شيخ الأزهر يطالب حكماء الشرق والغرب بالتكاتف لوقف وباء الارهاب
فلورانسا - أ ش أ:
طالب فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، حكماء الشرق والغرب بالتكاتف لوقف وباء الإرهاب والعنف اللذين يهددان العالم ويمثلان الخطر الداهم الذي يهدد الجميع وأيضا كل ما تناسل من تنظيمات وجماعات وحركات مسلحة ترتدي - في كثير من الأحيان - رداء الأديان، وتوظف كتبها المقدسة في الاعتداء على الآخرين وقتلهم وسلب أموالهم وتشريدهم من بلادهم .
وأوضح شيخ الأزهر في الكلمة الرئيسية في افتتاح ملتقى حكماء الشرق والغرب في فلورانسا بإيطاليا اليوم الاثنين ، أن ذلك الوباء ينطلق -دائما- من قراءات مغلوطة للكتب المقدسة ومن سياسات عالمية عمياء تدعمه، ومن أموال هائلة لا ينفق عشر معشارها لمحاربة الفقر والجهل والمرض والتخلف في بلدان العالم الثالث .
وأضاف الطيب أن التعاون العالمي يقتضى أن يفهم الغرب الإسلام، وأن يفهم الإسلام مدنية الغرب، وأنهما إذا تفاهما زال ما بينهما من سوء ظن، وأمكن أن يعيشا معا متعاونين، يؤدي كل منهما نصيبه من خدمة الإنسانية، مطالبا علماء المسلمين بضرورة أن يبينوا مدنية الغرب على حقيقتها، ليحل التعارف محل التناكر، ويحل السلام محل الخصام.
وأشار شيخ الأزهر إلى أن التعارف المنصوص عليه في القرآن الكريم هو الهدف أو الغاية الإلهية العليا التي خلق الله الناس من أجلها..وأن التعارف يعني التعاون وتبادل المنافع، وليس الصراع ولا الإقصاء ولا التسلط، وإذا كان لقاء التعارف البشري هو القانون الإلهي للعلاقات الدولية بين الناس أفلا يعني هذا أنه أمر يمكن تحقيقه إذا ما خَلُصَت النَّوايا وصحَّتِ العزائم؟ .
وأعرب شيخ الأزهر عن أمله في أن يخفف الغرب من غلوائه وكبريائه، ويتخفف الشرق من هواجسه وسوءِ ظنونه، ليلتقيَ كلٌّ منهما بالآخَر في منتصف الطريق لقاءَ تعارُفٍ ومَودَّةٍ وتبادل خبرات ومنافع .
وقال الطيب في كلمته إنَّ جهودًا كبيرة تقع على عاتِقِ الشرقيين: مسلمين ومسيحيين، يجب أن يقوموا بها لتعديل نظرتهم إلى الغرب والغربيين..فهناك شعور تجاه الغرب بالخوف وعدم الأمان وتوقُّعِ الشَّرِّ، وقد يكون لدى الشرقيين بعضُ ما يبرِّرُ هذا الخوف، لكنه –بكل تأكيد- هو خوف مبالَغ فيه، وكثيرًا ما تتداخل حدوده مع حدود الكراهية وحبِّ الانتقام، محذرا ان يؤدى ذلك لا إلى زوال الحضارة الإسلامية فقط، كما تراهن عليه نظرية صراع الحضارات، بل إلى زوال الحضارتين الإسلاميَّة والغربيَّة معًا.
وطالب الشَّرقيين أيضًا أن يشعروا بروابط أكثر تقاربا وتآلفا، يترابطون بها مع الغرب، وأن يتوقفوا عن اعتبار الحضارة الغربية حضارةً كلُّها شر، وخروج على قيم الأديان والفضائل، وأن نستبدل بهذه النظرة المفرطة في السواد نظرة أخرى أكثر تفاؤلًا تبدو فيها الحضارة الغربية، حضارة إنسانية، إن كان فيها بعض المثالب والنقائص فهي لا شك حضارة أنقذت الإنسانية ونقلتها إلى آفاق علمية وتقنية لم تكن لتصل إليها طوال تاريخها السحيق، لولا عكوف علماء الغرب على مصادر المعرفة الأدبيَّة والتجريبية والفنية، على أن الشرق لديه ما يسدُّ به الغرب ثقوبه الروحية والدينية، وما يدفع به عن حضارته عوامل التحلل والاندثار، والغرب لديه الكثير مما يقدمه للشرق لانتشاله من التخلف العلمي والتقني والصناعي وغير ذلك.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: