حول أزمة فتوى "جماع الوداع"
بقلم – هاني ضوَّه :
عاصفة من الانتقادات اجتاحت وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي، عقب تصريحات نسبت إلى الدكتور صبري عبدالرؤوف- أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف- في احدى البرامج الفضائية بأنه أجاز أن يجامع الرجل زوجته بعد وفاتها فيما يعرف بـ جماع الوداع.
تلك الأزمة المفتعلة من قبل وسائل الإعلام أدت إلى حالة كبيرة من الجدل، وللأسف قليل هم من حاولوا استيضاح الحقيقة واستجلائها، ولكن الغالبية العظمى انساقت وراء أخبار غير دقيقة سعت وراء الإثارة من أجل تحقيق مشاهدات وانتشار.
كان من المهم أن استمع أكثر من مرة إلى مقطع الفيديو الذي وردت فيه هذه التصريحات المثيرة للجدل لاستجلي الحقيقة التي كثيرًا ما تزيفها بعض وسائل الإعلام الغير مسؤولة لتثير بلبلة نحن في غنىً عنها، وبعد استماعي خلصت إلى الآتي:
أولاً: الدكتور صبري لم يقل أبدًا بجواز معاشرة الرجل لزوجته بعد موتها فيما يسمى بـ جماع الوداع.
ثانيًا: الدكتور صبري خلال الحلقة أجاب عن جزئية محددة وهي هل إذا حدث هذا الفعل الشاذ يعتبر زنا؟ من حيث العقوبة والجرم الشرعي، فقال لا تعد عقوبته عقوبة زنا -وهذا هو رأيه الفقهي-. (يقصد من حيث الجرم والعقوبة كحد زنا).
ثالثًا: الرجل أكد أكثر من مرة أن هذا الأمر شاذ، وتعافه الأنفس، ولا تقبله النفس البشرية، وأنه لولي الأمر أن يعزر (يعاقب) من يقوم بهذا الفعل الشاذ. والعقوبة دليل التحريم والجرم. إذا فالرجل لم يقل أن هذا الفعل حلال.
رابعًا: مذيع الحلقة- من وجهة نظري- هو من تسبب في هذه الأزمة، حيث حاول أن يستدرج الدكتور صبري ويوهم الناس أنه يقول إن هذا الفعل مباح، وللأسف الدكتور صبري لم ينتبه لهذا الأمر وأجاب على سجيته على جزئية هل يعتبر الفعل زنا أم لا؟ والتوضيح أن هذا الأمر شاذ مما أظهر الأمر على غير حقيقته.
خامسًا: في مداخلات تلفزيونية كثيرة عقب هذه الأزمة أوضح الدكتور صبري عبدالرؤوف بوضوح تام أنه لم يقل أبدًا بأن هذا الفعل حلال، وأكد أنه حرام قطعًا وأنه فعل شاذ ويستحق العقاب التعزيري من ولي الأمر.
سادسًا: لا يقول بهذا القول عاقل، ولا يعقل كذلك أن يقوله الدكتور صبري عبدالروؤف الذي يعد واحدًا من كبار علماء الفقه المقارن.
سابعًا: كان على الدكتور صبري عبدالرؤوف أن يكون أكثر حرصًا ووضوحًا في كلماته وتوضيحاته خاصة عند التعامل مع وسائل الإعلام، لأن بعض القنوات والمواقع والصحف غير المسؤولة لا هم لها إلا الإثارة وجذب الانتباه إليها حتى لو كان الأمر باطلًا مثلما حدث.
بعد هذه المشاهدات أعتقد أنه يجب أن تنتهي هذه الأزمة الجوفاء التي افتعلتها وسائل الإعلام من لا شئ.
كما يجب على وسائل الإعلام أن تتحرى الدقة والشفافية عند نقل مثل هذه الأمور التي تشوه الأشخاص والمؤسسات بل تشوه الدين الإسلامي، وأن تتحرى الأمر من مصدره الأصلي قبل الكتابة عنه، لأنه من المفترض أن سائل الإعلام يكون هدفها الإنارة لا الإثارة.
فيديو قد يعجبك: