في ذكرى رحيله.. كيف أشرقت روح أنيس منصور برحلة إلى الله؟
كتبت- آمال سامي:
للكاتب الكبير الراحل أنيس منصور، الذي تحل اليوم ذكرى رحيله في مثل هذا اليوم 21 أكتوبر 2012 بعد رحلة 87 عاما من العطاء الفكري والأدبي، كتابات عدة، خاصة في أدب الرحلات، لكن إحداها، ليست فقط رحلة حقيقية إلى الأراضي المقدسة، بل أيضًا رحلته الروحية ورؤيته للكون والدين والله ونبيه صلى الله عليه وسلم، وهو ما نقله في كتابه "طلع البدر علينا"..
في كتابه طلع البدر علينا، يروي أنيس منصور أولى رحلاته إلى الأراضي المقدسة، وسجل فيه خواطره، وكيف أن روحانيتها تختلف عن كافة الأماكن المقدسة التي زارها من قبل، يقول أنيس منصور: منذ الطفولة بدأت هذه الرحلة، منذ اللحظة التي سمعت فيها ونحن اطفال كلمات: الله والنبي والجنة والنار، وكانت كلها غير واضحة..يقول أنيس أن من نعم الله تعالى عليه أنه قد حفظ القرآن الكريم كاملًا في طفولته، ويحكي أنيس منصور أطوار معرفته بالدين والله منذ ذلك الحين مرورًا بسنوات دراسته والجامعة وتخصصه في دراسة الفلسفة والأديان، وقراءاته في التوراة والأنجيل والكتب المقدسة والفلسفة الوجودية وقراءته لكتاب دلالة الحائرين للفيلسوف اليهودي موسى بن ميمون.
ويحكي أنيس منصور عن تجربته لأداء العمرة بعدما أرهقه البحث والكتابة والفكر في الفلسفة والأديان، فقرر أن يذهب ليؤدي العمرة، فيقول "في الطائرة ومع الناس ومع أصوات الملبين، أحسست أنني في مسجد في السماء"، وحين وصل إلى مكة بالسيارة، ودخل الحرم، ورأى الكعبة، بدأ ينبض بالحياة! يقول أنيس منصور إنه شعر كما في المعجزات المسيحية وفي لوحات القديسين، نبضت صورته بالحياة..
وفي المدينة يقول أنيس منصور إنه شعر بشيء أقوى مما شعر به في الكعبة، وأمام قبر الرسول صلى الله عليه وسلم رأى منصور "شخص غير معالم الدنيا، هنا شخص كفر به أهله وتبعه غيرهم..من أين تعلم ذلك كله هذا الراعي للغنم الأمي..أنه يتعلم القرآن أول بأول ككل الناس، لا دخل له فيما يوحي به إليه.."
يروي منصور عن تجربته في العمرة وكيف غيرته كثيرًا قائلًا : "امتلأت بكل ما هو مريح ومضيء، وأغتسلت من أشياء كثيرة، ورواسبي قد أزيلت، وهوائي الملوث قد نقي تمامًا..كأنني ولدت..وإنني عدت طفلًا في كعبة المعرفة الإنسانية، وجنينا في بطن الدين".
لم يكن "طلع البدر علينا" كتابًا يتحدث عن رحلة الحج فقط، وإنما عن تجربة أنيس منصور الروحية كاملة، في مقالات متفرقة، عن رحلته في الأراضي المقدسة، فيقول "من الذي لا يحاول أن يسير في نفس الطريق الذي سار فيه الرسول العظيم، ففي هذا االطريق إلى غار حراء سار الرسول أكثر من ألفي يوم..متفكرًا متأملًا متألما خفيفًا بصفاء روحه وثقيلًا بهموم قومه وكل الناس" ثم يستطرد متحدثًا عن الرسول صلى الله عليه وسلم وقصة تلقيه الوحي مستهلًا بعنوان: "كان أبعد عن الناس وأسمى منهم" وذلك حين كان يتعبد صلى الله عليه وسلم بغار حراء، حين جاءه الوحي لأول مرة. ثم يتحدث عن هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وزيارة منصور لغار ثور حيث تخفى الرسول وصاحبه. ويقول عن الرسول صلى الله عليه وسلم في النهاية: "إنه إنسان تعرفه وتحبه وتعجب به، وتستريح له وتبكي عليه وتفرح به، شاب ورجل وأب وداعية وشجاع وحكيم..إنه بشر رائع".
فيديو قد يعجبك: