رعاية الأزهر ضمانة لنجاح التجربة.. "بيت الزكاة" بداية لمكافحة الفقر
طالب علماء الدين بتضافر جهود جميع مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية لإنجاح مشروع "بيت الزكاة المصري" وتأسيس قاعدة بيانات ومنظومة متكاملة لرعاية الفقراء والمحتاجين في مصر، وإيصال الزكاة لمستحقيها والقضاء على العشوائية التي سادت عقود طويلة.
يقول الدكتور محمد مختار جمعة - وزير الأوقاف - إن الهدف من إنشاء بيت الزكاة المصري هو أن يكون في خدمة المجتمع مما يشكل إضافة كبيرة في مجال العمل الاجتماعي والتنموي بكل أبعاده، كما أن إتاحة خيارات متعددة أمام دافعي الزكاة والصدقات والمتبرعين يصب في النهاية في مصلحة المجتمع بصفة عامة والفقراء بصفة خاصة.
وأوضح أن بيت الزكاة سيركز في صلب عمله على سد الجوع وتوفير الغذاء الآمن للفقراء، وكذلك تطوير الخدمات الصحية والتعليمية بالقرى والنجوع والمناطق الشعبية والعشوائية، كما أنه سيسهم في تحسين البنية التحتية لهذه المناطق، ولن يكون بديلاً لأي جهة قائمة، وإنما يعمل في إطار التعاون والتنسيق مع كل المؤسسات الوطنية التي تهدف إلى خدمة الفقراء وتحسين أحوالهم المعيشية، وتعنى بتنمية المجتمع تنمية شاملة، وتوفير قواعد بيانات دقيقة بحيث يتم التنسيق بين جميع الجهات والهيئات المعنية.
من جانبه يرى الدكتور رأفت عثمان - عضو هيئة كبار العلماء - أن تكليف فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب - شيخ الأزهر - بالإشراف على بيت الزكاة يمثل ضمانة لنجاح المشروع؛ لأن الأزهر فوق الشبهات، وطالب جميع القادرين بالإسراع بالتبرع للصندوق، وذلك لأن حكمة الله - عز وجل - اقتضت أن يكون هناك تفاوت بين الناس، منهم الفقير ومنهم الغني، ولو كان الناس متساوين في الأرزاق ما عطف أحد على أحد، لكن الله - عز وجل - لم يترك الفقراء، وإنما شرع من الأحكام ما يجعل لهم حقًا في الحياة كالأغنياء، وقد شرعت الزكاة على أنها حق واجب للفقير، وليست تفضلاً من الأغنياء على الفقراء، إنما هي حق الفقراء في هذه الأموال.
وأضاف: إن تدخل الدولة لجمع أموال الزكاة واجب، والعلماء بينوا أن الأموال قسمان: أموال ظاهرة وأموال باطنة، مع ملاحظة أن المال ليس مقصورًا على النقود فقط، لكن الحيوانات والزروع والثمار هذه أموال، ولهذا وجدنا الزكاة تجب في خمسة أشياء، أربعة متفق عليها بين العلماء، وواحد مختلف فيه، والمتفق عليها هي: الذهب والفضة، والزروع، والثمار، والأنعام، والنوع الخامس هو عروض التجارة، وهو موضع خلاف بين الجمهور، وبعض الآراء الفردية، والجمهور يقولون: إن الزكاة تجب في عروض التجارة، وقد أوجب العلماء أن تتدخل الدولة في جمع الزكاة من الأموال الظاهرة، ولهذا كان الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - يرسل بعض الناس لأصحاب الحيوانات وأصحاب الثمار لجمع الزكاة، أما الأموال الباطنة وهي الذهب والفضة والنقود التي يضعها الناس في منازلهم، أو التي لا يطلع عليها الغير، فإن صاحب المال يخرج الزكاة فيها بما يرضي الله - عز وجل -، ولصاحب المال الحرية في أن يخرجها لمن يشاء سواء كانوا من أقاربه أو من غيرهم، ولا يجوز للدولة أن تتدخل في جمع الزكاة من الأموال الباطنة، فأمرها متروك لصاحب المال، فهو الذي يخرج الزكاة عنها.
وفي سياق متصل يقول الدكتور علوي أمين - أستاذ الفقه بجامعة الأزهر - إن أموال الزكاة ضاعت بين من لا يعرف ومن لا يدفع، ومن خلال هذه التجربة الجديدة نستطيع أن نوضح للناس قيمة وفرضية الزكاة، ونستطيع أن نعلمهم كذلك أنه من خلال هذا المشروع سوف تصل الزكاة لمستحقيها، وهذه التجربة أخذتها بلاد كثيرة من حولنا منها الكويت مثلاً، ونجح هذا المشروع في إرساء قواعد الإسلام وتحقيق التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، ومصر في هذه الفترة المهمة من تاريخها في حاجة لمثل هذه المشروعات والمبادرات الناجحة، بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية ورعاية محدودي الدخل والفقراء، وطالب بتوفير آلية للتعاون بين جميع مؤسسات وهيئات الدولة بهدف وضع قاعدة بيانات حقيقية بالفقراء والمحتاجين، بهدف أن نصل إليهم في جميع المحافظات، وأن تكون هناك مشروعات كبرى لتحقيق نجاحات وإنجازات ملموسة في مجال رعاية الفقراء والمحتاجين.
من جانبه، يشير الدكتور حامد أبو طالب - عضو مجمع البحوث الإسلامية - إلى أن مشروع بيت الزكاة المصري يعود بالخير الوفير على مصر والمصريين، فزكاة المصريين تزيد في العام الواحد على 15 مليار جنيه، بناءً على أرقام الودائع الموجودة في البنوك، لكنها تتناثر مثل مياه الأمطار، وتدفع لأشخاص غير مستحقين، وربما يكون هناك فئات أكثر احتياجًا لا تجد من يعطف عليها، وإذا تم جمع أموال الزكاة بشكل منظم ستكون هناك طفرة كبيرة جدًا في مجال رعاية الفقراء والمحتاجين، وربما تكون هناك مشروعات كبرى يعود نفعها على الفقراء، وعلى الجميع المشاركة لإنجاح الفكرة، وإيصال هذه الأموال لمستحقيها.
فيديو قد يعجبك: