في ذكرى تحويلها.. لم كان بيت المقدس القبلة الأولى ولماذا أراد الرسول الكعبة؟
كتبت – آمال سامي:
"قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۗ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ"، هكذا روت لنا سورة البقرة، الآية 144 تحويل قبلة المسلمين من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى والذي حدث في مثل هذا اليوم من منتصف شهر شعبان في السنة الثانية للهجرة، وتحويل القبلة من أبرز وأهم الأحداث في تاريخ المسلمين، وقد كان ذلك بعد فرض الصلاة وهجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، وكان قبل ذلك حين يصلي يستقبل بيت المقدس، وظل على ذلك حوالي ستة أو سبعة عشر شهرًا ، ويشرح ابن كثير ذلك في تفسيره لقوله تعالى: " وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ"، قائلًا: وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بمكة إلى بيت المقدس والكعبة بين يديه، فلما قدم المدينة وجه إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا، أو سبعة عشر شهرا ثم صرفه الله إلى الكعبة بعد، ولهذا يقول تعالى: ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله.
واختلف العلماء حول اتخاذ الرسول بيت المقدس قبلة، فمنهم من قالوا إن ذلك اجتهاد منه ورأي، وقال بذلك عكرمة وغيره، وقال آخرون أنه كان مخيرًا بين الكعبة وبيت المقدس فاختار الأخير طمعًا في ايمان اليهود واستمالتهم وهو رأي الطبري، والثالث وهو رأي الجمهور أن ذلك كان وحيًا من الله ثم نسخ الله ذلك وأمره باستقبال الكعبة، وذلك حسبما ذكر القرطبي في تفسيره "الجامع لأحكام القرآن".
كان الرسول صلى الله عليه وسلم قبل تحويل القبلة يرفع بصره للسماء وينتظر من الله تعالى أمره بالتحويل نحو الكعبة، وقد أورد المفسرون أسباب رغبة الرسول صلى الله عليه وسلم في تحويل القبلة إلى الكعبة حيث فسر بعضهم ذلك كما يقول الطبري في تفسيره لأن اليهود كانوا يقولون: يتبع قبلتنا ويخالفنا في ديننا، وقال آخرون أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحب أن تكون قبلته إلى الكعبة لأنها كانت قبلة أبيه إبراهيم عليه السلام، فعن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة، وكان أكثرَ أهلها اليهودُ، أمره الله عز وجل أن يستقبل بيتَ المقدس. ففرحت اليهودُ. فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة عشر شهرًا، فكان رسول الله صَلى الله عليه وسلم يُحب قبلةَ إبراهيم, فكان يدعو وينظر إلى السماء, فأنـزل الله عز وجل: " قد نرى تقلُّبَ وجهك في السماء "
وقد نزل الوحي بتغيير القبلة بينما كان يصلي النبي صلى الله عليه وسلم الظهر بأصحابه، فلما اتم ركعتين جاءه جبريل بقوله تعالى: "قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها..." ثم أخذ بيده الشريفة وحول وجهه إلى الكعبة، فحول من خلفه وجوههم، وبلغ ذلك مسجدًا آخر بالمدينة بينما كان أهله يصلون العصر، فحولوا وجوههم نحو القبلة الجديدة كذلك، فكانت أول صلاتهم لبيت المقدس وآخرها للكعبة فسمي مسجد القبلتين.
فيديو قد يعجبك: