في ذكرى وفاته.. الإمام الأوزاعي هو أول من دوّن العلم بالشام
كتبت- آمال سامي:
تحل، في مثل هذا اليوم، السابع والعشرين من صفر، ذكرى وفاة الفقيه والمحدث الإمام عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد الأوزاعي رحمه الله، وهو عالم أهل الشام، وأول من دون العلم بها، وكان يسكن بمحلة الأوزاع بدمشق، شهد له علماء عصره ومن تبعهم بالصلاح والورع والتفقه في الدين، وبأنه كان صالحًا لخلافة المسلمين في أمور دينهم ودنياهم.
ولد الإمام الأوزاعي ببعلبك عام 88 هـ وكان مولده معاصرًا لحياة بعض الصحابة رضوان الله عليهم، حسب الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء، ونشأ بالكرك وهي قرية بالبقاع، وعاش في دمشق، وعندما كبر سنه أنتقل إلى بيروت، ورابط فيها حتى وفاته. توفى والده وهو صغير فنشأ يتيمًا فقيرًا، تنقلت به امه في شتى قرى البقاع، حتى وصلت بيروت وهناك عرفه أحد أصدقاء والده وضمه إليه وألحقه بالديوان ليحصل منه على ما يكفيه معيشته، ويحكي تلك القصة الأوزاعي قائلًا: مات أبي وأنا صغير ، فذهبت ألعب مع الغلمان ، فمر بنا فلان - وذكر شيخا جليلا من العرب - ففر الصبيان حين رأوه ، وثبت أنا ، فقال : ابن من أنت ؟ فأخبرته . فقال : يا ابن أخي ، يرحم الله أباك . فذهب بي إلى بيته ، فكنت معه حتى بلغت ، فألحقني في الديوان ، وضرب علينا بعثا إلى اليمامة ، فلما قدمناها ، ودخلنا مسجد الجامع ، وخرجنا ، قال لي رجل من أصحابنا : رأيت يحيى بن أبي كثير معجبا بك ، يقول : ما رأيت في هذا البعث أهدى من هذا الشاب ! قال : فجالسته فكتبت عنه أربعة عشر كتابا ، أو ثلاثة عشر ، فاحترق كله .
عاصر الأوزاعي عددًا كبيرًا من العلماء، وشهد عصر الدولة الأموية في أواخره وفي ذروة إزدهاره، وشهد كذلك بداية الدولة العباسية وازدهارها، وفي الفترة التي عاش بها الأوزاعي أيضًا عاصر عددًا من العلماء وقابل بعضهم ومنهم مالك بن أنس، وسفيان الثوري، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وأبو حنيفة النعمان، والليث بن سعد. كانت لقاءات الأوزاعي بهؤلاء العلماء وغيرهم الذين رأوا الصحابة وتربوا على أخلاقهم، دور كبير في تشكيل شخصيته وبناءها، فشهد له بكمال الأدب، فسعى طوال حياته لطلب العلم، وكان يتصف بالزهد والورع فرفض قبول القضاء خوفًا من الذلل، وبلغ ورعه أن شهد له الإمام مالك أنه كان أصلح الناس لخلافة المسلمين، ويروي ذلك الإمام أحمد بن حنبل قائلًا: دخل سفيان والأوزاعي على مالك، فلما خرجا قال مالك: أحدهما أكثر علمًا من صاحبه ولا يصلح للإمامةن والآخر يصلح للإمامة.
تعلقه بالبيت الحرام، كان أبرز ما ميز عبادته، فحج وأعتمر كثيرًا، وقال عنه صفوان بن صالح المؤذن: كان الوليد بن مسلم يقول: ما رأيت أكثر اجتهادًا في العبادة من الأوزاعي، وقيل عنه أيضًا أنه كان "يثبت في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس، ويخبرنا عن السلف: أن ذلك كان هديهم، فإذا طلعت الشمس قام بعضهم إلى بعض، فأفاضوا في ذكر الله والتفقه في دينه".
بعض من أقوال العلماء فيه:
الإمام الشافعي: ما رأيت رجلا أشبه فقهاً بحديثه من الأوزاعي.
الإمام مالك بن أنس: اجتمع عندي الأوزاعي وسفيان الثوري وأبو حنيفة، فكان أرجحهم علمًا الأوزاعي.
عبد الله بن المبارك: لو قيل لي اختر لهذه الأمة لاخترت لها سفيان الثوري والأوزاعي، ولو قيل لي اختر أحدهما، لاخترت الاوزاعي، لأنه أوفق الرجلين.
يحيى بن معين: العلماء أربعة، الثوري، وأبو حنيفة، ومالك، والأوزاعي.
الحافظ الذهبي: شيخ الإسلام، وعالم أهل الشام، وكان يصلح للخلافة.
فيديو قد يعجبك: