باقة الستر الإلهية لا تنفد فاحرص على الاستخدام العادل
كتب- أحمد الجندي:
نعم الله علينا كثيرة، وفضائله وفيرة، لا أول لمبتداها، ولا آخر لمنتهاها.. فهي لجسامتها لا يحدها حد، ولكثرتها لا يبلغها عد، والمسلم دائما في حاجة لتذكر هذه النعم ليعرف قدره، ويشكر ربه؛ فإن الشكر قيد النعم.
والنعمة التي نريد التحدث عنها اليوم واحدة من أجل هذه النعم، نعمة لا يتفكر فيها عبد إلا زاد لله حبه، وكثر منه حياؤه، وانكسر بين يدي ربه، وتواضع له سبحانه. ألا وهي نعمة الستر.
فالستر نعمة عظيمة، ومنة جسيمة، لو كشفها الله عنا لافتضحنا، ولما نظر أحدنا إلى وجه أخيه، ولعمت العداوة والبغضاء بين الخلق أجمعين.
يقول ابن الجوزي رحمه الله: "اعلم أن الناس إذا أعجبوا بك فإنما يعجبون بستر الله عليك"، ولو أن الله نشر ما ستر لما نظر أحد إلى أحد، ولما استمع أحد إلى أحد.
والستر من نعم الله السابغة: كما قال ابن عباس في قوله تعالى: {وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة}، قال النعمة الظاهرة: ما أحسن من خلقك. والنعمة الباطنة: ما ستره من سيء عملك.
صور للستر:
إن ستر الله على عباده لا يقف فقط عند ستر عيوبهم وذنوبهم وفضائحهم وإخفائها عن عيون الناس، بل الستر أكبر من هذا بكثير.. فمن صوره:
- أن يغني عبده ويرزقه ما يكفيه؛ ليحفظ به وجهه أن يبذله لأحد، أو أن يحوجه فيمد يديه للناس.
- ومن ستره أن يعافيه في بدنه وسمعه وبصره، فلا يصيبه مرض يحوجه إلى من يقيمه ويقعده، أو يسقيه ويطعمه، أو يذهب به إلى الخلاء فترى عورته.
- ومن ستره أن يعافي العبد في عرضه في بناته وزوجاته ونسائه وأهل بيته، فلا يأتي منهم ما يفتضح به بين الخلق، ويشين ذيله بين العباد، ويكسر نفسه، ويرغم أنفه.
- وأعظم أنواع الستر أن يديم عليه إيمانه فلا ينقضه عليه؛ فيفتضح يوم الدين بين يدي ربه ونبيه والمسلمين والخلق أجمعين.
فإياك وما ستر الناس عليه بيوتهم، وإياك والتحسس والتجسس فإنه مفسد لدينك، ومفسد لأخلاق الناس؛ فقد قال أبو الدرداء رضي الله عنه:" سمع معاوية كلمة من النبي صلى الله عليه وسلم نفعه الله بها: قال معاوية رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم].
فيديو قد يعجبك: