مع بدء قيادة السعوديات للسيارة.. تعرف على فتوى المنع وفتوى الإباحة
القاهرة- مصراوي:
تعد قيادة المرأة للسيارة في السعودية قضية انفردت فيها المملكة بكونها البلد الوحيد في العالم الذي كان يمنع النساء من قيادة السيارات، وكان عدم السماح للإناث بالقيادة قائماً بحكم الأمر الواقع في عدم إصدار رخص قيادة لهن، بالرغم من عدم وجود قانون صريح يمنع المرأة من القيادة. وقد شهدت القضية جدلاً كبيراً في المجتمع السعودي، وشغلت الرأي العام لفترات متفاوتة، وكان منع النساء السعوديات من القيادة أحد نقاط الانتقاد الرئيسية التي تعرضت لها الحكومة السعودية في مجال حقوق الإنسان والمساواة بين الأجناس من المنظمات الحقوقية، إلا أنه في 26 سبتمبر 2017 أمر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز بمنح النساء حق القيادة، وشمل القرار على توجيه إدارة المرور بالبدء في إصدار رخص القيادة للنساء في 24 يونيو 2018.
ويرصد "مصراوي" في التقرير التالي فتاوى وآراء رجال الدين السعوديين التى حرمت قيادة المرأة للسيارة، ثم موافقة هيئة كبار العلماء والمؤسسات الدينية الرسمية على تولي المرأة قيادة السيارة بنفسها وبين فتويي المنع والموافقة حمل المجتمع السعودي ووسائل التواصل الاجتماعي الكثير من الجدل والاختلاف في الآراء بين الرفض والتأييد.
آراء رجال الدين ترفض قيادة المرأة للسيارة
في أثناء فترة المنع، كان قد أفتى عموم مشائخ السعودية السُنة بتحريم قيادة المرأة للسيارة. وقد أصدرت هيئة كبار العلماء فتاوى عديدة بتحريمها تحت رئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز. وقد جاء في نصها:
"معلوم أن قيادة المرأة للسيارة تؤدي إلى مفاسد لا تخفى على الداعين إليها، منها: الخلوة المحرمة بالمرأة، ومنها: السفور، ومنها: الاختلاط بالرجال بدون حذر، ومنها: ارتكاب المحظور الذي من أجله حرمت هذه الأمور، والشرع المطهر منع الوسائل المؤدية إلى المحرم واعتبرها محرمة، وقد أمر الله جل وعلا نساء النبي ونساء المؤمنين بالاستقرار في البيوت، والحجاب، وتجنب إظهار الزينة لغير محارمهن لما يؤدي إليه ذلك كله من الإباحية التي تقضي على المجتمع قال تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) [ سورة الأحزاب- الآية 33]... وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما)، فالشرع المطهر منع جميع الأسباب المؤدية إلى الرذيلة بما في ذلك رمي المحصنات الغافلات بالفاحشة، وجعل عقوبته من أشد العقوبات صيانة للمجتمع من نشر أسباب الرذيلة.
وقيادة المرأة من الأسباب المؤدية إلى ذلك، وهذا لا يخفى، ولكن الجهل بالأحكام الشرعية وبالعواقب السيئة التي يفضي إليها التساهل بالوسائل المفضية إلى المنكرات - مع ما يبتلي به الكثير من مرضى القلوب من محبة الإباحية والتمتع بالنظر إلى الأجنبيات، كل هذا يسبب الخوض في هذا الأمر وأشباهه بغير علم وبغير مبالاة بما وراء ذلك من الأخطار...".
كما انتقد رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبد العزيز آل الشيخ الصحف التي تتناول القضية مدافعاً عن الحقوق التي تنالها المرأة في السعودية. كما أفتى عضو هيئة كبار العلماء الشيخ صالح الفوزان بتحريمها، معللاً رفضه أن "المحاذير كثيرة وأخطر شيء أنها تعطيها الحرية بأن تأخذ السيارة وتذهب إلى من تشاء من رجال ونساء". كما أفتى الشيخ محمد بن عثيمين بتحريمها قائلاً: لا شك أن قيادة المرأة للسيارة فيها من المفاسد الكبيرة ما يربو على مصلحتها بكثير هذا فضلاً عن أنها ربما تكون سلماً وباباً لأمور أخرى ذات شرور فتاكة وسموم قاتلة".
قيادة المرأة للسيارة بموافقة رجال الدين
وبعد صدور قرار السماح لقيادة المرأة في السعودية في 26 سبتمبر 2017 وأمر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز بمنح النساء حق القيادة، وتوجيه إدارة المرور بالبدء في إصدار رخص القيادة للنساء، قامت هيئة كبار العلماء بالمملكة بتأييد قرار الملك وتوجهات ولي العهد السعودي الأمير محمد بين سلمان الإصلاحية.
كانت هيئة كبار العلماء السعوديين قد أعلنت- وفق العربية نت- أنه بخصوص قيادة المرأة السعودية للسيارة، فإن ما رآه أغلبية أعضاء هيئة كبار العلماء بشأن قيادة المرأة للمركبة من أن الحكم الشرعي في ذلك هو من حيث الأصل الإباحة، موضحة أن مرئيات من تحفظ عليه تنصب على اعتبارات تتعلق بسد الذرائع المحتملة التي لا تصل ليقين ولا غلبة ظن، وأنهم لا يرون مانعاً من السماح لها بقيادة المركبة في ظل إيجاد الضمانات الشرعية والنظامية اللازمة لتلافي تلك الذرائع ولو كانت في نطاق الاحتمال المشكوك فيه.
وقال الأمر السامي: "لكون الدولة هي حارسة القيم الشرعية فإنها تعتبر المحافظة عليها ورعايتها في قائمة أولوياتها، سواء في هذا الأمر أو غيره، ولن تتوانى في اتخاذ كل ما من شأنه الحفاظ على أمن المجتمع وسلامته. لذا اعتمدوا تطبيق أحكام نظام المرور ولائحته التنفيذية، بما فيها إصدار رخص القيادة، على الذكور والإناث على حد سواء، وأن تشكل لجنة على مستوى عال من وزارات (الداخلية والمالية والعمل والتنمية الاجتماعية) لدراسة الترتيبات اللازمة لإنفاذ ذلك، وعلى اللجنة الرفع بتوصياتها خلال ثلاثين يوماً من تاريخه، ويكون التنفيذ اعتباراً من 10 / 10 / 1439 هـ ووفق الضوابط الشرعية والنظامية المعتمدة، وإكمال ما يلزم بموجبه".
جدل وانقسام مجتمعي
ورغم بدء القرار الملكي بالسماح بقيادة المرأة فعلياً بإصدار تراخيص القيادة للنساء السعوديات في 24 يونيو 2018، إلا أن الجدل وتباين الآراء بين مؤيد ومعارض لايزال قائماً بين رواد مواقع التواصل، خاصة تويتر وفيسبوك، الأمر الذي دعا هيئة كبار العلماء السعوديين فى تغريدة على "تويتر" لتوصية المواطنين بالتقيد بالأنظمة والتعليمات، مشيرة إلى أن "الدولة سنت من الأنظمة ما يكفل المحافظة على قيمنا الإسلامية التى تميز بها هذا الشعب السعودى الكريم الوفى لدينه وقيادته ووطنه"، وقالت: "إن خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، لا يتوانى فى اتخاذ ما من شأنه تحقيق مصلحة بلاده وشعبه فى أمر دينهم ودنياهم".
وكشف استطلاع حكومي سعودي حديث- نشرت نتائجه صحيفة الحياة السعودية- أن 60 في المائة من النساء السعوديات لديهن رغبة في قيادة السيارة عند تفعيل قرار القيادة في شهر يونيو الحالي، و31 في المائة من النساء ليست لديهن رغبة في قيادة السيارة، وأن 9 في المائة لم يحسمن أمرهن في هذا الجانب.
وبحسب الاستطلاع السعودي، بات المعارضون يتقبلون الوضع الجديد لأنه صادر بمرسوم ملكى، وسيفيد العائلات التى ليس لديها سائق، فى المقابل يقول المؤيدون إن القرار إجراء ضرورى فى ظل الانفتاح الذى تعيشه المملكة، التى فرضت الحظر على استخراج رخصة القيادة للسيدات منذ عام 1957
فيديو قد يعجبك: