لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الصيام مدرسة الإخلاص

مركز الأزهر العالمي للرصد والإفتاء الالكتروني

الصيام مدرسة الإخلاص

09:04 م الخميس 29 أبريل 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع


بقلم: د. محمد عبد العزيز مشعل
عضو قسم البحوث والنشر بمركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى الإلكترونية


فإن الإخلاص هو أساس العمل ومفتاح قبوله عند الله - تعالى -، قال - عَزَّ مِن قائلٍ -: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [البينة: 5]، فما هو الإخلاص؟

يعرّفه إبراهيم بن أدهم بأنه "صدق النية مع الله"، ويعرفه القشيري بأنه: " إفراد الحق - سبحانه - في الطاعة بالقصد، وهو أن يريد بطاعته التقرب إلى الله دون شيء آخر من تصنعٍ لمخلوق، أو اكتسابِ مَحْمَدَةٍ عند الناس، أو محبة مدحٍ لمخلوق، أو معنى من المعاني سوى التقرب إلى الله - تعالى -"، ويرى العز بن عبد السلام أن الإخلاص هو "أن يفعل المكلف الطاعة لله وحده، لا يريد بها تعظيمًا من الناس ولا توقيرًا، ولا جلب نفع ديني، ولا دفع ضرر دنيوي".

من خلال ما سبق من تعريفات الإخلاص؛ يتبين أن كل عبادة لا بُدَّ وأن تكون مصحوبة بالإخلاص؛ فتكون خالصة له -سبحانه-، لا يشوبها رياء، قال تعالى: ﴿أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾[الزمر:3]؛ وهذا ما أكده الحبيب - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل إمرئ ما نوى) [صحيح البخاري].

وإذا كان العبد مطالبًا بالإخلاص في كل عبادته، فإن هذه المطالبة في الصيام أشد وأظهر؛ فالمتأمل حقيقة الصيام يرى بجلاء ووضوح تام دور الإخلاص ومحوريته في القبول والجزاء والثواب.

ولمّا كان الإخلاص عملًا قلبي لا يطلع عليه سواه -جل وعلا-؛ كان جزاء الصوم منه -سبحانه-؛ كما جاء في الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له؛ الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به).

يقول القرطبي في تفسيره: " إنما خص الصوم بأنه له -سبحانه- وإن كانت العبادات كلها له لأمرين باين الصوم بهما سائر العبادات؛ أحدهما: أن الصوم يمنع من ملاذ النفس وشهواتها ما لا يمنع منه سائر العبادات، الثاني: أن الصوم سر بين العبد وبين ربه لا يظهر إلا له، فلذلك صار مختصًّا به، وما سواه من العبادات ظاهر، ربما فعله تصنعًا ورياءً، فلهذا صار أخص بالصوم من غيره".

وإذا تقرر أن الصيام لا يكون إلا خالصًا له -سبحانه-، فإن مما يعين المؤمن على تحقيق ذلك استشعاره مراقبة الله -عز وجل-، وأن يدرك جيدًا محورية الإخلاص في القبول، فلا صوم بلا إخلاص، ولا فائدة من تحقيق الصيام ظاهرًا لا باطنًا، ولعل هذا يفسره قوله - صلى الله عليه وسلم -: (رُبّ صائم حظه من صيامه الجوع والعطش).

وبإيجاز فالصيام مدرسة الإخلاص، لذا ينبغي أن نستثمره لتحقيقه والتلذذ به، وأن نخرج من الصيام بتعزيز النفوس وتربيتها على معانيه، ومن ثمّ تطبيقه في سائر العبادات والمعاملات، فبالإخلاص يتحقق العمل، وبه يحصل الثواب العظيم، والفوز الكبير بفضل الله - تعالى - ورحمته وعفوه.

إعلان

إعلان

إعلان