لدولة السلاجقة في هذه المنطقة عرف باسم سلاجقة الروم، ظل حكامه يتناوبون الحكم أكثر من قرنين من الزمان بعد انتصار السلاجقة في ملاذكرد، وأصبحت هذه المنطقة جزءًا من بلاد المسلمين إلى يومنا هذا.

وكان من ثمار دخول هذه المنطقة في حوزة السلاجقة انتشار اللغتين العربية والفارسية، وهو ما كان له أثره في مظاهر الحضارة منذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا، غير أن هزيمة الروم في موقعة ملاذكرد جعلتهم ينصرفون عن هذا الجزء من آسيا الصغرى، ثم عجزوا عن الاحتفاظ ببقية الأجزاء الأخرى أمام غزوات المسلمين الأتراك من السلاجقة والعثمانيين، وقد توالت هذه الغزوات في القرون الثلاثة التالية لموقعة ملاذكرد، وانتهت بالإطاحة بدولة الروم، والاستيلاء على القسطنطينية عاصمتها، واتخاذها عاصمة للدولة العثمانية، وتسميتها بإسلامبول أو إستانبول.

* مصادر

- ابن كثير - البداية والنهاية

- موسوعة التاريخ الإسلامي، لمحمود شاكر.

- كتاب عظماء الإسلام.

- ملاذكرد - قصة الإسلام.

- ابن الأثير: الكامل في التاريخ - دار صادر - بيروت.

- موسوعة ويكيبيديا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان