قتلوا آلاف الحجاج ونهبوا الكعبة والحجر الأسود.. تعرف على قصة مذبحة القرامطة
كتبت – آمال سامي:
مع بدايات موسم الحج يرصد مصراوي أحد أبرز القصص التي تم بسببها تعطيل الحج، والعدوان على المسجد الحرام، وهي قصة اعتداء القرامطة على الحرم الشريف وحجاج بيت الله في التقرير التالي...
"فيها عاث أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الجنابي القرمطي في الأرض فسادا " هكذا استهل ابن كثير في "البداية والنهاية" حديثه عن سنة 316 هـ، وكيف كانت بداية فساد القرامطة في الأرض تحت راية أبو طاهر سليمان القرمطي، مشيرًا إلى أنه قتل كثيرًا من الأعراب حوله حتى صار الناس إذا سمعوا باسمه يهربون، وكذلك عاث في نواحي الموصل فسادًا وما حولها من بلاد، وكانت الطامة الكبرى في العام التالي عندما قرر القرامطة غزو الكعبة!
والقرامطة هم فرقة شيعية إسماعيلية انشقت عن باقي الشيعة الإسماعيلية لرفضهم إمامة عبيد الله المهدي مؤسس الدولة الفاطمية، وكانت دولتهم في بلاد البحرين، وكانت أبشع جرائمهم اقتحام المسجد الحرام وقتل الحجيج في موسم الحج.
أراد الجنابي القرمطي فرض سيطرته على مكة والمسجد الحرام وظلوا من آن لآخر يهجمون على أراف مكة مما أدى مع الوقت إلى قلة عدد الحجيج إلى مكة إلى أن أفتى العلماء عام 317 ببطلان الحج ورغم لك سار الجنابي الرمطي إلى مكة وقتل المسلمين بالمسجد الحرام وهم متعلقون باستار الكعبة حسبما يذكر الطبري في تاريخه، وسرقوا أبواب الكعبة وكسوتها وأخذوا ما كان فيها من آثار وزينة تزن أربعة عشر مثقالًا.
"أنا الله وبالله أنا، أنا أخلق الخلق أفنيهم أنا" هكذا كان يقول أميرهم أبو طاهر القرمطي حين دخل الكعبة والمسلمون يقتلون يمينًا ويسارًا حوله، ولم يجدي معه توسل البعض باستار الكعبة فكان يقتلهم ويقتل من يطوف كذلك، ثم أمر بدفن القتلى في بئر زمزم وفي المسجد الحرام، وهدم قبة زمزم وقلع الحجر الأسود، وكان جبارًا عتيًا، فقال أحدهم :"أين الطير الأبابيل؟ أين الحجارة من سجيل"، ورغم محاولات أمير مكة الدفاع عنها إلا انه قتل وقتل أكثر أهل بيته معه، وتحرك القرمطي إلى بلاده ومعه الحجر الأسود والأموال التي اغتصبها من المسلمين.
يقول ابن كثير في تعليقه على حادث القرامطة: "وقد ألحد هذا اللعين في المسجد الحرام إلحادا لم يسبقه إليه أحد ولا يلحقه فيه، وسيجاريه على ذلك الذي لا يعذب عذابه أحد، ولا يوثق وثاقه أحد".
وذكر ابن كثير رواية عمن حضروا هذا اليوم تظهر جهل وفجر القرامطة أنه قال: كنت في المسجد الحرام يوم التروية في مكان الطواف، فحمل على رجل كان إلى جانبي فقتله القرمطي، ثم قال: يا حمير - ورفع صوته بذلك - أليس قلتم في بيتكم هذا: "وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنَا ".
فأين الأمن؟
قال: فقلت له: اسمع جوابك.
قال: نعم.
قلت: إنما أراد الله: فأمنوه.
قال: فثنى رأس فرسه وانصرف.
لم يعد الحجر الأسود بعدها إلا مكة إلا عام 337 هـ، وظل الحج معلقًا عشر سنوات أخرى، ولم تنته مأساة القرامطة إلا في منتصف القرن الخامس على يد العوينيين وبعض القبائل العربية الموالية للعباسين ومعهم السلاجقة، إذ استطاعوا محاربة القرامطة وتحرير البحرين وإقليم الإحساء التي كانوا مسيطرين عليها، بعد قرنين من السيطرة واستباحة الدماء.
لماذا لم يعاقب الله القرامطة على استباحة المسجد الحرام كما فعل بأصحاب الفيل؟
يجيب ابن كثير على هذه الشبهة في "البداية والنهاية" قائلًا أن أصحاب الفيل عوقبوا إظهارًا لشرف البيت ولما يراد به من تشريف بإرسال النبي صلى الله عليه وسلم من البلد الذي فيه البيت الحرام، فحين أراد أبرهة إهانة هذه البقعة التي يرغب الله سبحانه وتعالى في تشريفها بإرسال نبي، أهلك جيشه سريعًا، ويقول ابن كثير أنه حينها لم تكن هناك شرائع مقررة تدل على فضله، ولو دخلوه وخربوه لأنكرت القلوب فضله.
أما ما فعله القرامطة فكان بعدما قررت الشرائع وضعت القواعد وأصبح من المعلوم من الدين بالضرورة شرف مكة والكعبة، يقول ابن كثير، مشيرًا إلى أن كل مؤمن يعلم أنهم قد ألحدوا بالحرم إلحادًا بالغًا وعظيمًا، ولذا لم يكن الحال يقتضي مالجتهم بالعقوبة، بل أخرهم الله سبحانه وتعالى ليوم تشخص فيه الأبصار، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته"، ثم قرأ قوله تعالى: " وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ".
وقال: "لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ، مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ "
فيديو قد يعجبك: